شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، توقيع أمر شراء الوقود النووي لمحطة الضبعة النووية، إلى جانب الاتفاق على البرنامج الشامل للتعاون مع شركة "روساتوم" الروسية، في خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة مصر في مجال الطاقة النووية السلمية، واستكمال مسيرة مشروع محطة الضبعة النووية.
مصر تدخل نادي الكبار للطاقة النووية
وقالت الدكتورة وفاء علي، أستاذة الاقتصاد وخبيرة شؤون الطاقة، إن مصر تمضي بخطوات حاسمة نحو مستقبل واعد في الطاقة النووية، مؤكدة أن الدولة تسعى لدخول نادي الدول الرائدة في هذا المجال وفق تصنيف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتصبح ضمن الدول التي تنشئ محطات نووية سلمية متقدمة.
وأوضحت خلال حديثها لبوابة "دار الهلال" أن حلم مصر النووي بدأ منذ أكثر من خمسين عامًا، واعتمدت خلاله الدولة على توليد الطاقة النووية لضمان أمن الطاقة الوطني وحماية البلاد من الضغوط الدولية المتعلقة بملف الطاقة، مع الحفاظ على استقلال القرار الوطني.

مشروع محطة الضبعة
أشارت الدكتورة وفاء إلى أن المشروع يمثل خطوة كبرى في مسار التحول الطاقي لمصر، حيث تعتمد الدولة على استراتيجية متكاملة تشمل تنويع مصادر الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، مع دمج الطاقة النووية بنسبة 3% ضمن مزيج الطاقة الوطني.
وأضافت أن المشروع يساهم في تحسين جودة الصناعات المحلية المرتبطة بالمحطة بنسبة مكون محلي يفوق 35%، وتوفير الطاقة بأسعار مناسبة لدعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز فرص التشغيل للمواطنين، استخدام الطاقة النووية في تطبيقات سلمية متنوعة مثل تحلية مياه البحر، الزراعة، البحث العلمي، والعلاجات الإشعاعية، وكذلك خفض الانبعاثات الكربونية في إطار استراتيجية الحياد الكربوني.
وأكدت أن المشروع يسهم في حماية الموارد الطبيعية من النفط والغاز، ويعزز التعليم الفني المتخصص لتخريج أجيال جديدة من الكوادر المؤهلة للعمل بالمحطة، مع الإشراف الكامل للخبرات المصرية والدولية.
مشاركة رؤساء الدول والقيادة السياسية
وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، كما شاهدا توقيع أمر شراء الوقود النووي.
وأكد الرئيس السيسي أن محطة الضبعة تعد من أهم المشاريع القومية في تاريخ مصر الحديث، وتمثل خطوة محورية لتعزيز أمن الطاقة والتحول إلى اقتصاد مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة.
من جانبه، أشاد الرئيس بوتين بالشراكة المصرية-الروسية، مؤكدًا أن الوحدة الأولى ستنتج 460 ميغاوات، وستسهم الشراكة في زيادة الطاقة بمقدار 35 ألف كيلوواط، مشيدًا بجهود المهندسين المصريين والروس في بناء المحطة.

تفاصيل المشروع والبنية التحتية
تتكون محطة الضبعة النووية من أربع وحدات، كل وحدة بقدرة 1200 ميغاوات، مزودة بمفاعلات VVER من الجيل الثالث المطور، وتقع على بعد نحو 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة.
وأوضح بيان هيئة المحطات النووية المصرية أن وعاء ضغط المفاعل يُعد المكون الرئيس لقلب المفاعل، ويتميز بقدرته على تحمل الضغط ودرجات الحرارة العالية، بما يضمن أعلى معايير الأمان والموثوقية.
محطة الضبعة والطموح البحثي والاقتصادي
أكد الإنفوجراف الصادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن المحطة تمثل أول محطة مصرية لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، وتعد إضافة استراتيجية تدعم خطط الدولة للتحول في قطاع الطاقة، وتعزز التنمية المستدامة، مع رفع كفاءة الكوادر المصرية في مجال التكنولوجيا النووية السلمية.
وأشار إلى أن المشروع يشارك فيه أكثر من 600 شركة، 25% منها مصرية، وتصل نسبة العمالة المصرية إلى حوالي 80%.
كما أثنى رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، على جهود مصر في استخدام الطاقة النووية بأمان وفي تطبيقات سلمية، معتبرًا أن الاستثمارات المصرية في هذا القطاع تشكل نقطة تحول محورية للبلاد والمنطقة.

الجدول الزمني للتنفيذ
دخلت عقود المشروع حيز التنفيذ في ديسمبر 2017، ومن المتوقع أن تدخل الوحدة الأولى في التشغيل خلال النصف الثاني من عام 2028، تليها الوحدات الثلاث الأخرى حتى عام 2030، كما أكدت شركة "روساتوم" الروسية اكتمال العمل على بعض المعدات الأساسية للوحدة الثالثة، وتصنيع وعاء ضغط الوحدة الثانية، تمهيدًا لتسليمها في النصف الأول من 2026.