في مثل هذا اليوم، يحتفل عشاق السينما المصرية بذكرى ميلاد واحد من أعظم كتاب السيناريو ومؤلفي الأغاني في تاريخها، أبو السعود الإبياري، الذي وُلد عام 1910 في حي باب الشعرية بالقاهرة، وترك إرثًا فنيًا هائلًا قبل رحيله في 17 مارس 1969.
لُقّب الإبياري بعدة ألقاب عكست عبقريته وحضوره الطاغي على الشاشة: "موليير الشرق"، "أستاذ الكوميديا"، "النهر المتدفق"، "جوكر الأفلام"، "منجم الذهب"، و"الجبل الضاحك"، وكتب أكثر من 500 فيلم شكلت ملامح السينما المصرية الكوميدية والاجتماعية.
بدأ أبو السعود كتابة الزجل وهو طفل في مجلة "الأولاد"، متأثرًا بالكاتب المسرحي الكبير بديع خيري، الذي شجعه على الكتابة المسرحية. كانت بدايته الفنية مع مونولوج "بوريه من الستات" للمونولوجست سيد سليمان، ثم كتب اسكتشات لفريق بديعة مصابني، وأصدر أول رواية له بعنوان "إوعى تتكلم" عام 1933. استمد الإبياري إبداعه من الحياة اليومية، حيث كان يراقب الناس في الشوارع والمقاهي، ويلتقط المفردات والحكايات التي شكلت شخصياته وحواراته الشهيرة.
أسهم أبو السعود الإبياري في صناعة أفضل أفلام الكوميديا في السينما المصرية، خاصة لأبطال مثل إسماعيل يس، محمد فوزي، وفريد الأطرش، وأتقن تصوير الشخصيات المصرية الأصيلة بأسلوب سلس وطبيعي منذ فيلم "لو كنت غني" (1942). من أبرز أعماله الكوميدية: الزوجة 13، الزوجة السابعة، نشالة هانم، عفريتة هانم، صغيرة على الحب، طاقية الإخفاء، سكر هانم، المليونير، حواء والقرد، البحث عن فضيحة.
واشتهرت حواراته بخفة الظل والذكاء، مثل:
"يا صفايح السمنة السايحة، يا براميل القشطة النايحة، يا حلو يا لوز" من لو كنت غني
"هيا بنا هيا بنا لنستحم كلنا" من ليالي الحب
"دة أنا جنب منك أبقى مارلين مونرو" من سكر هانم
"عفركوش ابن برطكوش" من الفانوس السحري
لم يقتصر الإبياري على الكوميديا، بل كتب عدة أعمال درامية وإنسانية رائعة للفنانة فاتن حمامة، منها: اليتيمتين، ست البيت، ظلموني الناس، أخلاق للبيع. كما كان مكتشفًا للعديد من النجوم، فأطلق اسم لبلبة الفنية ومنح أولى بطولاتها، وأعطى الفرصة لأول ظهور سينمائي لكل من عادل إمام وميرفت أمين في فيلم البحث عن فضيحة.
ترك الإبياري إرثًا غنائيًا غنيًا، من أبرزها: "يا نجف بنور يا سيد العرسان" لعبد العزيز محمود، "يا وله يا وله" لعبد الغني السيد، "البوسطجية اشتكوا" لرجاء عبده، "تاكسي الغرام" لعبد العزيز محمود، "واحد اتنين" لشادية، "استعراض العقلاء" لإسماعيل يس، "عاوز أروح" لسعاد مكاوي، "سلم على" لليلى مراد، "لقيته وهويته" لشادية، "يا عوازل فلفلوا" لفريد الأطرش، "قلبي دليلي" لليلى مراد، "الحب له أيام" لمحمد فوزي وشادية، "العدس الليلة ليلة عيده" لنعيمة عاكف، "معانا ريال" لفيروز.
ترك أبو السعود الإبياري بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن المصري، فهو كاتب كوميدي وإنساني في الوقت ذاته، جمع بين الذكاء الاجتماعي وخفة الظل والقدرة على التقاط روح الناس، ليظل إرثه مصدر إلهام للأجيال حتى اليوم.