تحل اليوم، 23 نوفمبر 1957، ذكرى وفاة الشاعر اللبناني الكبير إيليا أبو ماضي، أحد أبرز شعراء المهجر في بداية القرن العشرين، وأحد مؤسسي "الرابطة القلمية" في نيويورك التي تأسست رسميًا عام 1920 على يد أعظم الأدباء في تلك الفترة، من بينهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ورشيد أيوب وإيليا أبو ماضي نفسه.
وُلد إيليا أبو ماضي عام 1889 في قرية المحيدثية في المتن الشمالي اللبناني، مع وجود اختلاف بين النقاد حول سنة ميلاده الدقيقة، حيث يميل بعضهم، ومنهم طه حسين، إلى عام 1891. نشأ في عائلة بسيطة الحال، وحصل على تعليم ابتدائي محدود في قريته، حيث كانت المدرسة بجوار الكنيسة، لكن الفقر والجوع دفعاه إلى الهجرة إلى مصر، وتحديدًا الإسكندرية، عام 1900 برفقة عمه الذي كان يعمل في تجارة التبغ.
في الإسكندرية، عمل أبو ماضي نهارًا مع عمه في بيع السجائر، بينما خصص الليل للدراسة والاطلاع على الكتب وتعلم النحو والإعراب.، وعلق على هذه الفترة بقوله: "وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجائر في النهار في متجر عمي، وفي الليل كنت أدرس النحو والصرف تارة على نفسي وتارة في بعض الكتاتيب".
بدأ أبو ماضي ينشر أعماله الأدبية في المجلات اللبنانية الصادرة في مصر، وهناك التقى بأنطون الجميل وأمين تقي الدين، مؤسسي مجلة "الزهور"، اللذين أعجبا بموهبته وقررا دعم أعماله ونشر بعض قصائده.
لاحقًا، اضطر أبو ماضي لمغادرة مصر والهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليس بسبب الفقر هذه المرة، بل نتيجة كتاباته السياسية التي أثارت غضب السلطات آنذاك، وصل إلى أمريكا برفقة مجموعة من أدباء جيله، الذين أصبحوا فيما بعد معروفين باسم "شعراء المهجر".
اعتمد أبو ماضي في بداياته أسلوب القصيدة العمودية التقليدي، لكنه نجح بعد هجرته إلى أمريكا في تطوير هذا الشكل وتحديثه بشكل كبير، عاش هناك مع شقيقه الأكبر مراد، وعمل معه في التجارة لمدة أربع سنوات، قبل أن ينتقل إلى نيويورك عام 1916 ليترأس تحرير "المجلة العربية"، ويشارك لاحقًا في إصدار "مجلة الفتاة" التي كان يصدرها شكري البخاش، كما عمل في تحرير مجلة "مرآة الغرب" عام 1918.
وفي عام 1920، ساهم إيليا أبو ماضي في تأسيس "الرابطة القلمية"، وهي واحدة من أهم الرابطة الأدبية في العالم، وأسهمت بشكل كبير في تعريف الأدب العربي في المهجر وشهرة أدبائه، وضمت أبرز أدباء المهجر اللبنانيين والسوريين، من بينهم جبران خليل جبران، ونسيب عريضة.