من خلال موقعى كرئيس تحرير لمجلة المصور، ومن خلال متابعاتى لكافة المقالات، التى تكتب فى الصحف المصرية، سواء قومية أو مستقلة أوضريبة، ومن خلال متابعاتى لما يكتب فى صحيفة «المقال» وانتقادات الزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير «المقال»، للرئيس السيسى وسياسات الدولة، أستطيع أن أؤكد الانحياز التام للرئيس السيسى لحرية الصحافة.
فلم يحدث أن رأينا أى رد فعل غاضب أو انتقامى للرئيس السيسى من مقال هنا أو مقال هناك، وإن كان من حقه أن يغضب عندما ينال أى مقال من مصر المحروسة، ولكن الرئيس السيسىفى حقيقة الأمر لا يغضب من أى نقد أو من أى كاتب ناقد لشخصه أو سياساته، أو سياسات حكومته.
أقرأ مقالات الزميل إبراهيم عيسى دائمًا، فى إطار قراءاتى لكل الصحف صباحًا وأنا فى طريقى من التجمع الخامس لدار الهلال بالسيدة زينب.
وكثيرًا ما أرى حدة الانتقاد من إبراهيم عيسى للرئيس السيسى، ولكنى لم أر أى تصرف من الرئيس السيسى، وكذلك الحال من أى كاتب ينتقد الرئيس السيسى، الأمر الذى يؤكد مدى قبول الرئيس للنقد ولحرية الرأى سواء كان هذا الرأى على صواب أو غير صواب.
ورغم كل ذلك، تمت دعوة الزميل إبراهيم عيسى فى مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، الأمر الذى يؤكد قبول السيسى لكل الآراء ما دامت تستهدف الصالح العام، وإن اختلفت اللغات..
وكنت أتمنى أن يمتد انحياز الرئيس السيسى لحرية الصحافة إلى كافة المسؤولين، نعم أرى ذلك الانحياز لحرية الصحافة أيضًا فى المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، الذى يتعرض لأعنف موجات الانتقادات، بل وتجاوز هذا الانتقاد فى أحيان كثيرة، ولكنه لم يلجأ إلى معاقبة من ينتقده بالتقدم ببلاغ إلى النائب العام، وكثيرًا ما أتحدث مع رئيس الوزراء، فى بعض الموضوعات الصحفية، فضلًا عن الانتقادات الموجهةله فى مجلة المصور- رغم صداقتى الشخصية به - إلا أنه لم يغضب أو يتدخل لعدم تناول أى قضية صحفية.
وكذلك هناك مسؤولون كثيرون يسيرون على نفس الدرب، إيمانًا بحرية الصحافة التى لا تستهدف سوى الصالح العام فى النهاية.
ولكن الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، سار عكس اتجاه الرئيس، ومن منذ أول يوم لتوليه مسئولية رئاسة مجلس النواب، وهو يترصد الصحفيين، والأمثلة كثيرة، ولكنى سوف أتوقف عند البلاغ، الذى تقدم به إلى النائب العام ضد إبراهيم عيسى بتهمة الإساءة للبرلمان، وأيده فى ذلك البعض من أعضاء البرلمان غير مبالين بأثر ذلك على صورة حرية الصحافة، التى يقدمها الرئيس السيسى لدى الشعب المصرى وفى خارج مصر.
ألا يعلم الدكتور على عبدالعال أن حرية انتقاد المسؤول فى الصحافة المصرية، أفضل رسالة نقدمها إلى العالم بأنه لا يوجد أى قمع للرأى فى مصر.
أدعو الدكتور على عبدالعال للتوقف عند الصورة، التى نشرت لإبراهيم عيسى عقب خروجه من النيابة ونشرها على المواقع الإلكترونية فى داخل وخارج مصر، ألا تؤدى هذه الصورة إلى التفاف الكثيرين من المصريين حول إبراهيم عيسى وصحيفة المقال، وفى هذا الشأن، فليسمح القارئ بمقولة أستاذى الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد فى صحيفة الوطن، بأن الضجة، التى أثارها المجلس حول مقاله تسببت فى توسيع نطاق توزيع صحيفة المقال، وبما يتجاوز كثيرًا متوسطات توزيع الصحيفة اليومى وكأن المطلوب أن نخلق من الكاتب الصحفى زعيمًا سياسيًا رغم أنفه.
ويقول أستاذى مكرم محمد أحمد فى مقاله، وما من شك أن تصوير إبراهيم عيسى على أنه عدو الرئيس وعدو البرلمان وعدو مصر بأجمعها يحمل الكثير من المبالغة الفجة ويخترع عدوًا غير موجود.
لقد أخطأ الدكتور على عبدالعال فى تقديم بلاغ للنائب العام ضد إبراهيم عيسى، وهى سابقة عالمية، حيث لم يحدث أن قدم أى برلمان فى العالم بلاغا ضد كاتب صحفى، وكانت هناك وسائل كثيرة من الممكن أن يسلكها د. على عبدالعال، فى وقت لا تتحمل فيه مصر أية معارك جانبية غير الصمود أمام معركة الإرهاب.
وهنا سوف أستعين بما كتبه الكاتب الكبير عبدالقادر شهيب، بأنه كان يمكن للدكتور على عبدالعال احتواء الأزمة بالتقدم بشكوى لنقابة الصحفيين لتباشر مسؤوليتها، التى ينص عليها قانونها بمحاسبة أعضائها على أخطائهم المهنية، وكما يقول الكاتب الكبير عبدالقادر شهيب.. الحساب المهنى أجدى من الحساب الجنائى، والرد على الانتقادات أهم.
كنت أتمنى أن يسأل الدكتور على عبدالعال نفسه.. وماذا بعد التقدم ببلاغ ضد إبراهيم عيسى، هل سيتم حبسه بعد محاكمته؟ وهل سيتم إغلاق صحيفته بعد إغلاق برنامجه؟
وهل سيمنع ذلك أية انتقادات من بقية الكتاب؟
وأخيراً .. ما هو العائد من حبس إبراهيم عيسى أو أى صحفى؟
و أسأل الدكتور على عبدالعال، وهل من المقبول أن يحدث هذا وندخل فى معارك جانبية؟
وهل من المقبول أن تفعل ما يرفضه الرئيس السيسى الذى لم يتخذ أى إجراء ضد أى رأى أياً كانت حدته.
سيدى الدكتور عبدالعال فلتعد إلى القواعد التى وضعها الرئيس السيسى بأنه لا مصادرة ولا قمع لرأى.
القضية ليست إبراهيم عيسى، الذى لا نريد أن نصنع منه بطللاً أو زعيماً، بل هو كاتب فقط.
القضية هى مصر أولاً وأخيراً.