الخميس 18 ديسمبر 2025

ثقافة

في اليوم العالمي للغة العربية.. سر تسمية العربية بـ«لغة الضاد»

  • 18-12-2025 | 09:04

اليوم العالمي للغة العربية

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

تحمل اللغة العربية في بنيتها تاريخ أمة كاملة، هي وعاء حضاري حمل عبر قرون طويلة فكر الإنسان العربي وروحه وعلومه، وظل شاهدًا على تطور الحضارة الإنسانية، تميزت العربية بخصائص صوتية وبلاغية جعلتها لغة متفردة بين لغات العالم، حتى ارتبط اسمها بحرفٍ واحد صار رمزًا لها، فأُطلق عليها «لغة الضاد».

ويرجع هذا اللقب إلى تفرد العرب بحرف الضاد، الذي عُد من أصعب الأصوات نطقًا، ولا يكاد يوجد له مقابل دقيق في اللغات الأخرى، وتشير الدراسات اللغوية إلى أن الضاد العربية القديمة كانت صوتًا مركبًا يجمع بين اللام والظاء، ثم تطور هذا الصوت عبر الزمن، خاصة في الجزيرة العربية، حيث اندمج مع الظاء المفخمة قبل أن يستقر على صورته المعروفة حاليًا كدال مفخمة، وهي تختلف عن الضاد التي أشار إليها القدماء مثل المتنبي وابن منظور في «لسان العرب».

 

ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية ودخول غير العرب في الإسلام، برزت الحاجة إلى ضبط اللغة العربية وحماية أصواتها من التحريف، فظهر علماء كبار مثل سيبويه والخليل بن أحمد الفراهيدي والأصمعي، الذين أولوا اهتمامًا بالغًا بحرف الضاد، خاصة بعد ملاحظة صعوبة نطقه لدى العجم وخلطهم بينه وبين الظاء، وقد دفع ذلك عددًا من اللغويين إلى تأليف رسائل متخصصة للفصل بين الحرفين وبيان مخارج كل منهما.

 

وازدادت مكانة اللغة العربية مع نزول القرآن الكريم بها، فأصبحت لغة الدين والعلم والمعرفة، وواحدة من أقدم اللغات الحية في العالم، إذ تعود أقدم النصوص المكتوبة بها إلى القرن الثالث الميلادي، ومع الزمن، تطورت العربية وتنوعت استخداماتها، دون أن تفقد جوهرها أو قدرتها على التعبير.

 

وتنقسم العربية إلى الفصحى، المستخدمة في الكتابة الرسمية والأدب والعلوم والشعائر الدينية، والعامية التي تتعدد لهجاتها بتعدد البيئات، مثل المصرية والشامية والخليجية.

 

كما تمتاز الأبجدية العربية، المكونة من 28 حرفًا تُكتب من اليمين إلى اليسار، بجمالها البصري الذي كان سببًا رئيسيًا في نشأة وتطور فن الخط العربي.

 

وتُعرف اللغة العربية بثرائها اللفظي وقوة بيانها ودقة نظامها النحوي والصرفي، ما منحها طاقة تعبيرية هائلة وقدرة على استيعاب العلوم والفنون، حتى قُدّر عدد مفرداتها بالملايين.

 

ولم يقتصر تأثيرها على العالم العربي والإسلامي، بل امتد ليشمل لغات عديدة مثل التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية، إضافة إلى بعض اللغات الأوروبية كالإسبانية والبرتغالية.

 

وتأكيدًا لمكانتها العالمية، يُحتفل بـاليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، منذ اعتمادها ضمن لغات العمل الرسمية في الأمم المتحدة عام 2011. كما صنفتها مجلة بلومبيرغ بيزنس ويك في المرتبة الرابعة بين أكثر اللغات فائدة في مجال الأعمال عالميًا.

 

وفي السياق ذاته، نشر المجلس الثقافي البريطاني عام 2013 تقريرًا بعنوان «لغات المستقبل»، وضع فيه العربية في المرتبة الثانية عالميًا من حيث الأهمية، قبل أن تحتل المرتبة الرابعة عام 2017، كما جاءت في المرتبة الثانية بين اللغات الأكثر تحقيقًا للعائد الاقتصادي في بريطانيا، وهو ما يعكس استمرار حضور «لغة الضاد» وتأثيرها في عالم سريع التغير.

 

الاكثر قراءة