الثلاثاء 4 نوفمبر 2025

ثقافة

بسام الشماع يروي كواليس بناء المتحف المصري الكبير.. ويكشف مفاجآت قاعة توت عنخ آمون| حوار

  • 31-10-2025 | 17:01

بسام الشماع

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

تستعد مصر غدًا السبت في الأول من نوفمبر لحدث عالمي استثنائي، هو افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أضخم متحف للآثار في العالم، وواجهة حضارية جديدة تليق بتاريخ مصر العريق ومكانتها بين الأمم، وفي هذا السياق، تحدث الدكتور بسام الشماع، الباحث في علم المصريات، في حوار خاص لـ«دار الهلال»، كاشفًا عن أبرز تفاصيل المتحف ومقتنياته، وما يميز تصميمه وموقعه الفريد المطل على الأهرامات.

وأكد الشماع أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري، بل تجربة ثقافية وتاريخية متكاملة، تمزج بين الأصالة والمعاصرة، وتعيد للزائر مشاهد الماضي بتقنيات المستقبل، كما أوضح أن المتحف سيغير المفهوم المتداول عن عمر الحضارة المصرية، ليؤكد أننا حضارة سبعمائة ألف عام لا سبعة آلاف فقط.

هل تتذكر أول مرة رأيت فيها ملامح هذا المشروع على أرض الواقع؟

أتذكر أني دُعيت في بدايات تأسيس المتحف، وكانت الأساسات تُرمى أمامي وأنا أجري حوارًا باللغة الإنجليزية لقناة النيل الدولية، كنت أرى العمال يرمون الخرسانة المسلحة، وإلى جانبي كان قسم الترميم، الذي سبق المتحف نفسه في الإنشاء، وهو قسم رائع مقسم إلى وحدات لترميم الآثار العضوية وغير العضوية منسوجات، معادن، ذهب.

وكان لي شرف المساهمة فيه باستشارات هيروغليفية رغم أني لست مرممًا، مجرد المشاركة في هذا الصرح بطريقة علمية كانت تجربة عظيمة بالنسبة لي.

 

ما الذي يميز المتحف عن غيره من حيث الفكرة أو العرض المتحفي؟

المتحف الكبير متحف "الأوائل"، آثار تثبت أن المصريين كانوا الرواد في أشياء كثيرة، منها أول أثر يقابل الزائر المسلة المعلقة، الوحيدة من نوعها في العالم، المسلة للملك رمسيس الثاني، منقوش عليها هيروغليفيات بأعلى درجات الدقة، وتُعرض بطريقة فريدة تتيح لك أن ترى أسماء رمسيس الثاني من أسفلها لأنها سوف تكون أعلى رأسك لأنها معلقة في الهواء، الفكرة مصرية، والتنفيذ مصري، وهذا فخر كبير.

 

هل يمتد هذا التفرد أيضًا إلى التصميم المعماري للمتحف؟

التيمة الفنية والمعمارية للمتحف مستوحاة من فكرة الهرم، أنت تدخل من المدخل الرئيسي عبر بوابة هرمية حديثة، تعطيك انطباع الدخول إلى هرم من فناء مفتوح منير إلى آخر مغطى عن طريق مدخل هرم الشكل، على الجانبين من الداخل والخارج توجد نقوش هيروغليفية لأسماء ملوك وملكات، وعين حورس، ورسومات للقناع الذهبي توت عنخ آمون.

كما يحمل  البهو العظيم أكثر من خمسة آلاف قطعة  لم ترى من قبل، قاعة توت عنخ آمون وحدها حدث استثنائي، لأنها ستضم لأول مرة في التاريخ أكثر من خمسة آلاف قطعة مجتمعة في مكان واحد، منذ اكتشاف المقبرة عام 1922، بعضها لم يُعرض من قبل في مصر ولا خارجها، رغم أنني أحاضر في التاريخ باللغتين العربية والإنجليزية ولي خمسين كتابًا وأربعين عامًا من التدريس، ولي موسوعة بسام لم تعرض بعض هذه القطع من قبل، وده في حد ذاته حدث عظيم سنراه غدا 1 نوفمبر في شغف شديد.

وماذا عن القطع النادرة أو غير المكتملة؟

يوجد في القاعة الأولى تمثال غير مكتمل للملك جاسر بالهيروغليفية زوسر من الأسرة الثالثة، وهو من أحب التماثيل إليّ،  لأنه يُظهر خطوات النحات المصري في محاكاة الحجم الحقيقي لجسم الإنسان لأول مرة في التاريخ، هذا التمثال يجعل المتحف مكانًا للمناقشة العلمية، ومقصدًا لدارسي علم المصريات وحملة الماجستير والدكتوراه، يحتوي على برديات، في والدرجات العلمية والأوراق العلمية التي تقدم فيها المؤتمرات هناك أيضا حيوانات محنطة مثل مميوات القطط وتمساح محنط عملاق في آخر قاعة في الأسفل ثم 12 قاعة.

بعد زيارة المتحف المصري الكبير، ما الذي ينتظر الزائر في البهو الأول؟

في البهو الأول يستقبل الزائر تمثال رمسيس الثاني الشهير، وهو تمثال ضخم يزن نحو 83 طنًا، ويُعد من أشهر التماثيل عند المصريين، لأنه التمثال الذي خرج من ميت رهينة في منف، ثم وُضع لسنوات طويلة في ميدان باب الحديد (ميدان محطة مصر)، حتى أن الميدان أخذ اسمه منه، قبل أن يُنقل إلى ميدان الرماية على عربة صممت خصيصًا له وهو واقف، وكان ذلك حدثًا عالميًا، وبعدها انتقل التمثال من ميدان الرماية إلى المتحف المصري الكبير في رحلة قصيرة نسبيًا لا تتجاوز 400 متر، ليُوضع في مكانه الحالي ليستقبل الزوار من جميع أنحاء العالم.

 

ما أبرز القطع الأثرية المعروضة في البهو العظيم؟

 يضم البهو عددًا من الآثار المميزة، منها تماثيل للملك "سنوسرت" أحد أقوى ملوك الدولة الوسطى، وهو ما سيعيد الأضواء إلى تلك الحقبة المهمة التي لا يتم تناولها كثيرًا في الدراسات الحديثة، كما توجد في الدرج العظيم مجموعة من التوابيت، وتماثيل الملوك، والمعبودات الأسطورية، والأعمدة، إلى جانب تماثيل متأثرة بالفن الإغريقي والروماني.

 

ماذا عن القطع المميزة في نهاية الدرج العظيم؟

في نهاية الدرج العظيم يوجد تمثال المعبودة "سخمت"، وهي المعبودة القوية التي ترمز إلى الحماية والشفاء والطب والأطباء، كما كانت معبودة القوة ومقاومة الأوبئة. وتظهر سخمت في أكثر من تمثال داخل هذا القسم، نظرًا لأهميتها الدينية والرمزية في مصر القديمة.

 

ما أبرز الإطلالات المميزة على الأهرامات من داخل المتحف ؟

في نهاية الدرج العظيم يوجد جدار زجاجي ضخم يمتد على طول وارتفاع كبير، يستطيع الزائر من خلاله أن يرى الأهرامات على بعد يقارب كيلومترين فقط، وقد تم إنشاء ممر خاص يربط المتحف بالأهرامات، يمكن للسائح أن يسير فيه سيرًا على الأقدام في تجربة فريدة تجمع بين الماضي والحاضر.

ماذا عن القاعات الداخلية وما تحتويه من تقنيات حديثة؟

القاعة الأولى تحتوي على معروضات من الذهب والفضة، وتماثيل ولوحات مهمة منقوشة بالهيروغليفية. كما أن المتحف يستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا لعرض التاريخ المصري القديم، حيث يمكن للزائر أن يشاهد أفلامًا ورسومات متحركة بالألوان تروي رحلة "بونت" الشهيرة التي أمرت بها الملكة "حتشبسوت" إلى بلاد بونت، بما تتضمنه من تفاصيل التجارة والتبادل الحضاري بين البلدين.

 

هل هناك تجارب تفاعلية للزوار داخل المتحف؟، وماذا عن دور التكنولوجيا داخل المتحف المصري الكبير؟

يوجد في المتحف استخدام واضح للتكنولوجيا الحديثة، حيث يستطيع الزائر أن يجلس ليشاهد على الحوائط مشاهد تكنولوجية متحركة بالألوان، تعرض رحلة "بونت" التي أمرت بها الملكة "حاتشبسوت" إلى بلاد بونت، وستجدها مشروحة بالكامل بفيلم ورسومات ملونة بديعة، تُظهر العملية التجارية التي حدثت بين مصر وبلاد بونت بشكل واضح جدًا.

كما يدخل الزائر بعد ذلك إلى غرفة جدرانها الثلاثة بيضاء، ثم تتحول أمامه إلى رسومات لمقبرة من المنيا، وهي مقبرة هامة جدًا بنصوصها الهيروغليفية ومناظرها، ثم يبدأ تلوين هذه المناظر بالأبيض والأسود حتى يجد نفسه وسط محاكاة كاملة لمقبرة من مقابر "بني حسن" الهامة جدًا في التاريخ المصري، والتي تحوي مناظر في غاية الأهمية.

 

ما الذي يميز المتحف المصري الكبير عن غيره من المتاحف في العالم؟

المتحف يضم آثارًا تعود إلى أكثر من سبعمائة ألف عام، أي أنه سيلغي تمامًا المقولة الشائعة "نحن حضارة سبعة آلاف سنة"، ليؤكد أننا في الحقيقة حضارة سبعمائة ألف عام، وهذا ما يجعله صرحًا فريدًا يعيد تعريف عمق التاريخ الإنساني للحضارة المصرية القديمة.

المتحف يضم أيضًا جوانب تكنولوجية حديثة، أليس كذلك؟

نعم، التكنولوجيا عنصر أساسي، هناك عروض تفاعلية تُمكن الزائر من مشاهدة رحلة حتشبسوت إلى بلاد بونت برسومات وأفلام ملونة تحكي العملية التجارية بالكامل.

وهناك غرفة جدرانها البيضاء تتحول أمامك إلى مشاهد من مقابر بني حسن، لتعيش تجربة محاكاة كاملة داخل المقبرة.

 

ما الرسالة التي يقدمها المتحف للعالم عن حضارتنا؟

المتحف يحمل آثارًا ترجع إلى أكثر من سبعمائة ألف عام، وهذا يلغي تمامًا عبارة "إحنا حضارة سبعة آلاف سنة". نحن حضارة سبعمائة ألف عام. هذا المتحف لا يعرض التاريخ فقط، بل يعيد صياغة مفهوم الزمن المصري القديم أمام العالم كله.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة