الإثنين 24 نوفمبر 2025

ثقافة

جلسات بحثية في ملتقى أطلس المأثورات بسوهاج تستعرض السيرة الهلالية من زوايا أدبية وثقافية وتاريخية

  • 24-11-2025 | 18:08

جانب من الفعاليات

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

تواصلت بديوان عام محافظة سوهاج فعاليات الملتقى العلمي الرابع لأطلس المأثورات الشعبية "السيرة الهلالية ورواتها"، الذي يقام تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، في إطار جهود الوزارة لدعم عناصر التراث الثقافي غير المادي وإبراز إسهامات رواة السيرة الهلالية عبر الأجيال. 

وتضمن اليوم الأول للملتقى ثلاث جلسات بحثية، بحضور د. محمد حسن عبد الحافظ، رئيس الملتقى، د. حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، د. الشيماء الصعيدي مدير عام أطلس المأثورات الشعبية، جمال عبد الناصر مدير عام إقليم وسط الصعيد الثقافي، أحمد فتحي مدير فرع ثقافة سوهاج، وبحضور لفيف من القيادات الثقافية والتنفيذية وعدد من الباحثين والمتخصصين والمهتمين بالشأن التراثي.

وجاءت الجلسة البحثية الأولى بعنوان "حضور السيرة الهلالية في الأدب والفنون"، أدارها د. محمد حسن حافظ، تناول خلالها العلاقة بين السيرة الشعبية والنص الأدبي الحديث، مؤكدا أن الرواية العربية المعاصرة تقوم على الصراع مع الآخر، وأن السير الشعبية تثّل أساس نشأة الرواية الحديثة، كما يعد الشعر الشعبي أصلا للشعر المعاصر.

وقدمت خلالها د. رشا الفوال بحثا بعنوان "البنية الملحمية للسيرة الهلالية في الرواية المعاصرة: مقاربة سيكو–سوسيولوجية"، أشارت خلاله إلى ما تحمله السيرة من ثراء لغوي ودلالات نفسية واجتماعية، مؤكدة تجلي حضور البطل الملحمي في رواية "عزيزة ويونس" لسمير درويش، مع تحليل آليات التناص واستدعاء الراوي الشعبي وتجليات الصراع القبلي والاغتراب.

كما قدم د. شعيب خلف بحثا بعنوان "صورة المكان الأول للإبداع السردي في مصر"، موضحا أن السيرة الهلالية تمثل محورا للسرد الصعيدي وطقوس الحكي الشعبي، وتحمل كنوزا ثقافية تلهم الأجيال العربية.

وتواصلت الفعاليات مع عرض قدمته الطالبة جنة محمود فتحي لجزء من السيرة الهلالية، أعقبته مداخلة للباحث زياد أيمن حول استلهام السيرة الهلالية في الفنون التشكيلية المعاصرة، مقدما لوحات لعازف الربابة، موضحا دور التوثيق البصري في تعزيز حضور التراث الشعبي.

وتوالت المداخلات من قبل الحضور، منهم د. كرم مسعد الذي دعا لتوسيع المشروع الفني وتصميم منتجات جماهيرية مستوحاة من السيرة، كما دعت د. سمر زياد لتعزيز التواصل مع الجمهور، وطالبت د. أسماء الخولي بتمكين الأجيال الجديدة من الاستفادة من خبرات الباحثين.

وأكد مدير عام إقليم وسط الصعيد أهمية فهم التناص المباشر وغير المباشر في السيرة، فيما أشار الشاعر عصام مهران إلى خصوصية السيرة لارتباطها بالرواة المصريين، وعبر النقيب عن فخره بإقامة الملتقى في سوهاج.

كما دعت الباحثة هبة عبد الوهاب إلى إدماج قيم السيرة في المناهج التربوية وتحويل موتيفاتها إلى تصاميم عصرية "أزياء"، فيما أثنت د. نيفين خليل على أعمال الباحث زياد أيمن ودعت لدعم المبادرات الشبابية في هذا المجال.

وجاءت الجلسة البحثية الثانية بعنوان "الهوية الثقافية ومسار بني هلال والجغرافيا"، أدارها د. مصطفى محمود، وتحدث خلالها عن دور التراث الحي في إدارة الدخل والتنمية المستدامة، مركزا على اقتصاديات التراث وتسويق المنتجات الشعبية مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والبيئية، مقدما نموذجا من خلال تجربة الشاعر عزت القرشي الذي ورث الشعر عن والده وجده.
ثم قدمت د. أسماء الخولي دراستها التي استعرضت خلالها رحلة الشخصيات في السيرة الهلالية ودورها في نقل الهوية الثقافية.

وقدم د. وائل المتولي بحثا تناول فيه تحليل السمات الجغرافية لمسار بني هلال وأثر الجغرافيا على الرواة، مشيرا إلى غياب الدراسات المتكاملة التي تربط بين الجغرافيا والتاريخ والأدب الشعبي، وطرح تساؤلات حول توظيف التقنيات الحديثة لتعزيز السياحة المرتبطة بالسيرة الهلالية.

وتناول النقاش رمزية السيرة ودورها في تعزيز التواصل بين الأجيال ونقل القيم الثقافية المستدامة، بينما ناقشت الباحثة نهاد حلمي أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية ودمجها ضمن مفهوم التنمية.
كما طرحت د. حنان موسى تساؤلات حول سبل جذب الأطفال عبر ألعاب إلكترونية وشخصيات مستوحاة من السيرة.

أما الجلسة البحثية الثالثة جاءت بعنوان "قراءة تاريخية وشعرية في السيرة الهلالية"، ترأستها د. الشيماء الصعيدي، واستندت خلالها إلى تجربتها الميدانية في مطروح ولقائها بأحد الرواة الذين وصفتهم بكنز بشري لعمق معرفته بالسيرة.

كما تطرقت إلى السياق التاريخي، والألعاب والحلي الشعبية، والسحر الشعبي في السيرة، مؤكدة دورها في نشر اللغة العربية والمذهب المالكي والتصوف بالمغرب العربي رغم معارضة الدولة الفاطمية.

وشارك الشاعر عبد القادر طريف بدراسة حول "التغريبة الهلالية" معتبرا أنها التسمية الأدق من السيرة، مشيرا إلى أن أبو زيد الهلالي ولد في الأغلب على ضفاف النيل، مستشهدا بأبيات شعرية مروية عنه. 

كما تحدث التراثي قدورة العجني عن انتشار التغريبة من ليبيا إلى المغرب وموريتانيا والخليج، وارتباطها بالدولة المستنصرية وقبائل بني سليم والرماح.

واختتمت الجلسة ببحث قدمه الباحث مصطفى تهامي بعنوان "السيرة بين النص الشفاهي والمدون"، أوضح خلاله أن التدوين يمنح السيرة استقرارا لكنه يحد من ديناميكية أدائها الشفاهي، مما يطرح إشكالية التوازن بين الحيوية والثبات.

ينظم ملتقى السيرة الهلالية ورواتها من خلال الإدارة العامة لأطلس المأثورات الشعبية، وبإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، وفرع ثقافة سوهاج، وتستمر فعالياته حتى مساء غد الثلاثاء بمشاركة وفد من الأكاديميين المتخصصين في صون التراث الثقافي غير المادي إلى جانب باحثي الإدارة المعنيين بتوثيق السير الشعبية والروايات الشفاهية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة