أكد الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والسياسي اللبناني، أن طرح مسألة نزع سلاح «حزب الله» يأتي في ظل مناخ إقليمي متوتر وضغوط دولية متصاعدة، حيث لم يعد هذا الملف شأنًا لبنانيًا داخليًا بقدر ما أصبح جزءًا من معادلة أمنية أوسع تتقاطع فيها المصالح الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية مع حسابات الداخل اللبناني.
ويوضح يونس، في حديثه لـ«دار الهلال»، أن النقاش لم يعد يدور حول مبدأ السلاح فقط، بل حول كيفية إدارة هذا الملف من دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة أو تفجير التوازن الهش داخل لبنان.
واقعيًا، يرى السياسي اللبناني أن من الصعب تصور نزع كامل وفوري لسلاح «حزب الله»، لأن الحزب ليس مجرد تنظيم مسلح، بل قوة سياسية وعسكرية متجذرة في بنية الدولة والمجتمع، وأن أي محاولة لفرض هذا المسار بالقوة ستؤدي إلى صدام داخلي واسع، وهو ما تدركه القوى الدولية جيدًا، ولذلك يبرز خيار المعالجة التدريجية، أي تقليص دور السلاح ووظيفته العسكرية، لا إلغاؤه دفعة واحدة.
ويشير إلى أن من هنا يُطرح سيناريو الاكتفاء بنزع السلاح جنوب الليطاني كحل وسط، يهدف إلى إبعاد الاحتكاك المباشر عن الحدود وتوفير حد أدنى من الطمأنينة لإسرائيل، مقابل تثبيت وقف النار وتعزيز دور الجيش اللبناني.
وفي تقديره، فإن نزع سلاح «حزب الله» لن يتم بقرار أحادي أو بضربة عسكرية سريعة، بل عبر تسوية سياسية إقليمية معقدة.
غير أنه يوضح أن الحرب تبقى احتمالًا قائمًا، لكنها ليست الخيار المفضل لأي طرف، فيما يبقى السيناريو الأرجح هو تسوية مرحلية تبدأ من الجنوب بانتظار تغيرات أكبر في موازين القوى الإقليمية.
وتدرك إسرائيل أن أي حرب شاملة مع «حزب الله» ستكون مكلفة للغاية، سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي أو الاجتماعي، في حين أن الجبهة الداخلية العبرية لم تعد قادرة على تحمل حرب طويلة الأمد، وفق ما يقوله الدكتور أحمد يونس.
وحسب يونس، فإن تل أبيب تميل إلى استخدام الحرب كأداة ضغط سياسية ونفسية، لا كخيار أولي، بهدف فرض تسوية بشروط أفضل، وذلك رغم التصعيد والتهديد.
لكن في المقابل، يضيف أنه إذا وصلت إسرائيل إلى قناعة بأن كل المسارات الدبلوماسية فشلت، وأن «حزب الله» يعزز قدراته العسكرية ويثبت معادلة ردع طويلة الأمد، فقد تلجأ إلى عملية عسكرية واسعة، ليس بهدف نزع السلاح بالكامل، بل لإعادة فرض قواعد اشتباك جديدة بالقوة.
هذه الحرب، وفق الأكاديمي والسياسي، إن حصلت، ستكون محدودة زمنيًا لكنها عنيفة، وتسعى إلى إضعاف قدرات «حزب الله» ودفع لبنان والمنطقة إلى طاولة تسوية قسرية.