السبت 6 ديسمبر 2025

مقالات

تاريخ نهب الآثار المصرية (1) موجز تاريخي للنهب الاستعماري لآثار مصر القديمة

  • 6-12-2025 | 09:46
طباعة

تُعد الحضارة المصرية القديمة من أغنى الحضارات الإنسانية وأكثرها تأثيرًا على مستوى العالم، وقد خلّفت وراءها كنوزًا لا تُقدّر بثمن من الآثار والمعابد والمسلات والأقنعة والقطع النادرة، وكل مظاهر وأدوات الحياة على نهر النيل عبر خمسة آلاف عام ويزيد. ومع ذلك، فإن تاريخ هذه الحضارة العريقة يتشابك مع تاريخ طويل ومؤلم من النهب والتهريب، وما يؤكد هذه الحقيقة المؤلمة أيضًا أنه لا توجد حضارة في العالم تعرضت آثارها للنهب لأسباب متعددة، وعلى رأسها النهب الاستعماري (المنظم)، مثلما تعرضت الحضارة المصرية القديمة. والحقيقة أنه يمكن الادعاء بأن آثار مصر القديمة لم تُبدد في متاحف العالم مصادفة، بل هي نتاج سلسلة متصلة من العمليات بدأت منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد في عهد الأسرة العشرين، وربما قبل ذلك، وتدرّجت بعد ذلك من «نقل رسمي» إلى «تهريب منظَّم»، مرورًا بـ«الهدايا الدبلوماسية» و«تقاسم الكنوز» في عصر الاستعمار. إن الغنى الثقافي والحضاري الهائل للحضارة المصرية، إلى جانب الظروف الاستعمارية والاقتصادية التي سمحت بالخروج العشوائي الكثيف للقطع الأثرية خارج حدود مصر دون رقيب، حيث لم يقتصر النهب على العمليات غير الشرعية، بل شمل أيضًا تصديرًا “قانونيًا” في بعض الفترات التاريخية، مثل عصر الاستعمار البريطاني والفرنسي، حيث سُمح بتصدير الآثار مقابل دعم الحفريات أو كجزء من اتفاقيات دولية.

ويمكن تلخيص هذا التاريخ الطويل في ثماني محطات رئيسة تشرح كيف خرجت ملايين القطع من وادي النيل إلى روما ولندن وباريس ونيويورك، ثم إلى أسواق بعض العواصم العربية والمزادات الإلكترونية.

أولًا – النهب في عصر الأسرة العشرين (حوالي 1113 ق.م.)

بدأ النهب في مصر منذ العصور القديمة نفسها، حيث سُجلت أولى الحالات الموثقة في عام 1135 ق.م.، عندما اكتشف الكهنة عمليات سرقة واسعة في وادي الملوك، حيث نهب اللصوص المقابر الملكية للحصول على الذهب والمجوهرات. كانت هذه العمليات غالبًا مدفوعة بالفقر أو الاضطرابات السياسية، وأدت إلى تدمير سياقات أثرية كاملة، مما يفقد العلماء معلومات تاريخية قيمة، كما تشير السجلات التاريخية، مثل بردية أبوت وبردية ليوبولد الثاني، إلى محاكمات لصوص المقابر التي جرت في عهد الأسرة العشرين. وقد كان الدافع الرئيسي للصوص في تلك الفترة هو الحصول على المعادن الثمينة والمجوهرات التي كانت تُدفن مع الملوك والنبلاء. وقد تعرضت معظم مقابر وادي الملوك للسرقة في غضون مئة عام من إغلاقها، باستثناء مقبرة توت عنخ آمون التي نجت نسبيًا.

ثانيًا – العصر الروماني (30 ق.م – 476 م)

تم نقل مجموعة أثرية ضخمة من المسلات وغيرها عن طريق رسمي لأغراض دعائية دينية تتعلق بالإمبراطورية الرومانية البيزنطية، فعقب ضم مصر محافظة عام 30 ق.م. أمر الأباطرة بشحن المسلات إلى روما كي يبرهنوا على عظمة الإمبراطورية الرومانية وفتوحاتها، وأن كنوز الشرق كلها أصبحت ملكية خاصة بها. ومن أشهر القطع هناك مسلة أغسطس (سيتي الأول) التي وُضعت في ساحة بوبولو سنة 10 ق.م.، وكذلك مسلة كاليجولا (أمنحتب الثاني) التي وُضعت في الفاتيكان عام 37 م، ومسلة لاتيرانيزي (230 طنًا) التي نُقلت من الكرنك إلى روما عام 357 م. ومع انتشار المسيحية أُغلقت المعابد، واستخدمت أحجارها في أسوار المدن، ونُقلت التماثيل إلى القسطنطينية (إسطنبول اليوم).

ثالثًا – العصر الإسلامي (641 – 1798 م)

تمثل طريق نقل الآثار فيه إعادة تدوير محلية وهدايا محدودة، فقد بُنيت الفسطاط والقاهرة بأحجار الأهرام والمعابد، لكن بعض المسلات ظلت قائمة بهليوبوليس. أما المماليك والعثمانيون فقد أهدوا قطعًا أثرية للبابوات والملوك الأوروبيين مقابل سلع أو دعم عسكري. وعام 1587 م أعاد البابا سيكستوس الخامس نصب مسلة رمسيس الثاني في روما بعد أن كانت مهدمة منذ العصر الروماني.

رابعًا – الحملة الفرنسية (1798 – 1801 م)

تمثل الحملة الفرنسية شكل الاستعمار العلمي الأول حين أنشأ نابليون «المجمع العلمي» الذي أوصى بـ«اختيار أجمل الآثار وإرسالها إلى باريس». ومع استسلام الفرنسيين استولى الإنجليز على حجر رشيد وأرسلوه إلى المتحف البريطاني (1802 م) كأول قطعة أثرية «مسرّبة» شهيرة في العصر الحديث.

خامسًا – عهد محمد علي والأسرة الخديوية (1805 – 1882 م)

كان يتم تقديم الآثار كهدايا دبلوماسية نظير تقنيات ودعم سياسي، ففي عام 1819 م تم نقل «مسلة كليوباترا» إلى لندن. وعام 1826 م تم نقل «مسلة الأقصر» إلى ساحة الكونكورد بباريس مقابل ساعة لم تعمل. وفي عام 1830 م تم نقل مسلة رمسيس الثاني إلى سنترال بارك بنيويورك. فيما كانت تُبرم اتفاقيات «تقسيم» الآثار المكتشفة مع البعثات الأوروبية، فكانت تُعطيها ثلث أو نصف (أو أكثر) مما يُكتشف.

سادسًا – الاحتلال البريطاني (1882 – 1952 م)

كان الطريق لنقل الآثار عبر السوق الحرّة والمزادات العلنية، ومع ضعف التشريع آنذاك، كان يُتيح شراء القطع من التجار وشحنها عبر الإسكندرية. بينما كانت تُباع مئات التوابيت والتماثيل في صالات ومزادات عرض كريستي وسوثبي. ومن أبرز الآثار المسروبة التمثال النصفي للمهندس «عنخ حا أف» المصنوع من الحجر الجيري، وهو المهندس الذي أشرف على بناء هرمي خوفو وخفرع، ويبلغ ارتفاعه حوالي نصف متر (في بوسطن)، وقناع «كا-نفر-نفر» (في سانت لويس)، وهذا القناع له قضية شهيرة في المحاكم الأمريكية حين رفضت المحكمة هناك في الولايات المتحدة تسليم القناع بسبب عدم تقديم مصر الأوراق الرسمية التي تثبت أحقيتها فيه، وتمثال «حم إيونو» (في ألمانيا) حيث يُحفظ في متحف رومر-بيليزيوس في مدينة هلدسهايم، وهذا التمثال حجمه أكبر من الحجم الطبيعي ومن الحجر الجيري.

