دومة: ضرورة إنشاء هيئة مستقلة لصناعة الدواء
عوف: تأهيل الكوادر في إدارة الصيدلة
الحماقي: الاستقلالية مطلوبة لتطوير القطاع
تأكيدات وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، على ضرورة دعم الاستثمار في قطاع الصحة باعتباره قادرًا على تحقيق تنمية حقيقية في مجال الإنتاج وتوفير العملة الصعبة مع تحقيق عائد اقتصادي ضخم، جعلت المراقبين والخبراء في قطاع الدواء يضعون آلية واضحة للنهوض بقطاع الدواء في مصر، مشددين على ضرورة تشكيل هيئة مستقلة معنية بالدواء وعدم تابعيتها لوزارة الصحة، لأن الاستقلال أهم آليات تطوير القطاع وتحقيق مكاسب مادية من خلاله، خصوصًا أن القاهرة تتوسط منطقة حيوية تعاني بشكل كبير من صناعة الدواء وتعتمد في المقام الأول على الاستيراد لتغطية احتياجاتها، فالسوق الإفريقية أكبر ملتهم للأدوية والعقاقير الطبية، ثم تأتي الدول العربية خصوصًا دول الخليج، فمصر قادرة على الاستثمار في هذا المجال وغزو السوق العربية والإفريقية، بما تمتلكه من إمكانيات وكوادر مؤهلة في القطاع الدوائي.
وشدد خبراء قطاع الدواء على ضرورة تخلّي وزارة الصحة عن الشروط التعجيزية التي تضعها، وعن البيروقراطية التي تنتهجها مما تجعل سوق الدواء طاردًا للاستثمار بشكل كبير ورئيسي.
عرقلة مستقبل صناعة الدواء
وفي هذا السياق، شدد الدكتور أحمد أبو دومة المتحدث باسم نقابة الصيادلة، على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة لصناعة الدواء في مصر، لحل مشكلات القطاع والقدرة على تحقيق استثمار حقيقي وواعد من خلال صناعة الدواء الوطنية، في ظل منطقة متعطشة وفقيرة للغاية في صناعة الدواء.
وأضاف المتحدث باسم نقابة الصيادلة لـ«الهلال اليوم»، أن مصر قادرة على الاستثمار في قطاع الأدوية إذا أدير الملف بحرفية، ويساعد في النمو الاقتصادي، لأن بها العديد من الكوادر والكفاءات والخبرات التي تعتمد عليها الشركات العالمية في إدارة هيئاتها في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بالكامل، مؤكدًا أن السوق المصرية سوق مستهلكة جيدا للدواء بسبب الكثافة السكانية الكبيرة، فضلا عن توسط موقعها باعتبارها بوابة للدول الإفريقية التي لا توجد بها صناعة دواء وتستورد كل احتياجاتها الدوائية بالكامل، وكذلك دول منطقة الخليج تكاد أيضًا تكون خالية من صناعة الدواء، ولكن كل هذه الفرص الواعدة تتحطم بسبب عدم الاهتمام بتنمية هذا القطاع المهم والحيوي.
وأشار أبو دومة إلى أن هناك مجموعة من المعوقات تواجه قطاع الدواء في مصر، ابتداءً من استيراد المواد الخام وتسجيل الأصناف في وزارة الصحة وتحديد سعرها وإشكالية تحديد سعرها بشكل يناسب المجتمع المصري، مشيرًا إلى أن هذا كله يقف عقبة في طريق الملف الصناعي والدوائي للاستثمار، قائلا إن الحل في البداية يكون بوجود هيئة دواء مصرية، لأنها القادرة على حل 80 إلى 90% من مشكلات الدواء في مصر، بداية من تصنيعه حتى توزيعه، مشيرًا إلى أن هذه الهيئة موجودة في كل دول العالم التي تقدمت في صناعة الدواء.
بيروقراطية «الصحة» وعرقلة الاستثمار في قطاع الدواء
قال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، إن الاتجاه لتشجيع الاستثمار في قطاع الدواء شيء محمود لوزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، لأنه يمثل قطاعا مهما واستيراتيجيا وأمنا قوميا.
