يظل الفنان عبد الغني النجدي واحدًا من أبرز الوجوه التي رسخت حضورها في السينما المصرية رغم قصر مدة ظهورها على الشاشة، والأدوار الصغيرة التي اعتاد تقديمها، إلا أنه استطاع بملامحه المميزة وأدائه البسيط والمتقن أن يحجز لنفسه مكانًا ثابتًا في ذاكرة الجمهور، وأن يترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الفن المصري. وبابتسامته الهادئة و«شنبه» الشهير، قدم النجدي عشرات الشخصيات التي أصبحت جزءًا من ملامح السينما في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وُلد عبد الغني النجدي في 6 ديسمبر 1915 بقرية المشايعة التابعة لمركز الغنايم بمحافظة أسيوط، ونشأ وسط بيئة بسيطة انعكست لاحقًا على أدائه التلقائي في أعماله. وبرغم أن أدواره كانت غالبًا تدور في إطار «الخادم – البواب – العسكري»، فإنه نجح في تحويل هذه الشخصيات إلى «علامة» سينمائية لا يمكن تجاهلها.
ما لا يعرفه كثيرون هو أن النجدي لم يكن مجرد ممثل يؤدي أدوارًا مساندة، بل كان أيضًا كاتبًا صاحب موهبة، وضع سيناريو وحوار فيلم «إجازة بالعافية»، كما كان يمتلك قدرة لافتة على تأليف النكات، وبيعها لكبار نجوم الكوميديا والمونولوج مثل إسماعيل ياسين وشكوكو. وكان يضع «تسعيرة» للجملة الواحدة تصل إلى جنيه، وهو رقم كان له قيمة كبيرة في ذلك الوقت.
وبرغم موهبته الكبيرة، عاش النجدي في الظل ولم يحظَ بنفس التقدير الذي ناله كبار نجوم الكوميديا، لكنه ظل حاضرًا بقوة في ذاكرة الجمهور، بفضل حضوره الطاغي، و«كاريزما» مميزة صنعت منه أحد أعمدة الفيلم المصري.
شارك عبد الغني النجدي في أكثر من مائة فيلم، من أبرزها:
«العتبة الخضراء»، «بين السما والأرض»، «الرجل الثاني»، «الخطايا»، «الفانوس السحري»، «غاوي مشاكل»، «قاهر الظلام»، «الحفيد»، «مدينة الصمت»، «حمام الملاطيلي»، «ربع دستة أشرار»، «أرض النفاق»، «المذنبون»، «لا يا من كنت حبيبي»، وغيرها من الأعمال التي ارتبطت بها أجيال.
قدم النجدي أيضًا أدوارًا لافتة في التلفزيون والمسرح، وكان مأذونًا في «العيال الطيبين»، وبوابًا في «وعادت الحياة»، وغيرها من الأعمال التي أظهر فيها براعة الأداء رغم محدودية المساحة.
رحل عبد الغني النجدي في 20 مارس 1980، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا، ومسيرة غنية تؤكد أن الأدوار الصغيرة قد تصنع نجومية خاصة، وأن الفنان الحقيقي لا يحتاج كثيرًا من الكلمات ليترك أثرًا لا ينسى.