أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت حرص الدولة على بناء منظومة وطنية في مجال الذكاء الاصطناعي الذي صار قاسما مشتركا لكل قطاعات الدولة، مشيرًا إلى أهمية بناء وعي مجتمعي حول أهمية هذه التكنولوجيا وفوائدها والمخاطر الناجمة عنها.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي ليس منافسا للإنسان لكنه أداة مساعدة له لتعزيز الكفاءة الإنتاجية؛ موضحا أنه يتم حاليا تنفيذ عدد من المشروعات لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن عدد من الأمراض؛ من بينها اعتلال الشبكية السكري، وسرطان الثدي، والجلوكوما، مشيرا إلى أن هذه المنظومات تسهم في اكتشاف الأمراض في مراحلها الأولى مما يتيح فرصا أفضل للعلاج وعلى نحو أكثر كفاءة.
جاء ذلك في كلمة الدكتور عمرو طلعت الافتتاحية لجلسة بعنوان "توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية البشرية: الفرص والتداعيات في مصر والمنطقة العربية" ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية بحضور الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، وبمشاركة تشيتوسي نوجوتشي الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، والدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق ورئيس المركز المصري لبحوث الرأى العام "بصيرة"، والدكتورة سميرة التويجري كبيرة خبراء السكان والتنمية في قطاع الممارسات العالمية للصحة والتغذية والسكان بالبنك الدولي. وأدار الجلسة الدكتورة عبير شقوير مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في مصر.
وفي كلمته، قال الدكتور عمرو طلعت إن موضوع الجلسة يعكس إدراكا عميقا لدور الذكاء الاصطناعي في منظومة الصحة التي تعد من أهم المنظومات التي تسعى الدولة إلى تنميتها وتعميق قدرتها، مشيرا إلى جهود الدولة لتعزيز استخدام هذه التقنيات في كافة قطاعات الدولة حيث تم البدء في إعداد النسخة الأولى من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في 2019، كما تم تأسيس المجلس الأعلى للذكاء الاصطناعي الذي يضم كافة الجهات ذات الصلة بهذه التكنولوجيا من جهات حكومية وقطاع خاص ومجتمع مدني.
وأوضح الدور الحيوي لمركز الابتكار التطبيقي التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لبناء منظومات لها أثرا تنمويا ملموسا على المواطن والمجتمع.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى التنسيق المستمر مع وزارة الصحة والسكان لاستخدام تكنولوجيا المعلومات وتطويعها لخدمة قطاع الصحة من خلال عدة مشروعات أبرزها مشروع التشخيص عن بُعد الذي تم إطلاقه بالتعاون بين وزارات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصحة، والتعليم العالي لتمكين أهالي القرى والنجوع من الحصول على خدمات صحية من خلال الربط التكنولوجي للوحدات الصحية في هذه المناطق بوحدات مركزية في المستشفيات الجامعية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ليحصل المرضى على أفضل خدمة طبية، من أساتذة وذوي خبرة من كبار الأطباء الاستشاريين في المستشفيات بمعاونة الطبيب الموجود في وحدات الرعاية الصحية دون الحاجة إلى الانتقال إلى هذه المستشفيات؛ موضحا أنه يتم حاليا دراسة إمكانية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بهذه المنظومة بهدف الاستفادة من قدرات هذه التقنيات في دعم جهود الكشف المبكر عن الأمراض.
وأضاف الدكتور عمرو طلعت أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الطبيب لكنه معاون ومساعد له يعمل على تحليل ملايين الصور الناتجة عن حملات الكشف الطبي التي تجريها وزارة الصحة في مختلف أنحاء الجمهورية لينتقي الحالات التي يحتمل إصابتها بالمرض لكي تخضع للدراسة من قبل الطبيب مما يسهم في رفع إنتاجية الأطباء وزيادة كفاءة وفاعلية هذه الحملات؛ مشددا على أهمية حوكمة تداول هذه البيانات لضمان حماية خصوصية بيانات المرضى؛ ومؤكدا أن النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي التي أطلقت في مطلع العام الجاري تتبنى سياسة متوازنة في هذا الشأن، تقوم على عدم الإفراط في فرض قيود قد تعرقل مسار تطور الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه عدم التفريط في خصوصية بيانات المواطنين وحمايتها.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أهمية توفير البنية التحتية المعلوماتية التي تشمل الحواسب والمعالجات المخصصة في استخدامات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الدولة لديها بنية تحتية رقمية تساعد على إنتاج تطبيقات باستخدام الذكاء الاصطناعي، وجارٍ العمل على التوسع في اقتناء إمكانات جديدة وتأسيس بنية تحتية معلوماتية مخصصة للذكاء الاصطناعي وتخصيص بعض مواردها للقطاع الخاص والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة أيضا لدفع عجلة تقدم وتيرة الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات الدولة.
كما أكد الدكتور عمرو طلعت أهمية صقل مهارات الشباب وتمكينهم من اكتساب مهارات التعلم المستمر وتطوير مصفوفة مهاراتهم على نحو يعزز قدرتهم على المنافسة في سوق العمل، مضيفا أن سوق العمل والمهارات تتأثر بانتشار استخدامات الذكاء الاصطناعي إذ تراجعت بعض الوظائف في حين خلقت وظائف جديدة وازداد الطلب عليها، موضحا أن الإحصائيات تشير إلى أن أكثر الوظائف طلبا في العالم في عام 2024 هي وظيفة مهندس التساؤلات وهو المختص باستخراج إجابات دقيقة من منظومات الذكاء الاصطناعي التوليدي.