قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، إن انضمام بلغاريا رسميًا إلى منطقة اليورو في الأول من يناير 2026، يمثل "إنجازًا تاريخيًا" يوازي في أهميته انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي عام 2007.
وأضافت جورجييفا - في كلمة لها خلال افتتاح مؤتمر "بلغاريا على أعتاب منطقة اليورو" في العاصمة (صوفيا) بحسب بيان صندوق النقد الذي نشر عبر موقعه الرسمي - أن هذا الحدث يأتي تتويجًا لمسار طويل من الإصلاحات الاقتصادية والسياسات النقدية المنضبطة منذ تأسيس مجلس العملة البلغاري في تسعينيات القرن الماضي بدعم من صندوق النقد الدولي، موضحة أن حاكم البنك الوطني البلغاري، ديميتار راديف، سيحصل مع بداية العام المقبل على حق التصويت في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، ما يمنح بلغاريا دورًا فعّالًا في صنع السياسات النقدية الأوروبية المتعلقة بالإشراف المصرفي والاستقرار المالي وأنظمة المدفوعات وإصدار اليورو الرقمي.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة تمثل انتقال بلغاريا من مرحلة ربط عملتها أولًا بالمارك الألماني ثم باليورو، إلى مرحلة المشاركة الكاملة في صنع القرار النقدي الأوروبي، مع الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز مكانتها داخل المنظومة المالية الأوروبية.
ولفتت إلى أن تجربة كرواتيا التي انضمت إلى منطقة اليورو عام 2023، تقدم مؤشرات إيجابية لما ينتظر بلغاريا، مشيرة إلى أن كرواتيا شهدت انخفاضًا كبيرًا في تكاليف الاقتراض وتحسنًا في تصنيفها الائتماني وزيادة في حركة السياحة بفضل سهولة استخدام العملة الأوروبية، رغم تأثير محدود على التضخم لم يتجاوز 0.4٪.
وأكدت أن بلغاريا مهيأة تمامًا للانضمام إلى منطقة اليورو بفضل خبرتها الطويلة في نظام مجلس العملة واستعداداتها المبكرة عبر تطبيق الأسعار المزدوجة (الليف واليورو) وحملات التوعية على مستوى البلاد. كما أشادت بالانضباط المالي الذي أبقى الدين العام عند نحو 24٪ من الناتج المحلي الإجمالي فقط، وهو من أدنى المعدلات في الاتحاد الأوروبي، ما يمنح الحكومة مرونة في مواجهة الصدمات الاقتصادية المستقبلية.
لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن اعتماد اليورو وحده لا يكفي لتحقيق الازدهار المعيشي، مؤكدة أن على بلغاريا مواصلة الإصلاحات الهيكلية لزيادة الإنتاجية وتحسين مستويات الدخل.
وقالت: "منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي، تحسن مستوى المعيشة في بلغاريا، لكنه لا يزال دون متوسط الاتحاد الأوروبي؛ يجب أن تسعى البلاد لبلوغ هذا المستوى خلال العقد المقبل عبر سياسات رشيدة ونمو مستدام".
وحددت رئيس صندوق النقد الدولي ثلاث أولويات رئيسية للسياسة الاقتصادية في المرحلة المقبلة؛ تشديد السياسة المالية تدريجيًا من خلال ضبط نمو الأجور العامة، وزيادة المساهمات في نظام المعاشات، وتوجيه الإنفاق العام نحو الاستثمارات الإنتاجية.
ثانيا، التحوط من المخاطر المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار العقارات والائتمان السريع، عبر أدوات احترازية إضافية؛ واخيرا، تسريع الإصلاحات الهيكلية والحكومية لتعزيز الإنتاجية وجذب الكفاءات الأجنبية والاستثمار في التعليم والذكاء الاصطناعي وتحسين الحوكمة في الشركات المملوكة للدولة.
وأضافت أن اعتماد اليورو سيجعل البنوك البلغارية مؤهلة للحصول على دعم السيولة من البنك المركزي الأوروبي والانضمام إلى آلية الاستقرار الأوروبية؛ ما يعزز متانة النظام المالي الوطني.