تحل اليوم ذكرى وفاة الفنانة الكبيرة شادية، إحدى أيقونات الفن المصري وصاحبة المسيرة الأكثر تنوعًا وإلهامًا بين نجمات جيلها. فبصوتها العذب وحضورها اللطيف وموهبتها المتدفقة، استطاعت شادية أن تحجز لنفسها مكانًا لا ينافسها فيه أحد، وتتحول إلى رمز سينمائي وغنائي لا يزال حاضرًا في وجدان الجمهور حتى اليوم.
لم يكن نجاح شادية مجرد ضربة حظ، بل ثمرة موهبة فريدة وجهد متواصل، فقد وهبت حياتها للفن، ورأت في الغناء والتمثيل رسالتها الأساسية. وبرغم المنافسة الشرسة في بداياتها، نجحت في أن تصبح نجمة الصف الأول، مؤكدة في أحد حواراتها القديمة: «سر نجاحي أنني وضعت هدفًا واضحًا أمامي وسرت نحوه حتى النهاية، ولو عادت بي الأيام لاخترت الطريق نفسه خطوة بخطوة».
ولدت شادية في حي الحلمية بالقاهرة، واسمها الحقيقي فاطمة أحمد كمال الدين شاكر. ورغم أن حلمها الأول كان أن تصبح مطربة عالمية، فإن دخولها المجال الفني جاء بالمصادفة، عندما اصطحبها والدها للمشاركة في مسابقة لشركة اتحاد الفنانين التي أسسها المخرج حلمي رفلة. أعجب رفلة بموهبتها، ومنحها أول أدوارها في فيلم "العقل في إجازة" عام 1948، لتبدأ رحلة الصعود.
وروت شادية في أحد لقاءاتها أن أول اختبار لها أمام الكاميرا كان مرعبًا بالنسبة لها، لكنها فوجئت بالمخرج حلمي رفلة يقترب منها ويخبرها بأنه معجب بموهبتها ويريدها بطلة فيلمه الأول، ليكون ذلك بداية انطلاقتها الفنية.
مع مرور السنوات، أصبحت شادية نجمة استثنائية، تجمع بين خفة الظل والقدرة على أداء أكثر الأدوار تعقيدًا. وقدمت مجموعة من أهم أفلام السينما المصرية، بينها:شباب امرأة،زقاق المدق،معبودة الجماهير،الزوجة رقم 13
أما في الغناء، فقد صنعت إرث لا يُمحى، من خلال أعمال لا تزال حاضرة في ذاكرة الجمهور، وعلى رأسها الأغنية الوطنية الشهيرة "يا حبيبتي يا مصر"، التي باتت رمزًا للوطنية والحب الخالص لمصر.
بعد رحلة فنية امتدت لعقود، فضلت شادية اعتزال الفن عام 1985، وقدمت آخر أعمالها السينمائية في فيلم "لا تسألني من أنا" عام 1984، ثم ظهرت للمرة الأخيرة فنيًا بأغنية "خد بإيدي" في الليلة المحمدية. وبعد ذلك اختارت التفرغ لحياتها الخاصة بعيدًا عن الأضواء، لكن اسمها ظل محفورًا في الذاكرة الفنية.