نحتفل في 19 نوفمبر من كل عام، باليوم العالمي للرجل، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا الرجال الصحية والنفسية والاجتماعية، وتقدير دورهم في الأسرة والمجتمع، بعيدًا عن الصورة النمطية التي تربط الرجولة بالقوة فقط، ومن منطلق تلك المناسبة نستعرض مع أخصائية إرشاد تربوي، كيف تربي الأم طفلاً يعي مفاهيم الرجولة الحقيقية عند نضجه؟.
ومن جهتها قالت الدكتورة هبة الطماوي، أخصائي الإرشاد النفسي والتربوي والعلاقات الأسرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، تعد الرجولة من أكثر المفاهيم التي تحتاج إلى إعادة تعريف، ليس لأنها فقدت قيمتها، في عالم يشهد تغير سريعاً، وتتشابك فيه الأدوار والقيم، بل لأن كثيرًا من الأطفال يربون عليها بطريقة مشوهة، فينشأون إما على قسوة زائدة، أو هشاشة زائدة، وفي الحالتين نفتقد رجلًا قادرًا على حمل مسؤوليته الإنسانية قبل مسؤوليته الاجتماعية.

وأضافت، أن الرجولة ليست صوتا عاليًا، ولا قسوة، ولا تحمل فوق الطاقة، بل كما يعرفها علم النفس التنموي، هي قدرة الإنسان على تحمل المسؤولية، وضبط الذات، وحماية نفسه وغيرِه دون عدوان، وعلى الأم أن تتبنى بعض الاستراتيجيات التي تساعدها في نشأة رجل ناضج وسوي، والتي من أهمها ما يلي:
-الرجولة تبدأ من الطفولة، وليس عند البلوغ، والنضج يتم بالتراكم، فكل مرة تقول له عليك القيام بالأفعال الجيدة، تبني فيه الضمير، وعندما تحترم مشاعره وتتيح له مساحة للتعبير عن أحاسيسه، تبني رجولة سوية لا تخجل من إنسانيتها، ويكون قائدًا لا تابعًا.
-يجب تعليم صغيرك أن الرجولة تعي المسؤولية، حيث أن الأطفال الذين يتحملون مسؤوليات صغيرة في البيت، مثل ترتيب أغراضه، المساعدة في بعض المهام، الاعتذار عند الخطأ، يصبحون أكثر قدرة على تحمل المسؤوليات الكبرى في المراهقة والرشد، وإدراك عواقب أفعاله وتحمل نتائجها، وتعلم الفرق بين القوة والسيطرة.
-اسمحوا له أن يحس، فالمشاعر لا تناقض الرجولة، ومن أكبر الكوارث التربوية جملة" لا تبكي أنت رجل"، لأن منع الطفل من التعبير عن حزنه وغضبه يخلف قمعًا انفعاليًا، ويظهر لاحقًا في صورة عدوان أو تجمد عاطفي، فالرجل الحقيقي يشعر، ويعبر، ويتحكم وليس يكبت.
-الرجل يحترم المرأة، لأنها إنسانة قبل أي لقب، والتربية القائمة على احترام الآخر، خصوصًا الأم والأخت، تخلق رجلًا لا يمارس العنف، ولا يستسهل الإهانة، ولا يرى نفسه أعلى من المرأة، والرجولة الصحيحة تبدأ في البيت، عندما يرى الصبي، كيف يتكلم الأب مع الأم؟، وكيف يسمح للولد أن يعامل أخته؟، وكيف يتعلم حدود جسده واحترام حدود الآخرين؟.
-علموه مهارات الرجولة النفسية، وهي ضبط النفس قبل الغضب، والمرونة بدل العناد، والجرأة في قول الحق دون تجريح، والاستقلال في اتخاذ القرار، والوعي قبل القوة، هذه المهارات تكتسب بالتدريب اليومي، لا بالوعظ.
-الرجل الذي يرفع يده على الضعيف لا يملك قوة بل كسرًا داخليًا، والطفل يجب أن يتعلم أن القوة تستخدم للحماية لا للإيذاء، وللدفاع لا للهيمنة.
-علمي ابنك أن يكون رجلًا رحيمًا، فالرجولة في أصلها رحمة، بنفسه، بأمه، وبمن يحب، وهي التي تصنع رجلًا يضيف للعالم، لا عبئًا عليه.