الإثنين 20 مايو 2024

المايسترو ناير ناجى قائد أوركسترا بالأوبرا حققت أحلام «سيد درويش» بوصول أغانيه للعالمية..!

10-1-2018 | 14:42

حوار يكتبه: محمد رمضان


“أحلام الطفولة والصبا”.. نمت بين الرجاء والتمنى داخل الطفل ناير ناجى لكى يصبح مايسترو يقود الأوركسترات العالمية فى جميع أنحاءالعالم، ناير يجتر ذكرياته مع أعياد الميلاد أثناء حواره معى عن سر سعادته بلمة العيلة داخل بيت أبيه فى الإسكندرية وفرحته بالربع جنيه الجديد كعيدية..! يعتز ناجى بأنه بلديات موسيقار الشعب “سيد درويش” ويرى أن تبنيه لفكرة مشروع “أغانى بالعربى” بإعادة توزيع بعض أغانى الفنان خالد الذكر سيد درويش، لكى تتناسب مع أداء فرقته الخاصة “كورال القاهرة الاحتفالى” جعلته يحقق حلم درويش بالوصول بأغانيه إلى العالمية، يعترف ناير بالرغم من أنه إسكندرانى الميلاد والنشأة إلا أنه من جذور صعيدية.. وأنه حريص بين الحين والآخر على إقامة حفلات فى الصعيد لمواجهة الإرهاب وضربه فى مقتل بتصحيح المفاهيم الخاطئة، ويرى أن الفنون الراقيه التى يقدمها لابدوأن تدعم مفهوم الوحدة الوطنية ليس فقط بين الملسمين والأقباط ولكن يجب أن تشمل كل فئات وأطياف المجتمع



سألت المايسترو ناير ناجى ما أهم ذكرياتك مع أعياد الميلادعلى المستوى الإنسانى والفنى؟!


ارتبطت ذكرياتى بأعياد الميلاد المجيدة منذ طفولتى، حيث كنا نجتمع فى بيت العائلة بالإسكندرية، إلى جانب أن جزءًا من عائلتى القاهرية يأتى إلينا فى الإسكندرية لقضاء إجازة العيد وكنت أحصل على عيدية من والدى ربع جنيه “الجديد”.


وبإلاضافة إلى لمة العائلة كنا نحضر الاحتفالات بالعيد داخل الكنيسة نفسها، وخاصة الاحتفالات الفنية التى كانت تقدم من ترانيم وأعمال أخرى مناسبة لعيد الميلاد كنت أنتظرها كل عام قبل امتهانى للفن والموسيقى.


لكن طبيعة احتفالاتنا اختلفت الآن عن السنوات الماضيه لأن أغلبية عائلتى أصبحت تعيش فى الخارج ما بين “أوربا، أمريكا وكندا” فأصبح احتفالنا بالعيد يقتصر على عائلتى الصغيرة المكونه من زوجتى وأبنائى كريم ١٨ سنة الذى يدرس فى ألمانيا وباسل ١٣سنة.


لكن بلاشك أن وسائل التواصل الاجتماعى قربت بيننا المسافات لكن طبيعة إحساسنا بالاحتفال بالأعياد لم تعد بنفس المذاق أيام الطفولة والصبا.


هل سبق لك قيادة الأوركسترا أثناء الاحتفال بأعياد الميلاد فى الخارج؟ وما هو الفرق الذى لمسته بين قيادتك للأوركسترا فى الداخل والخارج؟


الحقيقة بقدر قيادتى لأوركسترات وكورالات فنية خارج مصر، إلا أننى كنت حريصًا على قيادة الأوركسترا بدار الأوبرا المصرية حتى أثناء دارستى فى باريس لقيادة الأوركسترا فى الفترة ما بين عامى “٢٠٠٠- ٢٠٠١ “، حيث كنت حريصاً على العودة إلى القاهرة لقيادة الأوركسترا أثناء حفل الكريسماس السنوى بدار الأوبرا المصرية.. لكننى لم أقد أعمالا موسيقية أثناء الاحتفال بالكريسماس خارج مصر، لكننى قمتبقيادة أعمال كثيرة جداً هناك بعيداً عن أعياد الكريسماس.


