في 18 ديسمبر من كل عام يحتفل العالم، باليوم العالمي للغة العربية، وهي المناسبة الأممية التي أقرتها الأمم المتحدة، إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها، حيث تعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، فهي لغة القرآن الكريم.
اليوم العالمي للغة العربية
تعد اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، ويتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة، وفقا لتقديرات أممية.
ويعود تاريخ اليوم العالمي للغة العربية، لعام 1973، عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا العام قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، وهو قرار الجمعية العامة 3190(د-28) المؤرخ 18 ديسمبر 1973 بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، ومنذ ذلك اليوم يتم الاحتفاء باللغة العربية.
واللغة العربية، هي اللغة الأم في المنطقة العربية ويتحدث بها عديد المناطق الأخرى في الدول الإسلامية مثل تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.
وسادت العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى، من مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وبخاصةً المتوسطية منها من مثل الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
وعلى مر التاريخ مثلت اللغة العربية كذلك حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة.، كما أتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.
اليوم العالمي للغة العربية 2025
وحددت منظمة اليونسكو شعار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية 2025 وهو "آفاق مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات ترسم مستقبلاً لغوياً أكثر شمولاً"، وذلك بهدف تسليط الضوء على دور التعليم والإعلام والتقنيات والسياسات العامة في استخدام اللغة العربية بأنماط أكثر يسراً وفعالية ومراعاة للجوانب الاجتماعية.
واحتفاءا بهذه الذكرى أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي لغة القرآن والجمال، ووعاء هوية أمتنا، وحافظة ذاكرتها الحضارية، وجسر الانتماء الذي يصل الأجيال بتاريخها وثقافتها وقيمها.
وأكد أن الله شرف اللغة العربية بأن جعلها لغة القرآن الكريم، فارتبطت بالعقيدة والتشريع وفكر الأمة ووجدانها، وكانت على مدى القرون وعاءً للعلوم والمعارف المختلفة، ولسانًا معبرًا عن الحضارة الإسلامية، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [يوسف: 2].
وأضاف أن الاهتمام باللغة العربية تنشئةً وتعليمًا وممارسةً مسؤولية مجتمعية، تبدأ من الأسرة، وتتعزز في المدرسة، وتكتمل في وسائل الإعلام والخطاب العام؛ فبسلامة اللغة تسلم الأفكار، وبقوتها يقوى الوعي والانتماء.
وأشار إلى أنه ليس من الوعي ولا الوطنية الافتخار بهجر العربية أو ازدرائها، فمن أخطر ما يهدد اللغة العربية تشويه صورتها في أذهان النشء، ووصفها بالصعوبة والتعقيد، أو النيل من معلميها؛ وهو ما ينعكس سلبًا على ثقة الأجيال في لغتهم وقيمهم وشخصيتهم، ويضعف ارتباطهم بهويتهم وثقافتهم.
وأضاف أن اللغة العربية بما تملكه من جمال، وثراء، ومرونة، وقدرة على التعبير عن أدق المعاني، في أبدع أسلوب، قادرةٌ على مواكبة العصر، متى وجدت من يقربها ويصونها، ويقدّمها للأجيال في صورة حيّة محببة.
ولفت إلى أن الاعتزاز باللغة العربية لا يعني الانغلاق أو رفض تعلم اللغات الأخرى، بل يعني احترام الأصل والتمكن منه ومن أدواته وما ينتجه من تميز وتفرد معرفي وحضاري، فاللغات تُكسب المهارات، واللغة الأم تكون الهوية، ولا تعارض بين الانفتاح على العالم والاعتزاز بلغة القرآن التي هي لغة ثقافتنا وحضارتنا.