ستبقى مصر مصدر إلهام لبناء الهياكل والمعالم الأثرية الحديثة كافة، ويعد تمثال الحرية التي تحتفل الولايات المتحدة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بالذكرى الـ136 لتدشينه أحد هذه التماثيل، والذي أُزيح عنه الستار في 28 أكتوبر 1886، ويعد عملًا فنيًا نُحت استثنائيًا، وأهدته فرنسا إلى الولايات المتحدة هدية تذكارية، ليستقر التمثال في موقعه المطل على خليج نيويورك، ويكون رمزًا للترحاب بجميع زوار البلاد.
وترجع قصة إنشاء تمثال الحرية إلى الخديوي إسماعيل، الذي حكم مصر بين عامي 1863 و1879، بعد أن طلب من النحات الفرنسي فريدريك بارتولدي تصميم تمثال بطول 100 متر يحمل مشعلًا في يده اليسرى، على أن يُوضع في مدينة بور سعيد عند مدخل قناة السويس، التي كانت تستعد للافتتاح.
وبعد أن أنهى فريدريك بارتولدي عمل التمثال، طلب أجرًا كبيرًا، الأمر الذي شكّل تحديًا للخديوي إسماعيل في ظل الديون التي كانت تعاني منها مصر نتيجة شق القناة.
لم يتمكن الخديوي إسماعيل من نقل التمثال إلى مصر، إذ كانت تكلفة النقل تصل إلى حوالي 600 ألف دولار، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
وعرض فريدريك بارتولدي التمثال على الحكومة الفرنسية، التي اشترته بالفعل، وقدمته هدية لأمريكا بمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لحرب الاستقلال، قام الأمريكيون بجمع التبرعات لبناء قاعدة التمثال ومرافقه، وتم افتتاحه بحضور الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند في 28 أكتوبر 1886، في احتفال مهيب.
"مصر تجلب النور إلى آسيا"
كان عنوان العمل الذي وضعه بارتولدي هو "مصر تجلب النور إلى آسيا"، على هيئة فلاحة مصرية تحمل شعلة عند مدخل قناة السويس، وقد صمم شخصية امرأة فلاحية مصرية يبلغ طولها تسعين قدمًا، وذراعها مرفوعة، وتحمل شعلة في يدها وترتدي "جلابية".
وبعد سنوات، أعاد بارتولدي صياغة الفكرة، واستبدل الفلاحة المصرية بسيدة تمثل الحرية، مرتدية عباءة رومانية، حاملة مشعلًا يرمز إلى النور، ولوحًا نقش عليه تاريخ استقلال أمريكا 4 يوليو 1776.