قال الدكتور محمد عبدالهادي، الخبير الاقتصادي، إن البنك المركزي المصري اتخذ خلال اجتماعاته السابقة لسعر الفائدة في عام 2025 مسارًا واضحًا نحو التيسير النقدي، حيث خفض أسعار الفائدة بإجمالي 6.25%، بواقع 2.25% في أبريل، و1% في مايو، ثم 2% في أغسطس، وأخيرًا 1% في أكتوبر.
وأضاف أن هذا المعدل من الخفض يعادل تقريبًا ما قام البنك المركزي برفعه خلال عام 2024 والذي بلغ 6%، ما يعني أن دورة التشديد النقدي التي تمت في 2024 قد تم عكسها بالكامل خلال عام 2025.
وأوضح عبدالهادي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال، أن التوقعات بشأن قرار الفائدة المقبل تعتمد على مجموعة من المعايير الاقتصادية المهمة، وعلى رأسها معدل التضخم الذي شهد تذبذبًا ملحوظًا خلال الأشهر السابقة، حيث سجل 13.9% في يوليو، و12% في أغسطس، و11.7% في سبتمبر، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 12.5% في أكتوبر.
وأكد أن عودة التضخم للارتفاع جاءت بعد زيادة أسعار البنزين وفقًا لقرارات لجنة تسعير الوقود، الأمر الذي يرجح استمرار الضغوط التضخمية في قراءة شهر نوفمبر 2025، خاصة وأن البنك المركزي يستهدف خفض التضخم إلى مستوى 7%.
وأشار إلى أن معدل البطالة يُعد أحد المعايير الأساسية التي تُبنى عليها قرارات السياسة النقدية، حيث سجلت البطالة في الربع الثالث من عام 2025 نحو 6.4% مقابل 6.7% لنفس الفترة من عام 2024، بما يعكس تحسنًا نسبيًا في سوق العمل.
كما لفت إلى أن معدلات النمو الاقتصادي شهدت ارتفاعًا بلغ 4.4% وفق آخر الإحصائيات الرسمية، مما يعكس تحسنًا في الأنشطة الإنتاجية خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف عبدالهادي أن أسعار الصرف تشهد حالة من الاستقرار مع تحسن ملحوظ في قيمة الجنيه أمام الدولار، نتيجة ارتفاع إيرادات السياحة وزيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وتحسن الصادرات الصناعية غير النفطية، إلى جانب انتعاش حركة الملاحة في قناة السويس.
وأشار كذلك إلى أن تدفقات النقد الأجنبي شهدت دعمًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، كان آخرها الصفقة القطرية التي بلغت قيمتها 29.7 مليار دولار، وهو ما ساهم في تعزيز الاحتياطي النقدي.
وأوضح أيضًا أن سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تمثل أحد المعايير التي تؤخذ في الاعتبار عند تحديد اتجاه أسعار الفائدة داخل مصر، خاصة في ظل الضغوط من الإدارة الأمريكية نحو خفض الفائدة، وهو ما قد يؤثر على قرارات البنوك المركزية عالميًا.
وأكد عبدالهادي أن القراءة الشاملة لهذه المؤشرات تكشف أن البنك المركزي المصري قد يتجه نحو تبني معيار إضافي وهو البعد الاجتماعي، خاصة في ظل اعتماد شريحة واسعة من المواطنين على عوائد المدخرات، ومع الارتفاع الأخير في أسعار الوقود وانعكاسه على تكلفة المعيشة.
وتوقع تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل بات احتمالًا قويًا، خصوصًا وأنه يأتي قبل الاجتماع الأخير من العام، ما يتيح للبنك المركزي فرصة تقييم أثر التخفيضات السابقة إلى جانب تأثير رفع الوقود على مستوى الأسعار.
وأوضح أن تثبيت أسعار الفائدة قد يكون الخيار الأكثر توازنًا في الوقت الحالي، لضمان استقرار الأسواق، ومتابعة نتائج القرارات السابقة، والحفاظ على القوة الشرائية للمواطن في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.