شهد محافظ قنا الدكتور خالد عبد الحليم، اليوم السبت، فعاليات الاحتفال الذي أقيم بدير الأنبا بسنتاؤس بمدينة نقادة، في إطار فعاليات مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية، وكان في استقباله الأنبا بيمن مطران نقادة وقوص، بحضور الدكتور حازم عمر نائب المحافظ، والناقد الفني هيثم الهواري رئيس المهرجان، وياسر محمد رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة نقادة، والفنان أحمد الشافعي، وعدد من القيادات التنفيذية والدينية والشخصيات العامة.
واستهل المحافظ جولته بتفقد معرض الحرف التراثية واليدوية المقام داخل الدير، والذي ضم مجموعة من المنتجات المحلية التي أبرزت مهارة الحرفيين في نقادة، حيث تنوعت المعروضات بين صناعة الكراسي من الجريد، والمجسمات الزجاجية للمآذن والكنائس، إلى جانب لوحات فنية مستوحاة من الفن القبطي والإيطالي المصنوعة على الخشب، ومنتجات تكتل الفِركة وصناعة الشال، والمشغولات الخشبية من خشب السرسوع، وسجاد الكليم، والمشغولات الخزفية والفخار القناوي والطواجن والأواني الفخارية التقليدية.
وقاد محافظ قنا الدكتور خالد عبدالحليم، ورشة عمل موسعة تناولت سبل تطوير واستدامة الحرف التراثية بالمحافظة، وذلك بمقر مكتبة مصر العامة بمدينة قنا، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين وممثلي المجتمع المدني وشيوخ الحرفيين، ضمن فعاليات مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية الذي يقام تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ، وبالتعاون مع مؤسسة "س" للثقافة والإبداع.
شهدت الورشة حضور عدد من القيادات التنفيذية والخبراء، من بينهم: الدكتور أسامة غزالي الباحث في مجال الطبيعة، ورشا مغازي مدير تطوير التكتلات بهيئة تنمية الصعيد، ومحمود العماري مدير جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بقنا، ومجدي نجيب وكيل وزارة التضامن الاجتماعي، ومنار محمد مدير وحدة التكتلات بالمحافظة، إلى جانب الناقد السينمائي هيثم الهواري رئيس مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية.
وفي مستهل أعمال الورشة، قدمت رشا مغازي عرضًا توضيحيًا استعرضت خلاله جهود برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر منذ عام 2018 في دعم واستدامة الحرف اليدوية بمحافظة قنا، مؤكدة أن المحافظة تمتلك إرثًا غنيًا في مجالات الفركة والفخار بنقادة، ما يجعلها ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي ومصدرًا مهمًا لفرص العمل، خصوصًا بين الشباب والنساء.
كما تناول العرض جهود البرنامج في تطوير التكتلات الحرفية من خلال تحسين العملية الإنتاجية ورفع كفاءة الحرفيين في التصميم والجودة، وتحديث أدوات الإنتاج لتلبية متطلبات الأسواق الحديثة، إلى جانب دعم البنية التحتية للمناطق الحرفية وتسهيل وصول منتجاتها إلى الأسواق المحلية والعالمية، بما يعزز استدامة تلك الحرف ويزيد قدرتها التنافسية.
بدورها، أوضحت منار محمد آلية عمل وحدة التكتلات بالمحافظة، مشيرة إلى إعداد خطة تنفيذية ودليل إرشادي باللغتين العربية والإنجليزية بالتعاون مع وحدة نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، بما يسهم في وضع خريطة دقيقة لمواقع الحرف والمشروعات المرتبطة بها.
وخلال مداخلته، أكد محمود العماري أن جهاز تنمية المشروعات يقدم دعمًا شاملاً للمنتجين في جميع مراحل تنفيذ مشروعاتهم، بدءًا من الفكرة وحتى التمويل والتسويق، بينما استعرض الدكتور أسامة غزالي أبرز تجمعات التكتلات بمحافظة قنا، ومنها تكتلات الألياف النباتية والفخار والنسيج والتطريز والأخشاب، مشيرًا إلى الإمكانات الواعدة لتلك الحرف في تعزيز التنمية الاقتصادية.
كما تحدث مجدي نجيب عن الدور الذي تقوم به مديرية التضامن الاجتماعي في دعم وتمويل مشروعات الحرفيين، مؤكدًا أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بالحرف اليدوية باعتبارها أحد روافد التنمية المستدامة.
وفي ختام الورشة، شدد محافظ قنا على أن الحفاظ على الحرف التراثية يمثل عملاً وطنيًا يسهم في صون الهوية الثقافية للمحافظة، مؤكدًا أهمية المضي في مسارين متوازيين؛ الأول الحفاظ على الطابع الأصيل للحرف القديمة، والثاني تطويرها بما يتناسب مع احتياجات العصر ويلبي طموحات الشباب.
كما وجه المحافظ بضرورة تمثيل جميع الحرف ضمن وحدة التكتلات بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمحافظة، ودراسة إنشاء شركة متخصصة لتطوير وتسويق المنتجات الحرفية.
واختُتمت أعمال الورشة بتكريم الدكتور خالد عبدالحليم محافظ قنا لعدد من شيوخ الحرف التراثية تقديرًا لعطائهم وتمسكهم بجذورهم الثقافية، وإسهامهم في استدامة الحرف اليدوية التي تمثل أحد أهم رموز الهوية والتراث القنائي الأصيل.
وانطلقت فعاليات المهرجان بعزف السلام الجمهوري، تلته كلمة الأنبا بيمن مطران نقادة وقوص الذي رحب بالمحافظ والضيوف، معربًا عن سعادته بالمشاركة في النسخة الأولى من مهرجان قنا الدولي للفنون والحرف التراثية، والذي يجسد وحدة النسيج الوطني ويعكس عمق التراث المصري الأصيل الذي تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل.
كما تضمن الحفل عرضًا مرئيًا بعنوان «برية الأساس.. حاضر مشرف وماضٍ عريق» تناول تاريخ مدينة نقادة ونشأة الأديرة والكنائس بها، أعقبه كورال خورس مدرسة الشهيد اسطفانوس، ثم فقرة فنية لفريق أبناء برية الأساس، تلتها فقرة فرعونية تم تقديمها خلال احتفالية نقل المومياوات الملكية عام 2021، إلى جانب فقرات فنية متنوعة جمعت بين الابتهالات الإسلامية والترانيم الكنسية، والأغاني الوطنية والدينية التي حملت رسالة محبة وسلام بين أبناء الوطن الواحد.
وفي ختام الاحتفال، أعرب الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا عن بالغ سعادته بالمشاركة في هذا الحدث الثقافي المتميز، موجّهًا الشكر لنيافة الأنبا بيمن على التعاون المثمر والمشاركة الفاعلة في إنجاح فعاليات المهرجان، مؤكدًا أن محافظة قنا ستظل نموذجًا للتنوع الثقافي والتلاحم الوطني الذي يجسد روح مصر الأصيلة، مشيدًا بما شاهده من عروض فنية ومعروضات تراثية تعكس إبداع الإنسان القنائي وتمسكه بجذوره وهويته الحضارية.