تُعد وقائع التحرش بالأطفال من أخطر الجرائم المجتمعية التي تهدد أمن وسلامة النشء، لما تتركه من آثار نفسية وجسدية عميقة قد تلازم الضحية مدى الحياة.
ورغم الجهود الأمنية والتشريعية المبذولة، لا تزال هذه الجريمة تمثل تحديًا كبيرًا، خاصة مع وقوع معظم الحوادث داخل دوائر قريبة من الطفل، ما يجعل اكتشافها والإبلاغ عنها أكثر صعوبة.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن نسبة كبيرة من حالات التحرش بالأطفال تتم على يد أشخاص معروفين للضحية، سواء من الأقارب أو الجيران أو المحيطين بالطفل في المدرسة أو أماكن اللعب. وغالبًا ما يلجأ الجناة إلى التهديد أو الترهيب لإجبار الطفل على الصمت، مستغلين صغر سنه وضعف إدراكه لما يتعرض له.
وكشفت العديد من القضايا التي نظرتها المحاكم خلال الفترة الأخيرة عن أن التأخر في اكتشاف الجريمة يؤدي إلى تفاقم آثارها النفسية، ويصعّب عملية العلاج والدعم لاحقًا.
ويحذر خبراء الصحة النفسية من أن الأطفال ضحايا التحرش قد يعانون من اضطرابات نفسية متعددة، مثل القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، بالإضافة إلى تراجع المستوى الدراسي واضطرابات النوم وفقدان الثقة بالنفس.
وفي بعض الحالات، قد تستمر الصدمة النفسية إلى مرحلة البلوغ إذا لم يتم التعامل معها بشكل سليم.
وتلعب الأسرة الدور الأهم في حماية الأطفال من التحرش، ويؤكد المتخصصون على ضرورة:
بناء علاقة ثقة بين الطفل ووالديه، وتشجيعه على التحدث دون خوف.
توعية الطفل بحدود جسده بطريقة مبسطة تناسب عمره. تعليمه رفض أي لمس غير مريح، وإبلاغ شخص بالغ موثوق فورًا.
مراقبة التغيرات السلوكية المفاجئة التي قد تكون مؤشرًا على تعرضه للأذى.
نصائح عملية لحماية الأطفال
يوصي الخبراء بعدد من الإرشادات المهمة للوقاية من التحرش:
1. التوعية المبكرة: تعليم الأطفال منذ الصغر الفرق بين اللمس الآمن وغير الآمن.
2. عدم الترهيب: تجنب تخويف الطفل عند الحديث عن التحرش، والتركيز على الحماية لا الرعب.
3. المتابعة الرقمية: مراقبة استخدام الأطفال للإنترنت ومواقع التواصل، خاصة مع تزايد جرائم التحرش الإلكتروني.
4. التواصل المستمر: تخصيص وقت يومي للحديث مع الطفل عن يومه وما تعرض له.
5. التبليغ الفوري: عدم التردد في إبلاغ الجهات المختصة حال الاشتباه في أي واقعة.
لا تقتصر مواجهة التحرش بالأطفال على الأسرة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة تشمل المدرسة، والمؤسسات الدينية، ووسائل الإعلام، من خلال نشر الوعي، وكسر حاجز الصمت، وتشجيع الضحايا على الإبلاغ دون خوف أو وصم اجتماعي.
وفي النهاية، تبقى حماية الأطفال واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا، يتطلب تكاتف الجميع لضمان بيئة آمنة تحفظ براءتهم وتصون مستقبلهم.