في إطار جهود الدولة لتعزيز التعاون العربي في المجالات المالية غير المصرفية، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مراسم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للرقابة المالية ولجنة مراقبة هيئات الضمان بجمهورية لبنان، وذلك بحضور قيادات الجانبين ضمن اجتماعات اللجنة العليا المصرية اللبنانية المشتركة التي انعقدت بالقاهرة الأحد الماضي.
وقع المذكرة عن الجانب المصري الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وعن الجانب اللبناني القاضي محمود مكيه، أمين عام مجلس الوزراء ورئيس الوفد اللبناني، نيابة عن رئيس لجنة مراقبة هيئات الضمان اللبنانية.
تهدف مذكرة التفاهم إلى تطوير أوجه التعاون وتبادل الخبرات في قطاع التأمين، وتعزيز التكامل العربي في مجالات الإشراف والتنظيم وتطوير الأسواق المالية غير المصرفية.
كما تشمل المذكرة التعاون في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتبادل المعلومات والوثائق ذات الصلة بعمليات التأمين ومكافحة التحايل التأميني، إلى جانب التنسيق في الإشراف عبر الحدود، ودعم خدمات التأمين العابرة للحدود.
وأكد الدكتور محمد فريد أن توقيع المذكرة يأتي في إطار حرص الهيئة على توسيع نطاق التعاون الإقليمي في مجالات الإشراف والرقابة على التأمين، وتبني أفضل الممارسات الدولية في الحوكمة وإدارة المخاطر، مشيرًا إلى أن هذا التعاون سيسهم في تحقيق تكامل مؤسسي وفني يدعم تطوير الأسواق العربية.
وأضاف أن الاتفاق يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الفني والتدريبي، ودعم نشاط إعادة التأمين، وتعزيز الشفافية والرقابة بما ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين والمتعاملين في السوق.
من جانبه، قال القاضي محمود مكيه، أمين عام مجلس الوزراء ورئيس الوفد اللبناني، إن توقيع مذكرة التفاهم يمثل خطوة مهمة لتعزيز التعاون المؤسسي بين البلدين في الرقابة والإشراف على التأمين، مشيدًا بالتجربة التنظيمية الرائدة التي تقودها الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر.
وأوضح مكيه أن هذا التعاون يعكس عمق العلاقات المصرية اللبنانية وحرص الجانبين على توطيد التعاون الاقتصادي والرقابي المشترك، بما يسهم في رفع كفاءة الأسواق المالية غير المصرفية ودعم التنمية المستدامة في كلا البلدين.
تمتد مذكرة التفاهم إلى تبادل الخبرات في مجالات الترخيص والإشراف والرقابة عبر برامج تدريب وندوات ومواد تعليمية متخصصة، والتعاون الدولي في الإشراف على التأمين، وتطوير الأنظمة التقنية والرقابية المستخدمة في شركات التأمين.
كما تنص المذكرة على تطوير معايير تميز مؤسسية مشتركة، وبحث فرص النمو وإعادة التأمين بين البلدين، والتعاون في التدريب بمجالات العلوم الاكتوارية والتأمين التكافلي، إضافة إلى التشاور الدوري حول المستجدات التشريعية والتنظيمية.
يأتي توقيع المذكرة في وقت تشهد فيه سوق التأمين المصرية تحولات تنظيمية كبرى قادتها الهيئة العامة للرقابة المالية من خلال إصدار قواعد شاملة لحوكمة شركات التأمين وإعادة التأمين، وإلزام الشركات بإنشاء إدارات لتلقي شكاوى العملاء، لضمان سرعة الاستجابة وتحسين جودة الخدمة.
وفي إطار التحول الرقمي، أصدرت الهيئة قرارًا ينظم إصدار وتوزيع وثائق التأمين إلكترونيًا، إلى جانب اعتماد قواعد جديدة لهامش الملاءة المالية لتعزيز استقرار الشركات وحماية حقوق حملة الوثائق.
كما ألزمت الهيئة صناديق التأمين الخاصة وشركات التأمين بتخصيص نسب من أموالها للاستثمار في صناديق الأسهم المقيدة بالبورصة المصرية، بهدف تعظيم العوائد وتحقيق استفادة مباشرة للمواطنين.
أسفرت الإصلاحات الأخيرة عن نمو قوي في أداء قطاع التأمين، حيث ارتفع إجمالي الأقساط المحصلة بنسبة 25.3% خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 لتصل إلى 77.5 مليار جنيه، فيما زادت التعويضات بنسبة 45.6% لتبلغ 40 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
كما ارتفعت استثمارات صناديق التأمين الخاصة إلى 19.95 مليار جنيه بزيادة 11.9% على أساس سنوي، مما يعكس قوة التزام الشركات تجاه العملاء وثقة المتعاملين في السوق.
وفي إطار دعم الشمول المالي، أطلقت الهيئة حملة قومية موسعة لنشر الوعي التأميني تحت شعار "أمن الأول... مش هتبدأ من الأول" بالتعاون مع الاتحاد المصري لشركات التأمين، في خطوة تعكس التزام الهيئة بتوسيع قاعدة المستفيدين من الحماية التأمينية وتعزيز الثقافة المالية في المجتمع المصري.