ولفت عوف، لـ«الهلال اليوم»، إلى ضرورة تحديد جهة واضحة للاستثمار وفي أي مستوى في القطاع الدوائي يمكن الاهتمام به ودعمه، لأن خلال السنوات العشر القادمة سيكون هناك أصناف دوائية بفكر تصنيعي عالٍ، وسيتم ضخ أصناف جديدة ستلغي كل الأصناف الموجودة حاليًّا، لتكون بديلة عن العقاقير والأقراص والأدوية المنتشرة حاليًّا بتكنولوجيا جديدة، مشددًا على ضرورة التركيز على تمهيد التربة الخصبة لهذه التكنولوجيا الحديثة لمواكبة العصر.
وطالب رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية بضرورة تشجيع الشركات العاملة في قطاع الدواء على الاهتمام بمستقبل صناعة الدواء في مصر، مؤكدًا أن ما تضعه وزارة الصحة من عوائق وشروط وبيروقراطية تعجيزية للمستثمرين في قطاع الدواء تجعلهم يعزفون عن الاستثمار في القطاع، فضلًا عن الإجراءات العقيمة الموضوعة من قبَل الوزارة، مثل العمل في المجال لمدة 5 سنوات، والكوادر المؤهلة، والمادة نفسها، كل ذلك يعيق تطوير المجال، على حد قوله.
وأضاف عوف أن الجهة المنوطة بتطوير قطاع الدواء "إدارة الصيدلة" تعاني إهمالًا شديدًا، فـ«السيرفر» الخاص بجميع معلومات الدواء ملقى على الأرض في طرقات الإدارة، ما يعد انتهاكا واضحًا لأمن البلد، فمعلومات الدواء تمثل أمنًا قوميا، مطالبًا بضرورة النهوض بمنظومة إدارة الصيدلة، فضلا عن تطوير العاملين في القطاع وتدريبهم على الوسائل التكنولوجية الحديثة، وكيفية استخدام الميكنة واستقبال المعلومات والصيانة.
إنشاء هيئة مستقلة للدواء لتطوير أداء القطاع
قالت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن الاستثمار في قطاع الدواء مهم للغاية ويسهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي وقد سبقتنا فيه دول كثيرة مثل الأردن لأن حجم صادراته من الدواء مرتفع جدا، لكن المشكلة في مصر تكمن في عدم استغلال الفرص في المجال الدوائي.
وأكدت الحماقي لـ«الهلال اليوم»، ضرورة إنشاء هيئة مستقلة للأدوية، من أجل التطوير والارتقاء بمجال الدواء في مصر وإتاحة الاستثمار فيه، لأن وجود قطاع الدواء تحت مظلة وزارة الصحة لن ترفع من تنافسية صناعة الدواء ولا تطويره، لافتة إلى أن حديث وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين عن المجال محمود وجيد، لكنه يحتاج إلى استقلالية وغير تابع للوزارة التي تملك آليات لترخيص الأدوية، لافتتة إلى ضرورة الحزو في ركب الدول المتقدمة وإنشاء هيئة مثل هيئة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا التي أنشأت هيئتين، واحدة للغذاء وأخرى للدواء، ومن الأفضل والأقرب أن نحزو حزو الاتحاد الأوروبي، لأننا أنشأنا هيئة للغذاء تضمن سلامته، ونحتاج إلى إنشاء هيئة لسلامة الدواء، دورها منح الموافقة على صناعة الدواء وتوزيعه ومتابعته وتشجيعه وتطوير أدائه ورفع روح المنافسة والمراقبة عليه.
وطالبت أستاذ الاقتصاد بوضع استراتيجية لسوق الدواء تقوم على توصيف الواقع، واستغلال الطاقات الهائلة غير المستغلة في قطاع الأعمال العام، فضلا عن ضم القطاع الخاص، والعمل على إنتاج المادة الفاعلة، مشددة على ضرورة وضع رؤية ثابتة تخضع لرعاية وزير الصحة حتى إنشاء هيئة مستقلة لصناعة الدواء، مؤكدة أن قطاع الدواء واعد وله فرص حقيقية ويحقق أرباحا كبيرة، فالطلب على الدواء في مصر عالٍ وفرص الإنتاج المحلية متوفرة وتحل محل الواردات التي تكلف ميزانية الدولة مليارات الدولارات، مؤكدًا أن سوق صناعة الدواء في مصر قادرة على تحقيق عائد اقتصادي ضخم من خلال إنتاج العقاقير الطبية، لأن إفريقيا سوق مهمة بالنسبة إلى مصر، بجانب الأسواق العربية.