سابعًا – الجمهورية حتى ثورة يناير (1952 – 2010 م)

كان يتم تقديم الآثار كهدايا رئاسية مقابل دعم دولي مع تزايد التهريب الصغير عبر الأفراد والحقائب الدبلوماسية. وبين 1960-1968 م قام الرئيس عبد الناصر بمنح خمس معابد نوبية كاملة لمجموعة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، هي معبد دندور (في روضة الفنون بنيويورك بالولايات المتحدة)، ومعبد طافا (في متحف الآثار في مدينة ليدن في هولندا)، ومعبد الليسيه (في متحف تورينو في إيطاليا)، ومعبد دابود (في حديقة ديل إويستي في مدينة مدريد بإسبانيا)، وبوابة معبد كلابشة (في جناح الآثار المصرية بمتحف برلين في ألمانيا)، مقابل مساهمة هذه الدول في إنقاذ آثار النوبة. وفي السبعينيات إلى التسعينيات ازدهرت السوق العالمية لقطع الآثار، وظهرت مزادات تستخدم الصور بالفاكس، وتم تهريب القطع الصغيرة في حقائب دبلوماسية. وبين أعوام 2000-2010 م تم بيع التوابيت والأوشابتي على منصات eBay وعلي بابا.

ثامنًا – ما بعد 25 يناير 2011

حين حدث الانهيار الأمني وحدث تنقيب عشوائي كثيف عن الآثار، وُجدت أكثر من 5000 حفرة غير شرعية بالجيزة والعياط والأقصر. كما تمت سرقة 100 قطعة من المتحف المصري واستُرجع معظمها بعد ذلك، كما تم ضبط حاويات في الإسكندرية وسفاجا مُخفاة داخل «ألواح رخام» و«براميل زيت». وقدرت الخسائر حينها بحوالي مليون قطعة، أو ما قيمته 3 مليارات دولار، تم تهريبها إلى أسواق رئيسية في لندن ونيويورك ودبي.

كيف خرجت الآثار؟

إن أكثر من ثلث قطع المتحف البريطاني وصلت خلال الاحتلال (1882-1956)، كما أن نظام “التقسيم” (Partage) كان يسمح بتقسيم الاكتشافات بين مصر والبعثات الأجنبية، وبعضها كان، على سبيل المثال، في بداية القرن التاسع عشر، حيث كانت الآثار تُعامل كهدايا يهديها الأمراء والملوك للتجار والدبلوماسيين الأجانب. ففي عام 1855 مثلًا أهدى عباس باشا مجموعة أثرية للأرشيدوق النمساوي ماكسميليان. وأصدر محمد علي باشا في 15 أغسطس 1835 مرسومًا يحظر تصدير الآثار المصرية، لكن بعد وفاته عام 1849 عادت الأمور إلى سابق عهدها، كما قام القناصل والدبلوماسيون والرحالة الأوروبيون، مثل جيوفاني باتيستا بلزوني وهنري سولت وغيرهم، بجمع وشراء الآثار بكميات كبيرة وإرسالها إلى أوروبا، حيث كانت القوانين المصرية في ذلك الوقت لا تزال في مراحلها الأولى من التطور والإنفاذ. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، خرجت قطع أيقونية مثل حجر رشيد (الموجود في المتحف البريطاني)، ومسلة الأقصر (الموجودة في ساحة الكونكورد بباريس)، وتمثال نفرتيتي (الموجود في المتحف المصري ببرلين) من مصر في هذه الفترة، سواء كغنائم حرب أو بموجب اتفاقيات رسمية أو امتيازات. ووفقًا لهذا، لم يكن «تهريب الآثار» حدثًا عابرًا ارتبط بالفقر أو الانهيار الأمني فحسب؛ بل هو امتداد لتاريخ طويل من المفاوضات غير المتكافئة، بدأه لصوص قبور ومحتلّون رومان، وأعقبه علماء استشراق، ثم خلفاء وباشوات، فملوك وتجار، حتى صار في أيامنا سلعة تُباع على «إي باي» وتُخبأ في «مخازن مجهولة» بأطراف العالم.

الآثار المصرية الموجودة خارج مصر:

دعونا نجيب على سؤال رئيسي لهذه المقالة: هل آثار مصر في الخارج تبلغ مليون قطعة أم خمسة ملايين قطعة؟ الحقيقة أن الأعداد الإجمالية تبدو أحيانًا أبعد مما يمكننا أن نتخيل، إذ يوجد حوالي 52 متحفًا أجنبيًا (أو أكثر) تحتوي على ما يقرب من مليون قطعة أثرية مصرية، منها 38 متحفًا يشتمل على 780 ألف قطعة حسب الإحصاءات الرسمية، و14 متحفًا آخر بها عشرات الآلاف من القطع غير المحصورة بدقة.

