الأحد 21 ديسمبر 2025

ثقافة

حكاية أثر.. ملعقة تجميل «فتاة السباحة» بالمتحف المصري بالتحرير

  • 20-12-2025 | 18:12

ملعقة تجميل فتاة السباحة بالمتحف المصري بالتحرير

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

تشتهر مصر بآثارها العريقة التي تمتد عبر آلاف السنين، حيث تضم قطعًا أثرية ذات تراث فريد، مثل الخناجر، التماثيل، والأعمدة، وتستمر عمليات البحث والتنقيب عن هذه القطع المهمة في مختلف أنحاء العالم، وكان المصريون القدماء متفوقين على عصرهم، حيث توصلوا لاختراعات وأشياء تفوق ما كان موجودًا في تلك الفترة، ولم يقتصر الإبداع على عهدهم، بل امتد عبر العصور. 

وتم اكتشاف هذه القطعة في منقة الفيوم، بكوم مدينة غراب «مؤرس»، داخل منطقة المقبرة، بالمقبرة رقم 20، ما يعكس حضور أدوات الزينة ضمن السياق الجنائزي والحياتي على السواء.

صُنعت الملعقة من الخشب غير محدد النوع، وزُينت بصبغة غير محددة، ويبلغ ارتفاعها 6.20 سم، وطولها 30.50 سم، وعرضها 5 سم. 

وتُعد ملاعق التجميل من الأدوات الشائعة في عصر الدولة الحديثة، حيث لم تقتصر وظيفتها على الاستخدام اليومي في حفظ واستعمال مساحيق التجميل، بل ارتبطت أيضًا بمعتقدات دينية وطقسية، خاصة تلك المتصلة بالجمال والتجدد والخصوبة، وهي معانٍ ارتبطت بآلهة مثل حتحور ونوت.

ويتميز مقبض الملعقة بتجسيده لفتاة شابة عارية في وضع سباحة، وقد مُدّت ساقاها في حركة انسيابية تعكس براعة الفنان المصري القديم في التعبير عن الجسد والحركة. وتظهر الفتاة بشعر مستعار بسيط، وترتدي طوقًا عريضًا مزينًا بالخرز حول عنقها، وهو ما يعكس معايير الجمال والزينة السائدة آنذاك. وتمتد ذراعاها إلى الأمام لتحملا الجزء الوظيفي من الملعقة، المصمم على هيئة بطة بفم مفتوح ولسان متحرك، في رمز يرتبط بالماء والحياة والتجدد.

وقد أُضيف رأس البطة بشكل منفصل عن الجسد، بينما جُوّف ظهرها ليعمل كوعاء مخصص لاحتواء مسحوق التجميل.

أما جناحا البطة فهما مفقودان حاليًا، إلا أنهما كانا في الأصل منحوتين بشكل مستقل ويؤديان وظيفة الغطاء، حيث كانا مثبتين بدبوس يسمح لهما بالتأرجح والفتح والإغلاق، وهو ما يدل على تطور تقني واضح في تصميم هذه الأدوات. ويرجّح أن الملعقة كانت قادرة على الطفو فوق سطح الماء، وربما استُخدمت أيضًا كقطعة للتسلية إلى جانب وظيفتها العملية.

وتجسد «ملعقة فتاة السباحة» نموذجًا فريدًا لقدرة الحرفي المصري القديم على الدمج بين الوظيفة العملية والرمز الديني والخيال الفني، حيث تحولت أداة التجميل إلى عمل فني يحمل دلالات جمالية وروحية في آن واحد.

ويُسهم عرض هذه القطعة ضمن مقتنيات المتحف المصري بالتحرير في إلقاء الضوء على تفاصيل الحياة اليومية والذوق الفني والمعتقدات الرمزية في مصر خلال عصر الدولة الحديثة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة