كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن المفوضية الأوروبية بصدد إنشاء هيئة استخباراتية جديدة تحت قيادة رئيستها أورسولا فون دير لاين، في محاولة لتحسين استخدام المعلومات التي تجمعها وكالات الاستخبارات الوطنية.
وذكرت مصادر مطلعة على الخطط، في لقاء خاص مع الصحيفة بشرط عدم ذكر طبيعة هويتهم، إن الوحدة الجديدة، التي سيتم تشكيلها داخل الأمانة العامة للمفوضية، تعتزم توظيف مسئولين من جميع أنحاء مجتمع الاستخبارات في الاتحاد الأوروبي وجمع المعلومات الاستخباراتية لأغراض مشتركة.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أن العمليات العسكرية الروسية المستمرة داخل أوكرانيا بخلاف تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن خفض الدعم الأمني الأمريكي لأوروبا، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التفكير في قدراته الأمنية الذاتية والبدء في أكبر حملة إعادة تسليح له منذ الحرب الباردة.
وقال أحد المصادر:"إن أجهزة الاستخبارات في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تعرف الكثير. والمفوضية تعرف الكثير. نحن بحاجة إلى طريقة أفضل لجمع كل ذلك معًا وأن نكون فعالين ومفيدين للشركاء. ففي مجال الاستخبارات، عليك أن تقدم شيئًا لتحصل على شيء " .
وأضافت المصادر أن هذه الخطوة تُعارض من قبل كبار المسئولين في جهاز الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، الذي يشرف على مركز الاستخبارات والموقف التابع للاتحاد "Intcen" من منطلق مخاوف من أن يؤدي ذلك النهج إلى ازدواجية دور الوحدة وتهديد مستقبلها، في حين لم يتم إبلاغ جميع الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي بالخطة رسميًا حتى الآن، لكن الموفضية تهدف إلى استقدام مسئولين على سبيل الإعارة من وكالات الاستخبارات الوطنية .
وقال متحدث باسم المفوضية لـ" فايننشال تايمز" إن الكتلة "تدرس كيفية تعزيز قدراتها الأمنية والاستخباراتية. وكجزء من هذا النهج، يجري النظر في إنشاء خلية مخصصة داخل الأمانة العامة".
وأضاف:" يجري تطوير المفهوم والمناقشات لا تزال جارية. لم يتم تحديد جدول زمني محدد"، مشيرًا إلى أنها "ستبني على الخبرات الموجودة داخل المفوضية وستتعاون بشكل وثيق مع الخدمات المعنية في جهاز العمل الخارجي الأوروبي".
وبحسب ما أشارت إليه الصحيفة البريطانية، فإن مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية لطالما شكلت موضوعًا حساسًا بالنسبة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. فقد كانت الدول الكبرى مثل فرنسا، التي تمتلك قدرات استخباراتية واسعة، حذرة من مشاركة المعلومات الحساسة مع الشركاء. وقد زاد ظهور الحكومات الموالية لروسيا في دول مثل المجر من تعقيد التعاون.
وفي هذا، توقعت مصادر أن تقاوم عواصم الاتحاد الأوروبي تحركات المفوضية لإنشاء صلاحيات استخباراتية جديدة لبروكسل. لكنهم أضافوا أن هناك مخاوف قائمة منذ فترة طويلة بشأن فعالية مركز الاستخبارات الأوروبي "Intcen"، لا سيما في ظل استجابة أوروبا للحرب الهجينة الروسية. وقال شخص ثانٍ:" لن تبدأ المفوضية بإرسال عملاء إلى الميدان".
وأضافت "فاينانشيال تايمز" أن تصريحات ترامب التي أشار فيها إلى إمكانية خفض الدعم الأمريكي لأوروبا وتعليقه المؤقت للدعم الاستخباراتي لأوكرانيا هذا الربيع أبرز مدى اعتماد القارة على واشنطن في بعض القدرات. كذلك، تأتي هذه الوحدة الجديدة في أعقاب قرار فون دير لاين بإنشاء "كلية أمنية" مخصصة لمفوضيها لتلقي إحاطات حول قضايا الأمن والاستخبارات. كما أنها اتخذت خطوات لتمويل شراء الأسلحة لأوكرانيا وإطلاق مشروع القمر الصناعي Iris².