الثلاثاء 21 اكتوبر 2025

تحقيقات

القمة المصرية الأوروبية.. مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الاستراتيجية

  • 21-10-2025 | 15:13

القمة المصرية الأوروبية

طباعة
  • أماني محمد

تأتي القمة المصرية الأوروبية، المرتقبة غدا في العاصمة البلجيكية بروكسل، لتحمل أهمية خاصة، لكونها الأولى من نوعها، حيث أكد خبراء أن هذه القمة تاريخية وستمثل دفعة قوية ومرحلة جديدة من العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، في ظل ما يربط الجانبين من علاقات عميقة ومجالات للتعاون على كافة المستويات، موضحين أن القمة ستشهد تعزيز أطر التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.

ويشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في القمة، حيث يأتي انعقادها تتويجًا لمسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم إطلاقها رسميًا في القاهرة في مارس 2024، ومن المقرر أن يجري على هامش الزيارة، سلسلة من اللقاءات المهمة مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى عدد من القادة الأوروبيين، كما سيعقد لقاءً مع ملك بلجيكا.

وتهدف زيارة الرئيس لبروكسل إلى ترسيخ أطر التعاون والتنسيق السياسي مع الجانب الأوروبي وكذا مع بلجيكا إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تتضمن الزيارة شقاً اقتصاديًا محوريًا، حيث يُعقد على هامشها منتدى اقتصادي موسّع حول فرص الاستثمار في مصر، بمشاركة واسعة من كبريات الشركات الأوروبية وقيادات قطاع الأعمال، إلى جانب مناقشة الرؤية المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وعدد من الملفات الحيوية التي تحظى باهتمام مشترك.

 

دعم أوروبي لمصر

وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القمة المصرية الأوروبية، تاريخية وهي الأولى من نوعها، وتعد نتاج لتاريخ طويل من العلاقات والتعاون بين الجانبين، كان أبرز أوجهه توقيع الاتفاق المصري الأوروبي، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2004، وهو اتفاق يُعد من أهم أوجه المشاركة بينهما، موضحا أنه منذ ذلك الحين، تضاعفت صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي أربع مرات، وذلك بفضل الإعفاءات الجمركية التي وفرها الاتفاق.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هناك أوجه عديدة للتعاون في كل المجالات والتبادل التجاري، حيث أصبحت مصر أكبر مصدّر للبرتقال والموالح إلى دول الاتحاد الأوروبي، بما يفوق مليون طن، بالإضافة إلى أكثر من مليون طن من البطاطس، ناهيك عن باقي الخضروات والفواكه، كل هذا شكّل دفعة قوية لصادرات مصر إلى الاتحاد، وكذلك التبادل التجاري بينهما.

وأضاف أنه ضمن إطار التعاون بين الجانبين والاتفاقات المشتركة، تم تشكيل ست لجان فنية متخصصة، منها لجان لمتابعة تطور التجارة، والاستثمار، وللحوار الثقافي في إطار تقريب الثقافات، ولجنة للطاقة والبيئة، موضحا أن هذه اللجان تجتمع سنويًا لتحديد الأولويات ومواجهة التحديات.

ولفت إلى أن القمة المصرية الأوروبية تعد تاريخية لأنها تعقد على مستوى القادة والزعماء، وهي الأولى من نوعها، حيث أن الأوروبيين باتوا أكثر قربًا وتفاعلًا مع مصر، وهو ما ظهر جليًا طوال السنوات الماضية، وأخيرا في اجتماع شرم الشيخ للسلام الذي عقد الأسبوع الماضي بشأن إنهاء الحرب على غزة وفي ظل الدور المصري البارز في المنطقة، حيث يرى الأوروبيون أن مصر محور استقرار وأمن المنطقة العربية.

وأكد أن القمة ستناقش جدول أعمال محدد ومشاورات في مختلف المجالات، لتعزز أطر التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي خاصة بعد توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية العام الماضي، مضيفا أن القمة تناقش القضايا السياسية والاقتصادية، مثل الوضع في أوكرانيا، الحرب في الشرق الأوسط، وغزة، وغيرها من الملفات المهمة.

وأشار إلى أن بعض الدول الأوروبية عبّرت عن دعمها الكامل لمصر، وزادت حجم المساعدات المقدّمة لها، وهو مكسب كبير في حد ذاته، مضيفا أننا على أعتاب مرحلة غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، إذ من المتوقع أن يُعقد اجتماع على مستوى رؤساء الدول، وهي خطوة لم تصل إليها أي من دول البحر المتوسط حتى الآن.

وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة سيطرح ملفات مصر بقوة، حيث أن الدبلوماسية الرئاسية دائمًا أكثر تأثيرًا من مشاركة وزير بمفرده، موضحا أن كل هذا يمثل مكاسب حقيقية لمصر، بما يشجع الاتحاد الأوروبي على زيادة دعمه للاستثمار في مصر، واستقطاب مستثمرين جدد.

 

تعاون في كل المجالات

وقال الدكتور محمد شيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن القمة المصرية الأوروبية، الأولى من نوعها، تعقد في توقيت بالغ الحساسية، نظرًا لما تمر به المنطقة من تطورات إقليمية خطيرة، إلى جانب التحولات التي يشهدها النظام الدولي بشكل عام، موضحا أن القمة تأتي في إطار البحث عن آليات جديدة لتنظيم العلاقات بين مصر ودول القارة الأوروبية، وإعادة هيكلة مسارات التعاون بين الجانبين.

وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر لطالما أولت اهتمامًا كبيرًا بعلاقتها مع الاتحاد الأوروبي، وعملت خلال السنوات الماضية، وبشكل خاص منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في 2014، على بناء شراكات متعددة ومتميزة مع دول الاتحاد، مضيفا أن هذا الاهتمام انعكس في الزيارات التي أجراها الرئيس السيسي مؤخرًا إلى شمال أوروبا، وتحديدًا إلى كل من الدنمارك والنرويج، والتي جاءت بهدف فتح آفاق جديدة للتعاون مع شركاء أوروبيين جدد، بعيدًا عن النمط التقليدي الذي كان يتركّز على دول جنوب أوروبا ومنطقة البحر المتوسط.

وأكد الشيمي أن القمة تعكس رغبة مصر في توسيع مجالات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وتشمل عددًا من الملفات المهمة، على رأسها، التعاون الاستثماري، حيث تمتلك مصر خططًا طموحة وخريطة استثمارية واعدة، وتسعى باستمرار إلى دعوة الشركاء الأوروبيين للمساهمة في هذه الفرص، وهو ما يقابله تجاوب واضح ودعم من جانب العديد من دول الاتحاد.

ولفت إلى أن ملف التعاون الثقافي والتعليمي، من أهم ملفات القمة، حيث تُولي مصر اهتمامًا كبيرًا لتوطيد علاقاتها في المجالات الثقافية والتعليمية، مشيرا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات بين وزارة التعليم العالي وعدد من الجامعات والمراكز البحثية الأوروبية، بما يعكس توجهًا مصريًا استراتيجيًا نحو تطوير هذا التعاون.

وأضاف أن القمة ستبحث أيضا التعاون الاقتصادي والسياسي، فإلى جانب الجانب الاقتصاد، تهتم مصر بتعزيز العلاقات في المجالات الصناعية والزراعية، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يدعم المواقف المصرية، خاصة في القضايا الإقليمية والدولية، ومنها الأزمات في العالم العربي وتداعيات التغيرات في النظام الدولي، ومن المهم استمرار التنسيق والتشاور في كافة القضايا لتأكيد الدعم للموقف المصري.

وأشار إلى أن قمة شرم الشيخ للسلام، عكست هذا الاهتمام المتبادل، من خلال مشاركة عدد كبير من قادة الدول الأوروبية، ما يدل على الحرص المشترك على تبادل وجهات النظر والتنسيق المستمر، خاصة في ظل تطورات مقلقة تشهدها المنطقة، مثل الوضع المتأزم في قطاع غزة، حيث تُعاود إسرائيل عملياتها العسكرية رغم التوصل لوقف إطلاق النار، وهو ما يضاعف من المسؤوليات الملقاة على السياسة الخارجية المصرية لترسيخ الاتفاق وإنهاء الحرب بشكل دائم.

ولفت إلى أنه على صعيد التعاون العسكري، فإن مصر منذ تولي الرئيس السيسي تولي اهتمامًا متزايدًا بإقامة شراكات دفاعية مع الدول الأوروبية، ويُتوقع أن يكون هذا الملف مطروحًا بقوة خلال القمة، إلى جانب الملفات الاقتصادية والسياسية والثقافية، مؤكدا أنه المتوقع أن تكون هذه القمة حافلة بالملفات واللقاءات المهمة، وستُسهم بشكل كبير في رسم ملامح المرحلة القادمة من إدارة مصر لعلاقاتها الدولية وتنسيقها الإقليمي، في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة