تواجه فيتنام عامًا مليئًا بالكوارث الطبيعية، إذ ضربتها عواصف متتالية وفيضانات تاريخية تسببت بخسائر لا تقل عن 3 مليارات دولار، ما كشف هشاشة بنيتها في مواجهة التغير المناخي.
وذكرت وكالة أنباء "بلومبرج" - في تقرير، اليوم /الخميس/ - أن الفيضانات والانهيارات الأرضية أدت خلال الأسبوع الأخير وحده إلى مقتل ما لا يقل عن 98 شخصًا وتشريد العديد من الأسر، بينما تواصل خمس محافظات جهود التعافي وسط دمار واسع في المنازل والمحاصيل والبنى التحتية.
وتتعرض فيتنام لضغط متزايد في ظل موسم عواصف غير مسبوق، حيث ضربت البلاد 14 عاصفة هذا العام مع اقتراب أخرى، ويبرز هذا الواقع خطورة موقع البلاد الجغرافي الممتد على 3 آلاف و200 كيلومتر من السواحل، ما يجعلها عرضة بشدة لموجات العواصف وارتفاع منسوب المياه.
وقد سجلت مدن سياحية كبرى فيضانات واسعة، بينما شهدت العاصمة هانوي غمرًا متكررًا للمياه تسبب في شلل الحركة، كما تأثر قطاع الزراعة، وخصوصًا إنتاج البن بتأخير الحصاد وأضرار المحاصيل الناجمة عن الأمطار الغزيرة.
وعلى الرغم من أن التغير المناخي له دور كبير في تضخيم أثر الكوارث، فإن نقاط الضعف الداخلية تفاقم الوضع، حيث تشير الدراسات إلى أن إزالة الغابات والتنمية العمرانية غير المخططة وإعاقة أنظمة التصريف تساهم في ارتفاع المخاطر، وتكشف خطة التكيف المناخي التي رفعتها فيتنام للأمم المتحدة عن ثغرات كبيرة، تشمل عدم كفاية منظومات الإنذار المبكر، وتدهور آلاف الخزانات، وعدم تحديث 70% من السدود البحرية.
وتحذر تقديرات البنك الدولي من أن التغير المناخي قد يكلّف فيتنام ما بين 12% و14.5% من إجمالي الناتج المحلي سنويًا بحلول منتصف القرن إذا لم تُتخذ إجراءات قوية للتكيف والتخفيف، وتحتاج البلاد إلى نحو 254 مليار دولار للاستثمار في التكيف بحلول عام 2040، وهو مبلغ يفوق قدرة تمويلها المحلي، ما يجعل الدعم الدولي ضرورة ملحّة.
وقد بدأت دول مثل كوريا الجنوبية وأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بالفعل بتقديم مساعدات عاجلة للمناطق المنكوبة، فيما تعهدت دول العالم في قمة المناخ "كوب 30" بزيادة تمويل التكيف ثلاث مرات بحلول عام 2035.
ويرى الخبراء أن الحلول الطبيعية قد تكون أكثر فاعلية وأقل تكلفة من البنى التحتية الضخمة، مثل حماية غابات "المانجروف" التي تمتص قوة العواصف، والحفاظ على الشعاب والمحار التي تقلل قوة الأمواج، والمحافظة على الغابات المطيرة التي تربط التربة ببعضها.
وتبقى فيتنام أمام تحدٍّ كبير لتعزيز قدرتها على الصمود، أسوةً بدول أخرى في جنوب شرق آسيا التي تواجه تحديات مشابهة مع شدة الفيضانات والعواصف المتزايدة.