في حضن التاريخ، وعلى ضفاف الأهرامات، تكتب مصر اليوم فصلًا جديدًا في سجل الحضارة الإنسانية، مع إزاحة الستار عن المتحف المصري الكبير؛ الحلم الذي تحول إلى واقع، ليكون بوابةً تمتد بين مجد الماضي وروح العصر الحديث، بعد أكثر من عقدين من العمل الدؤوب لإنجازه.
ويشهد الحفل، الذي يُقام مساء اليوم، حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي و79 وفدًا عالميًا، من بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات، في مشهد يجسد اهتمام المجتمع الدولي بالحضارة المصرية العريقة، ودور مصر الثقافي والإنساني الرائد على مستوى العالم.
وفي الداخل والخارج، يعيش أبناء الشعب المصري لحظات الفخر بهذا الحدث التاريخي، حيث تم توجيه المحافظات لتخصيص شاشات عرض رئيسية في الميادين العامة لتمكين المواطنين من متابعة الحفل، كما جرى التنسيق مع البعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج لتوفير شاشات للجاليات الراغبة في مشاهدة فعاليات الافتتاح، لتصبح مصر كلها على موعدٍ مع لحظة استثنائية من مجدها الحضاري المتجدد.
حفل الافتتاح
يُقام حفل افتتاح المتحف المصري الكبير عند السابعة من مساء اليوم بتوقيت القاهرة، ويستمر لمدة ساعة ونصف، يعقبها جولة داخل قاعات المتحف لكبار الزوّار والرؤساء.
وفي قائمة الحضور، يشارك ملوك وملكات وأولياء عهد وأمراء وأعضاء من الأسر الحاكمة في كلٍّ من: بلجيكا، وإسبانيا، والدنمارك، والأردن، والبحرين، وسلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ولوكسمبورج، وموناكو، واليابان، وتايلاند.
كما سيشارك رؤساء كل من: جيبوتي، والصومال، وفلسطين، والبرتغال، وأرمينيا، وألمانيا، وكرواتيا، وقبرص، وألبانيا، وبلغاريا، وكولومبيا، وغينيا الاستوائية، والكونغو الديمقراطية، وغانا، وإريتريا، وفرسان مالطا، وكذا رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ورئيس مجلس القيادة اليمني.
كذلك سيشارك رؤساء وزراء كلٍّ من: اليونان، والمجر، وبلجيكا، وهولندا، والكويت، ولبنان، ولوكسمبورج، وأوغندا.
هذا إلى جانب حضور وزاري وبرلماني رفيع المستوى من: أوزبكستان، وأذربيجان، والجزائر، وقطر، والمغرب، وتونس، وسويسرا، والسويد، وفنلندا، وسلوفاكيا، والنمسا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والفاتيكان، ومالطا، ورومانيا، وروسيا، وأيرلندا، وصربيا، وتركيا، وإيطاليا، وسنغافورة، والهند، وقيرغيزستان، والصين، وسريلانكا، وباكستان، وزامبيا، وأنغولا، وكوت ديفوار، والكاميرون، وجنوب أفريقيا، والغابون، وتشاد، وكينيا، ورواندا، وتوجو، والبرازيل، وكندا، والولايات المتحدة.
ومن المنظمات الإقليمية والدولية، سيشارك كلٌّ من: الأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والممثل السامي لتحالف الحضارات نيابةً عن السكرتير العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مشاركة رئيس البرلمان العربي، ورئيس وكالة الجايكا، وعدد من رؤساء وممثلي كبرى الشركات العالمية.
وسيُنقل الحدث على الهواء مباشرة عبر مئات القنوات التلفزيونية والشبكات الإعلامية والمنصات الدولية، في دلالة واضحة على أهميته ومكانته العالمية.
رحلة بناء المتحف
بدأت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير في تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس لمشروع المتحف ليُشيَّد في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة.
وبرعاية منظمة اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين، أُطلقت مسابقة دولية لأفضل تصميم، فاز بها مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي، ليترجم فكرة أن تمتد أشعة الشمس من قمم الأهرامات لتتلاقى في قلب كتلة مخروطية تُجسد المتحف المصري الكبير، كأن التاريخ يُنجب من رحم الضوء معمارًا جديدًا.
ومنذ بدء أعمال البناء في مايو 2005، تحولت أرض المشروع إلى خلية نحل لا تهدأ، فشقّ العمال طرقهم في الرمال، ونجحت الأيدي العاملة المصرية في إقامة أكبر مركز لترميم الآثار في الشرق الأوسط عام 2006، الذي افتُتح رسميًا عام 2010 ليكون القلب النابض لحفظ الكنوز الأثرية وصيانتها بأيدٍ مصرية خالصة.
وبين عامي 2016 و2020، اكتمل الإطار المؤسسي للمتحف، بإصدار قرارات إنشاء وتنظيم هيئة المتحف المصري الكبير كهيئة اقتصادية مستقلة، يرأس مجلس أمنائها رئيس الجمهورية، وتضم في عضويتها نخبة من الخبراء المصريين والدوليين لدعم مسيرة هذا الصرح العالمي.
وفي عام 2021، اكتمل تشييد المبنى العملاق الذي يمتد على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ليضم قاعات عرض تفوق في اتساعها العديد من المتاحف حول العالم، وتضم بين جدرانها أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.
وقد أُنشئ المتحف في الأساس ليكون صرحًا حضاريًا وثقافيًا وترفيهيًا عالميًا متكاملًا، وليكون الوجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم، كأكبر متحف في العالم يروي قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث يحتوي على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة، من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922.
هذا، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلًا عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.