قد يكون العنوان صادمًا، فكيف لفنانة
أن تفعل ذلك، وستزداد دهشة القراء لو قُلنا إنها ليست فقط فنانة بل تعد من
رائدات السينما الأوائل، فهي أمينة محمد الفنانة الاستعراضية التي أنشأت شركة إنتاج
سينمائي باسم "أمينة فيلم"، وأنتجت وأخرجت فيلمها الشهير
"تيتاوونج".
بدأت أمينة محمد (خالة الفنانة أمينة رزق) مشوارها في السينما عام 1934 بمشاركتها في فيلم "شبح الماضي"، وفي عام
1935 شاركت في ثلاثة أفلام، وفي العام التالي أيضًا في مثلها، وانتهى مشوارها
السينمائي في قمة مجدها حيث اعتزلت عام 1945 وقررت السفر إلى أوروبا لتعمل في
الملاهي كفنانة استعراضية، وبعدها عادت إلى مصر لتغامر بعيدًا عن دنيا الفن.
غامرت أمينة محمد بماضيها الفني ومشوارها السينمائي وقررت أن تبدأ مشروعًا اقتصاديًّا أدارته هي بنفسها، ومعها ابنتها الوحيدة الصغيرة تساعدها في العمل، فقد
ذهبت أمينة محمد إلى أسوان كي تطبخ لعمال ومهندسي السد العالي وتبيع لهم الشاي
والقهوة.
اقترضت أمينة محمد مبلغًا من ابنة أختها أمينة رزق، لتبدأ به مشروعها الصغير بجوار
السد العالي بعد أن فشل لها مشروعان من قبل، فقد غامرت وأنشأت مصنعًا للخزف،
والثاني كان مطعمًا في فيينا وفشل أيضًا، لذا جازفت بافتتاح كازينو صغير، فجدرانه
كانت من الحصير والسقف من القش والموائد من الخشب البسيط، وعليها لمبات الجاز
القديمة، والأواني التي تقدم فيها الطعام كانت من الفخار.
بلغت أمينة في ذلك الوقت الخامسة والخمسين عامًا، ومع ذلك كان وجهها يضح بالحيوية
والشباب، ولم ترتد أية ملابس فاخرة في أثناء إدارتها المشروع، بل ارتدت الجلابية
الكستور المقلمة مع عصابة للرأس، وحرصت على أن تخدم عمال السد بنفسها، سواء في الطهو وخصوصًا العدس أو في تقديم الشاي والقهوة لهم، وكانت ابنتها الصغيرة منى تطحن لها البن وتساعدها
في تقديم الطلبات.