احتفلت محافظة الفيوم تحت رعاية المحافظ الدكتور أحمد الأنصاري، اليوم /الأحد/، بتعامد الشمس على قدس أقداس معبد قصر قارون، في مشهد فلكي معماري يختصر عبقرية الإنسان القديم.
وقامت لجنة من إدارة السياحة بمحافظة الفيوم، بالتعاون مع منطقة آثار الفيوم، مع أول خيوط الصباح، برصد وتوثيق هذه الظاهرة الفريدة، ليس باعتبارها طقسا احتفاليا، بل بوصفها رسالة حضارية متجددة، تؤكد أن الفيوم ليست فقط محافظة على الخريطة، بل فصلا مفتوحا من كتاب الزمن.
وقد حضر مدير عام آثار الفيوم أشرف صبحي، ومدير عام السياحة معتز عبد الفتاح، ورئيس مركز ومدينة يوسف الصديق سالم فتيح، إلى جانب ممثلين عن الشباب والرياضة والتربية والتعليم، وكأن المشهد أراد أن يجمع بين الأثر والإنسان، بين الماضي والحاضر، بين المعرفة والدهشة.
ودخلت الشمس إلى عمق المعبد، واخترقت الممرات الحجرية، حتى استقرت في قدس الأقداس، معلنة بداية الشتاء في نصف الكرة الشمالي، كما أرادها المعماري القديم، وكما سجلها الزمن دون أن يغير حرفا واحدا في موعدها.
معبد قصر قارون، الذي يعود إلى العصر اليوناني الروماني، لم يبنه أصحابه ليكون جدارا صامتا، بل ليكون ساعة كونية، تحسب فيها الفصول، وتقرأ فيها السماء من فوق الأرض. موقعه المدروس على ضفاف بحيرة قارون، واتجاهاته الدقيقة، ليست صدفة جغرافية، بل معادلة فلكية حلت بالحجر.
ومنذ اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس، لم تتعامل معها الفيوم بوصفها حدثا موسميا عابرا، بل كأحد مفاتيحها السياحية الكبرى. اهتمام متواصل، توثيق علمي، ومحاولات دؤوبة لتحويل هذا المشهد الفريد إلى نقطة جذب تعرف العالم بما تختزنه المحافظة من كنوز أثرية وثقافية وبيئية، لا تقل تميزا عن أي موقع عالمي.