خيّم الحزن على الوسط الفني بعد الإعلان عن وفاة المؤلف والسيناريست الكبير أحمد عبد الله بشكل مفاجئ، عن عمر ناهز 60 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية التي عبرت بصدق عن الشارع والمجتمع المصري، وتميزت بروح الواقعية والبطولات الجماعية، وجاءت وفاة عبد الله بعد أشهر قليلة من رحيل صديقه وشريكه الفني المخرج سامح عبد العزيز، الذي جمعته به مسيرة طويلة من التعاون في عدد من أبرز الأعمال الفنية. «البدايات الأولى» وُلد أحمد عبد الله في حي بين السرايات بالقاهرة في الأول من أبريل عام 1965، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، حيث بدأ مشواره الفني مبكرًا من خلال كتابة مسرحيات مأخوذة عن نصوص عالمية، قدّمها على خشبة مسرح الجامعة بتصرّف خاص منه. وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي، بدأ عبد الله مسيرته الاحترافية، وقدم عددًا من المسرحيات الناجحة مثل" عالم قطط، آلابندا، وحكيم عيون"، قبل أن ينطلق في عالم السينما عبر سلسلة من الأفلام الكوميدية التي أصبحت من علامات جيله، منها: "عبود على الحدود، الناظر، اللمبي، فول الصين العظيم، وغبي منه فيه، إلى جانب كركر ويانا يا خالتي". «علامة فارقة» وفي عام 2008، شكّل لقاؤه بالمخرج سامح عبد العزيز محطة فارقة في مشواره، إذ قدما معًا أعمالًا مميزة أصبحت من كلاسيكيات السينما الحديثة، مثل "كباريه، الفرح، والليلة الكبيرة"، إلى جانب مسلسلات" الحارة، بين السرايات، ورمضان كريم". واشتهر أحمد عبد الله بكتابته للأفلام ذات البطولات الجماعية، التي تجمع بين خطوط درامية متعددة ترتبط بمكان أو زمان واحد، ومن أبرز أعماله في هذا النمط: "200 جنيه، المحكمة، وليلة العيد"، وهي أعمال نالت استحسان النقاد والجمهور لما تحمله من صدق اجتماعي وإنساني. وكان آخر أعمال أحمد عبد الله السينمائية فيلم "المخفي"، الذي عُرض العام الماضي، من بطولة عمرو عبد الجليل، أحمد سلطان، محمود حافظ، محمد محمود، بدرية طلبة، ريهام الشنواني، ريم المصري، ومحمد محسن، وهو من قصة وسيناريو وحوار أحمد عبد الله، وإخراج محمد الشورى. وإلى جانب السيناريو، امتلك عبد الله موهبة شعرية لافتة، إذ كتب عددًا من القصائد التي جمع بعضها في ديوان منشور، كما كتب كلمات أغنيات قدّمت في أعماله المسرحية. «وداع مؤثر» عبّر عدد من نجوم الفن عن حزنهم العميق لرحيله، وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وكتب هاني رمزي: "مع السلامة يا أحمد، الله يرحمك يا صديقي، ربنا يعزي أسرتك ويهدينا كلنا، مع السلامة يا صديقي." وقال أشرف عبد الباقي: "إنا لله وإنا إليه راجعون، ربنا يرحمك ويغفرلك يا رب، من أجمل الناس اللي اتعرفت عليهم، ربنا يصبر أهلك وأصحابك." وكتب صلاح عبد الله متأثرًا:"صدمة؟! آه صدمة... خبر نزل على قلبي كالصاعقة، تعجز الكلمات والله عن وصف حالتي الآن بعد التأكد من الخبر. دموعي بتدعيلك يا حبيبي، يا أحمد الشاعر والمؤلف والسيناريست العظيم." وكتب "هنيدي"، عبر حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك": "‏إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، صديق عمري أحمد عبد الله، البقاء لله، هتوحشني يا صديقي وربنا يصبرنا ويصبر أحبابك على فراقك". كما نعى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، برئاسة الفنان حسين فهمي، السيناريست الراحل، مشيرا إلى أنه أثرى السينما المصرية بالكثير من الأعمال البارزة، والإسهامات الواضحة في السينما المصرية على مدى السنوات الخمس والعشرين السابقة رحل أحمد عبد الله تاركًا خلفه رصيدًا ضخمًا من الأعمال التي لامست وجدان الجمهور، وعبّرت بصدق عن تفاصيل الحياة المصرية، ما جعله أحد أبرز كتّاب السينما الواقعية خلال العقود الأخيرة، وبين سطور أعماله سيبقى صوته الإبداعي حاضرًا، شاهدًا على زمن كانت فيه الكلمة تصنع البهجة والمعنى معًا.