أثارت جلسة المحكمة العليا الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب موجة من التكهنات حول احتمال إلغاء تلك الرسوم، في ظل تشكيك غالبية القضاة في صلاحيات الرئيس القانونية لفرضها بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA).
لكن في المقابل حذر خبراء التجارة وفق ما ذكره موقع (ياهو فاينانس) الأمريكي من أن أي حكم ضد الإدارة الامريكية قد يؤدي إلى فوضى جديدة في السياسة التجارية، إذ يُتوقع أن يلجأ ترامب إلى قوانين أخرى تمنحه صلاحيات لفرض رسوم بديلة.
وكانت الشركات قد بدأت للتو تتأقلم مع بيئة تجارية أكثر استقرارًا نسبيًا بفضل هدنة تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين بالإضافة إلى اتفاق مع دول جنوب شرق آسيا أسهم في خفض مستويات الرسوم غير أن ديفيد يونج المدير التنفيذي للسياسات في مجلس المؤتمر الأمريكي قال : إن حالة الغموض لاتزال قائمة رغم هذه التطورات ، والرؤساء التنفيذيون يعيشون حالة من الترقب الحذر بشأن المستقبل".
واستبعد يونج صدور الحكم قبل بداية عام 2026 .. مشيرًا إلى أن الشركات تجهل تمامًا ما إذا كانت ستحصل على استرداد لأكثر من 100 مليار دولار من الرسوم التي دفعتها حتى الآن في حال خسرت الإدارة القضية.
وقال نيل كاتيال محامي خمس شركات صغيرة تطعن في الرسوم: إن موكليه سيحصلون تلقائيًا على أموالهم إذا صدر الحكم ضد الإدارة بينما سيتعين على باقي الشركات تقديم اعتراضات إدارية للحصول على الاسترداد واصفًا ذلك بأنه "عملية معقدة للغاية قد تستغرق وقتًا طويلًا"..مشيرا إلى أن المحكمة يمكن أن تحصر حكمها في الإعفاء المستقبلي فقط دون إلزام الحكومة برد الأموال السابقة.
ومن جانبه .. قال جوزيف سبراراجن المحامي المتخصص في الشؤون الجمركية في نيويورك : إن استبعاد بند الاسترداد سيفتح الباب أمام دعاوى قضائية جديدة من الشركات المتضررة .. مضيفا : "إذا كانت الرسوم غير قانونية اليوم، فهي كانت غير قانونية في فبراير وأبريل عندما فُرضت التعريفات المتبادلة".
وتوقع سبراراجن أن تعيد المحكمة العليا القضية إلى محكمة التجارة الدولية الأمريكية لتوجيه الإدارة نحو إلغاء الرسوم وإصدار الاستردادات..مرجّحًا أن يتم تنفيذها عبر نظام الجمارك الإلكتروني (ACE) خلال فترة قد تمتد إلى عام..قائلا : "ينبغي أن نضع في الاعتبار أن الإدارة لن تكون متحمسة لتوزيع الأموال بسهولة".
ومن جهته .. قال كريستوفر هودج المحلل في بنك ناتيكسيس : إن التعقيدات البيروقراطية المحيطة بالاستردادات تمثل "مجرد جانب من حالة غموض أكبر".. مضيفًا أن خسارة الإدارة أمام المحكمة العليا لن تكون سوى نكسة مؤقتة.
وأشار هودج إلى أن إدارة ترمب قد تنتقل سريعًا إلى استخدام قوانين أخرى تمنحها صلاحيات مباشرة لفرض رسوم جمركية، مثل المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962 المتعلقة بالأمن القومي، والمادة 122 من قانون التجارة لعام 1974 التي تتيح فرض رسوم مؤقتة بنسبة 15% لمدة 150 يومًا.
وبذلك، تبقى السياسة التجارية الأمريكية في حالة ترقب بين احتمال إلغاء تعريفات ترامب المثيرة للجدل، واحتمال استبدالها بإجراءات جديدة لا تقل صرامة.