يقال أيضًا إنه تم إضافة 5 ملايين قطعة لمجموعة الآثار في المتحف البريطاني، والتي تُسمى مجموعة وندورف للعصور ما قبل التاريخ في مصر والسودان، وهذا هو الرقم الذي يتحدث عنه البعض بأن هناك 5 ملايين قطعة من هذه المجموعة تعود للآثار المصرية، وهذا غير صحيح لأن هذه المجموعة تضم قطعًا مصرية وسودانية وتنتمي لعصور قديمة أقدم من الحضارات التي قامت في مصر والسودان.

جهود استرداد الآثار المصرية من الخارج:

نجحت مصر في استرداد أكثر من 30 ألف قطعة أثرية في الفترة من 2014 وحتى أغسطس 2024، بالتعاون مع دول مختلفة منها ألمانيا والولايات المتحدة وهولندا.

الجدير بالذكر أن معظم هذه الآثار خرجت من مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين بطرق متنوعة، بعضها كان قانونيًا حسب تشريعات تلك الحقبة، والبعض الآخر تم تهريبه بطرق غير مشروعة.

حسنًا، يمكنني أن أدعوك، عزيزي القارئ، للتحقق الفعلي من عدد قطع الآثار المصرية بالخارج من خلال المصادر الغربية ومقتنيات المتاحف المعروضة، وتلك التي في المخازن، وما قد تحتويه قصور الملوك والأمراء من مجموعات خاصة بهم في الخارج!

أبرز الدول والمتاحف وأعداد القطع بها:

هذا الإحصاء للآثار المصرية في الخارج من واقع مواقع المتاحف ومعاهد الآثار الغربية، وكذلك ملفات اليونسكو وما نُشر في الصحف الغربية والمصرية، فإن أكبر المتاحف وفقًا للمصادر الرسمية موزعة على أكبر الدول احتفاظًا بالآثار المصرية كالتالي:

المملكة المتحدة:

لا يكاد يخلو شارع من شوارع لندن، عاصمة المملكة المتحدة، من متحف، ولعل أشهرها هو المتحف البريطاني (British Museum) الذي يحتوي بين 100,000 و110,000 قطعة، يُعرض منها 4% فقط من مقتنياته المصرية كل عدة شهور أو أقل. بينما يقول الخبراء إن أكثر من ثلث القطع وصلت خلال الاحتلال البريطاني (1882-1956). ثم هناك متحف بتري (Petrie Museum) الذي يحتوي أكثر من 80,000 قطعة، كما أنه معترف به كمجموعة ذات أهمية وطنية ودولية. وهناك أيضًا متحف أشموليان الشهير في أكسفورد ويضم حوالي 40,000 قطعة، وكذلك متحف فيتز ويليام في كامبريدج وبه حوالي 16,000 قطعة، وهناك أيضًا المتحف العالمي في ليفربول وبه حوالي 16,000 قطعة.

فرنسا:

على الرغم من أن فرنسا تقل كثيرًا عن بريطانيا في عدد الآثار المصرية، إلا أنك حين تضع قدمك داخل اللوفر فستصاب بالدهشة الشديدة، فغالبية معروضاته بعيدًا عن قاعات الفنون تنتمي للحضارة المصرية، جدران بأكملها! إن متحف اللوفر (Louvre) يضم حوالي 50,000-55,000 قطعة، تغطي الفترة من 4000 ق.م إلى القرن الرابع الميلادي. والحقيقة أنه خلال حملة نابليون بونابرت على مصر (1798-1801)، نهبت الجيوش الفرنسية آلاف القطع، وأصبحت نواة لمتحف اللوفر. كما ساهم علماء الآثار الأوروبيون مثل جان فرانسوا شامبليون في نقل القطع، غالبًا بتغطية قانونية من الحكومة المصرية العثمانية في القرن التاسع عشر.