ومن أهم الأشياء التى لمستها فى الخارج أن هناك اختلافا كبيراً جداً فى الأوركسترات من حيث أسلوب التعليم واعتمادهم على العمل الجماعى والانضباط فى مواعيد البروفات، وهذا يرجع إلى موروثهم الثقافى..فى حين أن ما يميزنا عن الأوربيين هو أن روح العمل الموسيقى مختلفة، لأننا نشعر بأن ما نقدمه فى مجال الموسيقى الكلاسيكية يحمل رسالة.. لأننا نعتبر أن العمل فى مجال الفنون الرفيعة داخل الدول النامية يعد بمثابة رسالة تعليمية وتثقيفية، وهذا ما نستشعره عندما نقدم الموسيقى الكلاسيك داخل مصر عنتقديمنا لها فى الخارج، لأن الجمهور المصرى متعطش لسماع الفنون الرفيعة بشكل عام عكس جمهور الغرب الذى اعتاد على الاستماع لها.


كيف يمكن توظيف الموسيقى الكلاسيك من خلال قيادتك للأوركسترا لترسيخ المفهوم الصحيح للوحدة الوطنية داخل المجتمع المصرى؟!


الفن الرفيع بشكل عام تختفى فيه الطبقية واختلاف العقائد والجنسيات، لأن الموسيقى لغة تتجاوز كل الحدود السياسية وتتوحد من خلالها لغات ولهجات الشعوب، ولكن بالنسبة لمصر فمن خلال تأسيسى لكورال القاهرة الاحتفالى فى عام ٢٠٠٠ يوجد به جميع العقائد والجنسيات والديانات ونقدم أعمالا كورالية عالمية ونسافر من خلال هذا الكورال لتمثيل مصر فى المهرجانات والاحتفالات الدولية.


وكلمة وحدة وطنية بالنسبة لى لا تعنى وجودها فقط بين مسيحى ومسلم ولكننى أتعامل مع هذا المفهوم بمنظور أشمل وأعم، حيث أهدف من خلال فنى وهذا الكورال إلى وجود وحدة بين جميع طوائف وطبقات المجتمع المصرى المختلفة وبين المستويات الاجتماعية والفكرية المتباينة وليست فقط بين العقائدالدينية.. وأرى أن كورال القاهرة الاحتفالى خير من يمثل المجتمع المصرى بشكل عام ويدعم جدا مفهوم الوحدة الوطنية بين جميع أطياف الشعب المصرى من خلال تقديمه للفنون الراقية.


يقال أنك قائد لأوركسترا كنائسى، فهل هذا كان بهدف تحويل الترانيم الكنائسية إلى فن يستقطب بعض المسلمين من أجل تعريفهم بالمحتوى الفكرى للمسيحية؟!


لست قائداً لفرقة كنائسية ولكن أثناء دراستى بالجامعه فى الإسكندرية كان لدينا فرقة للترانيم داخل الكنيسة وكان الهدف منها تقديمنا للترانيم والتسابيح بشكل حديث “مودرن” إلى حد ما وبعد انتهائنا من الدراسة الجامعيه تفرقنا.. ولكننى قمت بقيادة كورال لعدة كنائس بمختلف أنحاء الجمهورية علماً بإن كورال القاهرة الاحتفالى الذى أسسته لا يتبع أى كنيسة وليس له علاقة بالأشكال الكنائسية ولكنه يقيم أحياناً احتفالات داخل الكنائس، لأنه يقدم أعمالا كوراليه عالمية، لكنه لا يتبع أى كنيسة ولأ أى جهة أخرى لكونه كورالا خاصا تم تكوينه بهدف تقديم الأعمال الكورالية العالمية إلى جانب أننا نستخدمه فى تغيير مفهوم الغرب عن الشخصية المصرية.


هل يمكن للأوركسترا تقديم أعمال موسيقية مصرية تعكس الصورة الحقيقية للشخصية المصرية التى ينظر إليها الغرب على كونها إرهابية؟!


بالفعل نقدم الأعمال الموسيقية المصرية أثناء اشتراكنا فى المهرجانات العالمية لكى نعبر للغرب بأن موسيقانا التى تعبر عن ثقافتنا النابعة من حضارتنا المصرية وأنه لنا باع طويل فى الموسيقى الكلاسيكية منذ القرن التاسع عشر، خاصة بعد ما طلب الخديو إسماعيل من المؤلف الإيطالى فيردى كتابة عمل أوبرالى لكى يتم تقديمه فى حفل افتتاح قناة السويس فكتب أوبرا “عايدة”


فموسيقانا الكلاسيكية موجودة منذ القرن التاسع عشر وربما قبل هذا التاريخ أيضا.


ولذلك نقوم بتقديم موسيقانا المصرية الكلاسيك من خلال سفر أوركسترا القاهرة السيمفونى إلى الخارج، حيث يقوم بجولة فنية عالمية بعد انتهاء الموسم الأوبرالى المصرى، حيث يقدم الأعمال العالمية إلى جانب الأعمال المصرية.. ومن خلال كورال القاهرة الاحتفالى قدمنا فى الخارج بعض الأعمال التى تم توظيفها موسيقياً بما يتناسب مع الكورال من خلال بعض أعمال فنان الشعب “سيد درويش”.. وهذا خير سفير للموسيقى المصرية فى الخارج.. وقد جاءت إلى فكرة إعادة توزيع بعض أغانى “سيد درويش” بعد اشتراكى بمهرجان مغربى إسبانى لعدة سنوات كقائد للأوركسترا هناك، حيث طلبوا منى تقديم عمل يعبر عن الموسيقى المصرية فوجدت أن أغانى “سيد درويش” هى أكثر ما يعبر عن الموسيقى المصرية، فبدأت فى عمل إعادة توزيعات صوتية لكى تتناسب مع الكورال، وبالفعل قدمنا “طلعت يا محلى نورها” كأول أغنية تم توزيعها بأصوات متعددة من خلال كورال القاهرة الاحتفالى، ثم تلى ذلك تقديمنا لإحدى عشرة أغنية أخرى نشترك بها فى المسابقات والمهرجانات العالمية، فأصبح لدينا مشروع غنائى أطلقنا عليه اسم “أغانى بالعربى” بتحويل بعض الأغانى المصرية إلى أعمال مغناة من خلال الكورال، فنحن قد استكملنا بذلك حلم سيد درويش فى كتابة أغانيه بشكل عالمى، حيث كان ينوى السفر إلى إيطاليا لدراسة الموسيقى هناك، لكن القدر لم يمهله الفرصة لتحقيق حلمه لأنه توفى..!


هذا إلى جانب أن أوركسترا القاهرة السيمفونى.. يقدم أعمالا عالمية لبيتهوفن وموتسارت من خلال الأوبرات والباليهات، وبالتالى يحدث نوعا من التبادل الثقافى بين موسيقانا التى نقدمها إلى جانب احتكاكنا بالفرق العالمية الأخرى التى نستضيفها داخل مصر.


كم عدد أعضاء كورال القاهرة الاحتفالى من موسيقيين وكورال؟ وكم عدد الحفلات التى يقدمها؟


عدد أعضاء كورال القاهرة الاحتفالى ١٢٠ عضواً.. يقيم هذا الكورال حفلات فى كل مكان ونشاطه الفنى ليس مقصورا فقط داخل الكنائس ويقدم الأعمال الكورالية العالمية مثل قداس موتسارت وبيتهوفن، لأن كل المؤلفين الموسيقيين لحنوا القداديس وأحياناً نقدمها داخل كنيسة “البازيليك” فى مصر الجديدة أو فى كنيسة القديسين فى الزمالك ويحضرها الجميع وليس فقط الجمهور الكنائسى، لأن نفس هذا الكورال مكون من جميع العقائد والجنسيات، وما نقدمه من أعمال كورالية ليست دينية فقط ولكننا نقدم أعمالا فنية مختلفة نسافر بها لتمثيل مصر فى المهرجانات العالمية.


ما هى خططك الفنية فى العام الجديد؟!


هذا الموسم الأوبرالى على وجه التحديد مزدحم جدا منذ شهر يناير، حيث يبدأ بحفلة مع الفنان صبحى بدير وفرقة الأصدقاء ثم باليه بحيرة البجع مع فرقة بالية أوبرا القاهرة وأوركسترا أوبرا القاهرة لمدة أربع ليالى ثم أوبرا “لأترافياتا” ثم نأتى إلى مسك الختام، حيث أقدم حفلتين مع الفنان عمرخيرت وفى فبرايرالقادم لدى حفلة مع أوركسترا القاهرة السيمفونى وتتوالى العروض ولدى حفلات مع كورال القاهرة الاحتفالى خلال شهرى مارس وإبريل ونأمل فى تمثيل مصر داخل مهرجان كبير للكورال فى جنوب إفريقيا خلال شهر يوليو القادم واحتمال أشارك فى أوبرا “الحفل التنكرى” فى طوكيو لفيردى، حيث تم دعوتى من قبل اليابان لقيادة أركسترا هذه الأوبرا.


ومن أهم أحلامى خلال العام الجديد أن نصل بفرقنا الفنية إلى مستوى متقدم عالمياً مثلما وصلنا فى الرياضة إلى كأس العالم من خلال اشتراكنا فى المهرجانات الدولية وحصولنا فيها على المراكز الأولى، وهذا ما أتمناه من خلال اشتراكنا فى مهرجان جنوب إفريقيا للكورال لكى نحقق نهضة ثقافية جديدة فىمجال الموسيقى والغناء.


رغم أنك من أصول صعيدية، إلا أن البعض يتساءل لماذا لم تسافر إلى الصعيد بدافع محاربة الإرهاب من خلال فنك الراقى؟!


بالفعل رغم أننى أعتبر نفسى إسكندرانيا بحكم الميلاد والنشأة، حيث ولدت بالإسكندرية فى عام ١٩٧٠ ثمانتقلت إلى القاهرة فى عام ١٩٩٢ بسبب عملى فى الأوبرا علماً بإن جذورى صعيدية، حيث أن جدى من منطقة تقع جوار محافظة أسيوط اسمها “درنكة” ولكننى لم أقم بزيارتها.. ولكننى سافرت إلى الصعيد وقدمت حفلات فى المنيا وأسيوط مع كورال القاهرة الاحتفالى ضمن مبادرة “حلم النور” للبحث عنمواهب فى العزف على البيانو والجيتار والدرامز والغناء، وهذه الحفلات لا تنسى لأننا قدمنا من خلالها مشروعنا “أغانى بالعربى” الذى نمثل به مصر فى الخارج بإعادة توزيع بعض أغانى “سيد درويش” للكورال.. وكانت حفلة أسيوط من أجمل الحفلات التى قدمناها فى الصعيد.. وأعتبر أن تقديمنا للفن الرفيع داخل الصعيد ومدن الجنوب والدلتا هو بمثابة الحرب على الإرهاب الفكرى وعدم التعليم ومواجهة أعمال العنف الإرهابية بالقوة الناعمة لتصحيح المفاهيم لدى البعض.. لأننى أرى أن البذرة الحقيقة للفكرى الإرهابى تنمو بوجود مناطق بلا تعليم وبلا ثقافة.