قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن العالم اليوم، وفي القلب منه المنطقة العربية، يشهد تطورات سريعة ومتلاحقة تستدعي المزيد من التضافر والتكاتف لمواجهة التحديات الحقيقية الناتجة عنها، وأن تلعب مراكز الفكر دورًا ملموسًا لصياغة رؤى استراتيجية تنير دروب المستقبل للأجيال القادمة.
وأضاف أبو الغيط - في كلمته خلال افتتاح منتدى "دراسات" السابع وتدشين كتاب "البحرين وجامعة الدول العربية" بالمنامة اليوم الاثنين، والتي قامت الأمانة العامة للجامعة بتعميمها على وسائل الإعلام - أن انعقاد هذا المنتدى بعنوان "مَجمَع مراكز البحوث العربية للاستدامة والتنمية"، ليس مجرد لقاءً أكاديميًا بل محطة هامة في طريق تحقيق نقلة نوعية في تمكين مراكز الفكر العربية من أداء دورها الحيوي بمجالات ومحاور الاستدامة والتنمية، حيث ينبغي أن تكون مراكز الفكر العربية بمثابة منصات حيوية وفعالة لخلق وتبادل الرؤى والأفكار والممارسات الرائدة؛ مما يساعد المجتمعات العربية على الوصول إلى أفضل السبل الممكنة في مواجهة التحديات واغتنام الفرص.
وأوضح أن دور مراكز الفكر العربية في تحقيق الاستدامة لا يقل أهمية عن دور الحكومات والمؤسسات مما يتطلب السعي لتمكين هذه المراكز باعتبارها عقول الأمة التي تفكر وتبحث وتستشرف المستقبل، وتقدم الحلول المبتكرة للتحديات القائمة والمستقبلية.
وتابع "أنني أعوّل كثيرًا على ما سيسفر عنه هذا المنتدى من نقاشات ورؤى تساعد على إثراء التفكير العربي فيما يتعلق بكيفية تحقيق التنمية المستدامة في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، ويواجه أزمات معقدة تتطلب حلولًا غير تقليدية ومقاربات مبتكرة.
وأعرب عن تطلعه إلى أن يشكل هذا المنتدى حجر الأساس في إرساء دعائم تعزيز التعاون بين مراكز الفكر العربية وتخصيص منصة تشاركية لها، وأن يخرج بتوصيات عملية قابلة للتطبيق، تسهم في تسريع وتيرة التنمية المستدامة بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في العالم العربي، وتعزز دور جامعة الدول العربية في هذا المضمار.
وأكد أبو الغيط أن مسيرة العمل العربي المشترك في مجال الاستدامة، التي تضطلع بها جامعة الدول العربية، بحاجة ماسّة إلى زخمٍ فكري يعمّق رؤاها ويثري مساراتها، وهو ميدانٌ رحبٌ تتسع فيه الآفاق أمام مراكز الفكر العربية لتنهض بدور محوري وفاعل.
وأشار إلى أنه خير شاهد على ذلك، أن القمة العربية الـ32 التي عُقدت في جدة عام 2023، أوصت ضمن "إعلان جدة" الصادر عن القمة بتبني مبادرة إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية، وهي مبادرة من شأنها احتضان التوجهات والأفكار الجديدة في مجال التنمية المستدامة، وتسليط الضوء على أهمية مبادرات التنمية المستدامة في المنطقة العربية.
وأوضح أن مراكز الفكر العربية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في إطار هذه المبادرة، وغيرها من المبادرات العربية الصادرة عن القمم العربية التي يمكن أن تلعب مراكز الفكر دورًا هامًا في الاستفادة منها، لاسيما المبادرات التي قدمتها مملكة البحرين ضمن بنود "إعلان البحرين" الصادر عن القمة العربية الـ33 في العام الماضي، أو المبادرات والخلاصات التي خلصت لها القمة العربية التنموية الخامسة التي عقدت العام الجاري ببغداد.
من جهة أخرى..قال أبو الغيط "إن كتاب (البحرين وجامعة الدول العربية)، الذي نحتفي اليوم بتدشينه، ليس مجرد سرد للعلاقات الثنائية بل هو سجلٌ ناطق بالشواهد والدلالات على عمق التجذر العربي في هوية البحرين، والتزامها الأصيل قيادةً وشعبًا وصدق انخراطها في مسيرة العمل العربي المشترك".
واضاف "يسعدني أن أشهد معكم اليوم تدشين هذا الإصدار القيّم الدال على عمق اهتمام البحرين بجامعة الدول العربية وتاريخها الحافل بالعطاء والتعاون، حيث أنه يوثق مسيرة حافلة من التفاعل والمساهمات التي قدمتها مملكة البحرين لدعم العمل العربي المشترك بكافة المجالات".
وأعرب عن تقديره لجميع الباحثين المشاركين في تأليف هذا الكتاب، الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لتوثيق هذه العلاقة المتميزة، معتبرا أن هذا العمل البحثي المتميز يعد إضافة نوعية للمكتبة العربية، ومرجعًا مهمًا لكل من يرغب في فهم أبعاد العلاقة بين الجامعة العربية ودولها الأعضاء.
ووجه أبو الغيط تحية تقدير واعتزاز لمملكة البحرين، التي كانت ومنذ الخمسينيات من القرن الماضي حريصة على المشاركة بفعالية وإيجابية بالفعاليات والأنشطة الخاصة بجامعة الدول العربية، حتى من قبل انضمامها للجامعة العربية بشكل رسمي في 11 سبتمبر عام 1971، وذلك قبل انضمامها أيضًا إلى الأمم المتحدة.
وقال "لقد كانت البحرين ولا تزال حاضنة للفكر المستنير، والدبلوماسية الهادئة والرؤية الثاقبة التي تؤمن بأن ازدهار الوطن العربي يرتبط بالنجاح في تحقيق التكامل والتضامنعلى مختلف الأصعدة والمستويات".