الخميس 23 مايو 2024

١٠٢ حزب.. ليه؟

8-3-2017 | 12:48

إذا سألت أى مواطن عادى عن الأحزاب السياسية فى مصر قد لا يعرف منها عدد أصابع اليد الواحدة وإذا تعمقت وسألت أحد المثقفين يمكن أن يعرف عددها ولكنه لا يستطيع إحصاءها حتى الباحثين والمهتمين بالشأن الحزبى قد لا يعرفون أسماء ١٠٢ حزب سياسى فى مصر، والسؤال الذى لابد أن نطرحه هل نحن بحاجة لكل هذا الكم من الأحزاب السياسية فى مصر؟

لا توجد دولة فى العالم لديها هذا الكم من الأحزاب السياسية حتى ارتبط لفظ الحزب بـ”الكرتونى”.

مصر لديها تاريخ حزبى ممتد تعود البداية الحقيقية له لعام ١٩٠٧ حين تم إنشاء الحزب الوطنى على يد الزعيم المصرى مصطفى كامل، والذى كان دافعا إلى نشأة أحزاب أخرى جاءت لتشاركه فى قضية التحرير الوطنى مثل حزب الأمة والذى أسسه أحمد لطفى السيد.

وظهر حزب الوفد كحركة شعبية فى بادئ الأمر كانت تهدف إلى تأييد المجموعة المصرية التى تم اختيارها كممثلين عن الشعب المصرى للتفاوض مع المحتل من أجل تحقيق الجلاء.

ثم توالى بعد ذلك تكوين عشرات الأحزاب ومنها الحزب الشيوعى المصرى الذى أسسه حسنى العرابى عام ١٩٢٢، وحزب الإصلاح وأسسه الشيخ على يوسف وجريدته المؤيد، وحزب النبلاء والحزب الدستورى وحزبى الوطنى الحر والحزب المصرى كما كانت أحزاب الكتلة السعدية والأحرار الدستوريين وغيرها من الأحزاب المنشقة عن حزب الوفد، حتى تم تجميد النشاط الحزبى فى مصر بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ لتدخل مصر مرحلة التنظيم السياسى الواحد ممثلا فى الاتحاد الاشتراكي، وحتى قيام الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بالإعلان عن التعددية الحزبية وإنشاء المنابر عام ١٩٧٦، والتى تكونت من ثلاثة منابر منبر اليسار ويمثله حزب التجمع الاشتراكى برئاسة خالد محى الدين، ومنبر اليمين ويمثله حزب الوفد برئاسة فؤاد سراج الدين ومنبر الوسط ويمثله الحزب الوطنى الديمقراطى والذى أسسه وتولى رئاسته السادات.

وبعد ذلك تم صدور قانون الأحزاب السياسية رقم ٤٠ لسنه ١٩٧٧ بشأن تنظيم إنشاء وتكوين الأحزاب السياسية فى مصر، والذى تحول بمقتضاه النظام السياسى فى مصر رسميا إلى التعددية الحزبية، مما سمح بتواجد أحزاب علنية مثل حزب العمل الاشتراكى وحزب الأحرار بجانب الأحزاب الثلاثة السابقة، هذا بجانب بعض الأحزاب والجماعات السياسية التى كانت تعمل سرًا مثل جماعة الإخوان والحزب الشيوعى المصرى.

جاءت ثورة ٢٥ يناير خالية من القيادة وغياب القيادة فراغًا سرعان ما ملأته القوتان صاحبتا التنظيم على الأرض بحكم الأمر الواقع وميزان القوى، جماعة الإخوان والسلفيين «التيارات الإسلامية»، مما منح فرصة مثالية لوجوه النخبة السياسية القديمة لإعادة تدوير نفسها، وعودتها إلى صدارة المشهد، بالإضافة للوجوه الجديدة، حتى أصبح لدينا ١٠٢ حزاب.

الرئيس عبدالفتاح السيسى لم ينضم لحزب ولم ينشئ حزبًا حتى لا يؤثر فى الحياة السياسية سلبا، وحتى لا تصبح مصر مرة أخرى بلد الحزب الواحد، فى إشارة منه لكل الأحزاب بتصحيح مسارها والاتجاه للشارع والجماهير، حتى أن كان معروفًا أن قيام حياة حزبية سليمة يستغرق بعض الوقت، حتى تتبلور خريطة حزبية واضحة المعالم بعد ثورتين، وتتكون من أحزاب حقيقية، تعبر عن مختلف الشرائح الفكرية والاجتماعية للمجتمع ليكون لدينا تعددية حقيقية، تتنافس فيها عدة أحزاب قوية، تمتلك المقومات الفكرية، والقدرات التنظيمية، والإمكانات المالية، وتتمتع بالديمقراطية الداخلية البعيدة عن الشخصنة والفردية، وتمثل قواعد جماهيرية حقيقية، فلا تكون مجرد صالونات نخبوية، ولهذا لابد من إعادة النظر فى القوانين المنظمة للحياة السياسية والحزبية، بحيث لا تجد إلا الأحزاب القوية ولابد من وضع القانون للحوار المجتمعى واقترح أن يتم حل كل حزب لا يحصل على مقعد فى مجلس النواب، وكذا لابد للحزب الذى ينشأ أن يكون له مقرات وأمانات فى نصف عدد محافظات الجمهورية وأن يكون له عدد معين من الأعضاء فى كل محافظة وهذا ينتج عنه دمج كل الأحزاب القريبة فى البرامج مع بعضها البعض وتكوين كيانات حزبية قوية، مصر تحتاج إلى أربعة أو خمسة أحزاب ليس أكثر يكون لديهم الملاءة المالية والقدرة التنظيمية وبرنامج يهتم بشريحة من كبيرة من المواطنين يستطيعون حسم معاركة الانتخابية فى مجلس النواب والمحليات، وهذا يؤدى إلى تداول السلطة بين التيارات المختلفة.