في مثل هذا اليوم، الرابع من نوفمبر، تحل ذكرى اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في تاريخ مصر والعالم، حيث باتت أيقونة خالدة تروي أسرار التاريخ وتستقطب أنظار العالم حتى اليوم.
ذكرى هذا العام تأخذ طابعًا مميزًا، إذ إنها تشهد لأول مرة عرض محتويات المقبرة كاملة، وذلك خلال احتفال أقيم قبل أيام في المتحف المصري الكبير، حيث خُصصت لها قاعة مستقلة.
مقبرة توت عنخ آمون
بدأت قصة الاكتشاف عندما كان الفتى حسين عبد الرسول، ابن قرية القرنة بالأقصر، يعمل في جلب المياه لعمال الحفر المشاركين في بعثة التنقيب التي يشرف عليها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر.
وأثناء وضع جرة ماء في حفرة صغيرة، اصطدم الصبي بحجر غير مستوٍ تحت الرمال، ليكتشف لاحقًا أنه عتبة مدخل لمقبرة لم تُفتح منذ أكثر من 3300 عام.
نُقل الخبر إلى كارتر الذي سارع إلى الموقع، ليبدأ فصل جديد في تاريخ علم المصريات.
وثّق كارتر في مذكراته تفاصيل تلك اللحظة قائلاً إن "الفضل الأول في اكتشاف المدخل يعود إلى أحد الأولاد الصغار في الفريق".
وبحسب الجزء الأول من مذكراته الصادر عام 1923، فإن كارتر قضى أكثر من خمس سنوات في وادي الملوك دون أن يعثر على المقبرة، وكان على وشك إنهاء تصريح الحفر قبل أن تقوده الصدفة إلى أهم اكتشاف في مسيرته.
قبل الاكتشاف بسنوات، توصل كارتر إلى شواهد أثارت شكوكه بوجود مقبرة لتوت عنخ آمون، بعد أن عثر خلال بعثاته بين عامي 1905 و1906 على قطع أثرية تحمل خرطوش الملك، ومواد تحنيط وكوب منقوش باسمه.
كما اكتشف عام 1909 مقبرة الملك آي، خلف توت عنخ آمون في الحكم، وكانت تحتوي على عربة حربية مذهبة، مما عزّز قناعته بأن مقبرة الملك الشاب لا تزال مدفونة في الوادي.
شكّل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون حدثًا عالميًا غير مسبوق، إذ كانت المقبرة الوحيدة تقريبًا التي وُجدت كاملة المحتويات، دون أن تمتد إليها يد اللصوص عبر القرون.
واكتُشفت داخلها أكثر من 3500 قطعة أثرية، تنوعت بين الحُليّ والتيجان والعصي المذهبة والأثاث الملكي والعربات الحربية، إضافة إلى أدوات الزينة والتماثيل وأواني الطعام والشراب.
وفي الغرفة الرئيسية، لاحظ كارتر وجود صندوق خشبي مطعّم بالذهب، غطّى صندوقًا ثانيًا ثم ثالثًا، حتى وصل إلى التابوت الحجري الذي احتوى على التابوت الذهبي المشهور للملك، الذي كان بدوره مغطى بتابوتين آخرين على الشكل نفسه.
ورغم ما احتوته المقبرة من كنوز هائلة، فإنها تُعد صغيرة نسبيًا مقارنة بمقابر الملوك الآخرين، وهو ما يعزوه علماء الآثار إلى قِصر فترة حكم توت عنخ آمون، الذي تولى العرش في سن صغيرة ولم يحكم أكثر من تسع سنوات.
وتكمن أهمية الاكتشاف، وفق خبراء المصريات، في أن المقبرة بقيت مغلقة ومحفوظة على حالها منذ آلاف السنين، مما أتاح للعالم رؤية متكاملة للحياة الملكية في مصر القديمة.