السبت 28 سبتمبر 2024

عبد الله حسن: إيران تشرب من نفس الكأس التي تجرعها الآخرون

أخبار11-1-2018 | 14:44

سلط الكاتب الصحفي عبد الله حسن، الضوء على الأحداث التي تشهدها إيران هذه الأيام من خلال سرد تاريخي لمحطات مهمة في الطريق نحو سقوط دولة إيران، منذ استيلاء آية الله الخوميني على مقاليد الحكم في البلاد عام 1979، بعد الإطاحة بشاه إيران القوي محمد رضا بهلوي.

وقال عبد الله حسن وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة، في مقاله المنشور بمجلة "الأهرام العربي" تحت عنوان "إيران فوق صفيح ساخن"، إن آية الله الخومينى كان ملهم هذه الثورة، حيث استطاع أن يحرك ملايين الإيرانيين في أنحاء البلاد ضد الشاه، باستخدام شرائط الكاسيت التي كان يرسلها مع أعوانه من منفاه في باريس، وتتضمن الخطب الحماسية والانتقادات اللاذعة للشاه، وحياة البذخ والترف الأسطورية التي يعيش فيها، بينما يعاني الإيرانيون من الثالوث الرهيب المتمثل في الفقر والجهل والمرض.

وتابع: "أعدم الثوار قادة الحرس الإيراني المعروف باسم السافاك، ونكلوا برموز حكم الشاه الذي باعته الولايات المتحدة، وتخلت عنه في أول منعطف، ورفضت دخوله إليها للعلاج وهو في أواخر أيامه، بعد أن كان حليفها الأول في المنطقة، والمتعاون استراتيجيا مع إسرائيل.. وكانت لفتة رائعة من الرئيس السادات لرد الجميل للشاه الذي كان قد أصدر تعليماته لناقلات البترول الإيرانية في عرض البحر المتوسط، بالتوجه إلى مصر لسد احتياجاتها من البترول في أثناء حرب أكتوبر المجيدة عام 1973".

وأكمل: "نعم وجد السادات الفرصة سانحة لرد الجميل لشاه إيران، فرحب به في مصر للإقامة فيها والعلاج، وحين وافته المنية شيع جثمانه في جنازة عسكرية كان أول المتقدمين فيها ودفن في القاهرة، وأضمر آيات الله الشر للرئيس السادات ولمصر التي احتضنت الشاه طريدا مريضا حتى دفن فيها، وحين استشهد السادات على أيدى الجماعات المتطرفة استقبلوا أسرة قاتله خالد الإسلامبولي في طهران استقبال الأبطال، وأطلقوا اسمه على أكبر شارع في طهران".

وقال عد الله حسن : "كانت هذه المقدمة ضرورية، ونحن نتحدث عن الثورة الحالية التي انتشرت في معظم المدن الإيرانية، التي ينتقد فيها الإيرانيون بمختلف طوائفهم سياسة الملالي طوال 38 عاما منذ اندلاع ثورة الخومينى عام 1979، التي جلبت الخراب لبلادهم بعد أن كانت قوة كبرى لا يستهان بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا، ويعضون بالنواجذ على أيام الشاه".

وأضاف "في عام 1980، وبعد عام واحد من ثورة الخومينى، دخلت إيران في حرب ضروس مع العراق استمرت ثماني سنوات أنفقت خلالها مليارات الدولارات، وسقط فيها آلاف القتلى، وكانت نفس الخسائر المدمرة على الجانب العراقي، وانتزع صدام حسين مليارات الدولارات من دول الخليج، بدعوى أنه يخوض الحرب مع إيران للدفاع عنهم من الأطماع الإيرانية في ثرواتهم البترولية، وبدأت إيران خطتها الجهنمية لتصدير ثورتها إلى المنطقة خصوصا دول الخليج المجاورة لها، وشجعت حركات التطرّف والإرهاب في العديد من الدول، ووفرت لها التمويل والسلاح اللازمين لإحداث القلاقل والفتن، وشجعت ما سمى بالربيع العربي الذي كانت تقوده أمريكا لإسقاط العديد من الأنظمة العربية وتقسيمها إلى سايكس بيكو جديدة."

وتابع: "وبدأت إيران برنامجها الطموح لتخصيب اليورانيوم وتصنيع الأسلحة النووية، ولم توقع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، ووجدت الولايات المتحدة في إيران خطرا محدقا يهدد أمن إسرائيل ويخل بتوازن القوى في المنطقة، فاستصدرت قرارات من مجلس الأمن بفرض عقوبات عليها، وتجميد أرصدتها في الولايات المتحدة، واستمر الحصار الأمريكي لإيران عدة سنوات بين الشد والجذب، وأثر ذلك على الأوضاع الاقتصادية في إيران، وارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، وانخفضت معدلات النمو، وارتفعت البطالة بدرجة مخيفة تهدد الأمن والاستقرار".

واختتم عبد الله حسن مقاله بالقول: "في العام الأخير من حكم الرئيس الأمريكي السابق أوباما، توصل لاتفاق مع الإيرانيين لوقف عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل رفع الحصار، والإفراج عن مليارات الدولارات من الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك الأمريكية، وتنفس الشعب الإيراني الصعداء بعد أن أوهمه الملالى أنهم انتصروا على أمريكا التي اضطرت لرفع الحصار عنها، وانتظروا تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد الاتفاق مع أمريكا، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وفوجئ الإيرانيون بعد عام من حكم الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، بأن الوضع الداخلي ازداد سوءا، وأن الملالي أهدروا ثروات بلادهم لتحقيق أحلامهم في تصدير الثورة، لكنها تبخرت مع ضياع الثروة، فانفجروا في مختلف المدن يطالبون بإسقاط النظام من أجل لقمة العيش، وسقط الضحايا والمصابون، وحين أدرك الملالى أن الربيع الإيراني على وشك الإطاحة بهم، استخدموا قوات الحرس الثوري الإيراني في قمع المتظاهرين، بينما دعت أمريكا مجلس الأمن لاجتماع طارئ لبحث الأوضاع، على أمل استصدار قرارات أخرى بفرض عقوبات جديدة على إيران، لكبح جماح الملالى وإسقاطهم، ولكي تشرب إيران من نفس الكأس التي تجرعها الآخرون في مغامراتها خلال السنوات الماضية".