الولايات المتحدة:

تضم جدران المتاحف في الولايات المتحدة حوالي 200 ألف قطعة أثرية أو قطع تنتمي لحضارات وتواريخ مختلفة في مصر، منها متحف المتروبوليتان (نيويورك) ويضم بين 26,000-30,000 قطعة، ومن المعروف أنه تم إنشاء قسم الفن المصري فيه عام 1906، كما أنه أجرى حفريات في مصر بين الفترة (1906-1935). ومتحف الفنون الجميلة (بوسطن) وبه حوالي 45,000 قطعة، ومتحف كيلسي (آن أربور) يحتوي حوالي 42,000 قطعة، والمعهد الشرقي (شيكاغو) يحتوي حوالي 30,000 قطعة، ومتحف بيبودي هيرست (كاليفورنيا) يضم حوالي 17,000 قطعة.

ألمانيا:

إن أشهر قطعة تضمها متاحف ألمانيا هي رأس الملكة نفرتيتي، وهي موجودة في المتحف المصري في برلين (Neues Museum)، ويضم المتحف كذلك حوالي 80,000 قطعة في المجموعة الكاملة من الآثار المصرية، ويُعرض فقط منها حوالي 2,500 قطعة.

إيطاليا:

شوارع روما تمتلئ بالمسلات المصرية، وهي المسلات التي استحوذت عليها الإمبراطورية الرومانية البيزنطية حينما جعلت من مصر إحدى ولاياتها، ومن ثم أصبح من حقها إعادة تزيين ميادين روما بها. أما عن المتاحف التي تضمها، فأشهرها المتحف المصري في تورينو، ويضم نحو 32,500 قطعة.

كندا:

وصلت الآثار المصرية إلى كندا أيضًا، ففي المتحف الملكي (أونتاريو) حوالي 25,000 قطعة آثار مصرية.

النمسا:

يوجد في متحف تاريخ الفنون (فيينا) أكثر من 12,000 قطعة.

تعقيب أخير

هذه المجموعات المعلن عنها، إضافةً إلى المجموعات التي في مخازن هذه المتاحف والتي غالبًا لا يُعلن عنها، يمكن أن يتراوح عددها بين المليون والمليونين قطعة، وربما يكون هذا الهوس بآثار الحضارة المصرية واحدًا من أهم أسباب اهتمام أوروبا بهذه الحضارة والتسابق نحو أن يكون لديها مقتنيات منها. فإذا أضفنا مجموعة وندورف التي يمتلكها المتحف البريطاني، وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من الحفائر التي تضم مختلف أنواع المحفوظات من عظام ومواد من الخشب وأوانٍ وآثار قديمة للغاية تعود لعصور التطور الإنساني نفسه، ويقال إن مجموعة وندورف تضم أكثر من 5 ملايين قطعة، وفي أقوال أخرى حوالي 6.7 مليون قطعة (لكن معظمها تنتمي إلى عصور ما قبل التاريخ ومشتركة بين مصر والسودان). أضف إلى ذلك أن العديد من المتاحف الصغيرة لم تحصِ مقتنياتها بدقة، كما أن القصور الملكية والمجموعات الخاصة غير محسوبة، وكذلك المجموعات الخاصة لدى الأفراد غير معروفة العدد.

إن حجم المأساة التي تعرض لها التراث الحضاري المصري منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وربما قبل ذلك، وعبر 2000 عام، وصل بحجم الآثار المُهَرَّبة إلى مليون قطعة تزين متاحف العالم، وإلى خسائر اقتصادية وثقافية بمليارات الدولارات (بعض التقديرات تشير إلى أنها تتعدى مائة مليار دولار أمريكي). تمثل هذه القضية واحدة من أكبر عمليات النهب الثقافي عبر التاريخ.

إن افتتاح المتحف المصري الكبير والجهود المتزايدة لاسترداد الآثار يمثلان نقطة تحول مهمة في التاريخ المصري الحديث، لكن الطريق ما زال طويلًا أمام استعادة التراث المصري المسروق والمنهوب.

هنا يجب أن أشير إلى أن النجاح في هذه المهمة يتطلب استراتيجية شاملة تجمع بين الضغط الدبلوماسي والقانوني والإعلامي، مع الاستفادة من التغير المتزايد في المزاج العام والرأي العام العالمي لصالح إعادة التراث الثقافي إلى بلدانه الأصلية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة