تحل ذكرى رحيل أحمد فؤاد نجم، الفاجومي الذي خرج من قلب الريف الشرقي ليصبح أحد أبرز أصوات الشعر العامي المقاوم في القرن العشرين. لم يكن نجم مجرد شاعر يكتب، بل حالة إنسانية وفنية صنعت لنفسها مكانًا بين الناس، صوتًا للمقهورين، ولسانًا ساخرًا لا يلين أمام سلطة أو قيد. وفي كل عام، تعود سيرته لتذكرنا بأن الكلمة حين تصدق تتحول إلى سلاح، وأن الشعر حين ينبض بالحياة يظل أبقى من الزمن.
وُلد في 23 مايو 1929 بقرية كفر أبو نجم بمحافظة الشرقية، ورحل في مثل هذا اليوم عام 2013، بعد أن ترك بصمة لا تُمحى في وجدان الشعر المصري والعربي.
صدر ديوانه الأول "صور من الحياة والسجن" عام 1962 بينما كان يقضي فترة العقوبة في سجن القلعة "أرميدان"، حيث ساعده مأمور السجن على إرسال قصائده للاشتراك في مسابقة الكتاب الأول التي ينظمها مجلس الفنون. وبعد نشر الديوان، كتبت عنه الدكتورة سهير القلماوي في الأهرام، ليخرج في اليوم ذاته من السجن شاعرًا معروفًا.
وفي مقدمة الديوان، كتبت الدكتورة سهير القلماوي: ".. وهكذا نجد في هذا الديوان موهبة أصيلة، تتنسم عبير الانطلاق نحو الآفاق لتحقق فيها موهبة متفاعلة بما حولها، متعمقة ما في نفسها، محاولة بهذا وذاك أن تخرج لنا صورًا من الحياة بأفراحها وأتراحها وأزمانها وتطلعاتها".
وكتب عنه الأديب الراحل يوسف إدريس واصفًا إياه بأنه "الفارس الذي تمنيت أن أكونه"، فيما قال عنه الكاتب صلاح عيسى: "اكتشفت وأنا أتأمل مشاعري تجاه (نجم) الإنسان، ونجم (الشاعر)، ونجم (الفاجومي)، العنيد العصي على الإفساد، إنني أمام ابن البلد الحقيقي الذي أتمنى أن أكونه، وأن جلده فعلاء عباءة الفلاحين القادمين من حقول القمح، وبيان القادمين من الصناعات الخفيفة ليقوموا بالواجب اليومي ضد الهزيمة".
أما الشاعر الفرنسي لويس أراغون فقال: "إن فيه قوة تسقط الأسوار"، بينما منحه الناقد علي الراعي لقب "الشاعر البندقية". وعلى النقيض، وصفه الرئيس الراحل أنور السادات بأنه "الشاعر البذيء"، في إشارة إلى حدّة نقده وسخريته اللاذعة في مواجهة السلطة.