تنشر " الهلال اليوم " نص كلمة سامح شكري وزير الخارجية في اجتماع وزراء خارجية تحالف دعم الشرعية في اليمن بالرياض اليوم الاثنين.
معالي الأخ العزيز عادل الجبير وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة
أصحاب المعالي والسعادة،لا شك أن اليمن الشقيق يعيش مرحلة هي الأسوأ في تاريخه الحديث. فالوضع الأمني متفجر، والإرهاب يتفشى ويحصد أرواح الأبرياء، والوضع السياسي يراوح مكانه ويتسبب كل يوم في تفاقم الأزمة الإنسانية التي بلغت مستوى مأساوي بكل معنى من معاني الكلمة.
إن الهدف من اجتماعنا اليوم هو تجديد التزامنا، المستمر منذ اليوم الأول لتشكل تحالف دعم الشرعية في اليمن، بتخفيف الأوضاع الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق.هذه بطبيعة الحال هي الأولوية القصوى في بلد بات مهددا بتفشي الأوبئة وبمعدلات غير مسبوقة لنقص الغذاء والمؤن والأدوية.
ولا شك أيضا أن التعهدات التي قدمتها دول التحالف ولا تزال، والتي يعلن عن حزمة جديدة منها اليوم، هي دليل ساطع على أننا نقرن القول بالفعل، ونعمل ما في وسعنا لترجمة التزامنا الإنساني والأخلاقي تجاه الأشقاء في اليمن.
وفي هذا السياق، فقد قامت مصر بتقديم حزمتين من المساعدات لأشقائنا في اليمن، تم تسليمهما عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، ونقوم حاليا بالإعداد لحزمة جديدة من المساعدات الإنسانية تتضمن مواد غذائية وأدوية ومستلزمات طبية.
كما أننا قمنا في مصر بزيادة عدد المنح الدراسية والبرامج التدريبية الموجهة للكوادر اليمنية، ومضاعفة المنح العلاجية لاستقبال وعلاج الجرحى اليمنيين في إطار بروتوكول تعاون بين وزارتي الصحة في البلدين. هذا بالإضافة إلى إجراءات عديدة لتسهيل دخول الأشقاء اليمنيين إلى مصر لأغراض العلاج والدراسة.
أصحاب المعالي والسعادة،لقد قامت مصر، كسائر الأشقاء في تحالف دعم الشرعية في اليمن، بتقديم هذه المساعدات في إطار الالتزام الأخلاقي والعروبي بدعم الأشقاء في اليمن.
كما أن الجميع يدرك الدور الإيجابي الذي قامت به دول التحالف أيضا لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة، وتركيب المزيد من الرافعات لتسهيل تفريغ شحنات البواخر المحملة بالمساعدات إلى أشقائنا في اليمن.
كل هذا جهد مهم ومشكور. لكن الصراحة تقتضي منا أن نسمي الأشياء بأسمائها. فكل ما نستطيع أن نقوم به على الصعيد الإنساني، سيبقى في إطار تخفيف الضرر، ومعالجة الأعراض، وليس استئصالا لأصل المرض الذي يعاني منه المجتمع اليمني.
الأزمة الإنسانية في اليمن لم تنشأ بفعل كارثة طبيعية أو أسباب قدرية لم يكن منها مفر. وإنما جاءت كنتيجة مباشرة، لأزمة سياسية، وإصرار فريق سياسي محدد هو جماعة الحوثي على ارتهان اليمن كله، وبكل ما لذلك من كلفة إنسانية وسياسية باهظة، والاستقواء بأطراف خارجية لفرض إرادته على الشعب اليمني، بل وإبطاء عمليات إنفاذ المساعدات الإنسانية لمن يحتاجونها، وارتهان ملف المساعدات الإنسانية كله لصالح محاولات غير أخلاقية لتوظيف هذه المساعدات سياسيا. وعلى هذا الفريق تقع مسئولية استمرار الأزمة السياسية في اليمن، وتبعاتها الإنسانية الفادحة.
أصحاب المعالي والسعادة، لنقولها واضحة. لا مجال لعلاج جذري ونهائي للأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، إلا بإنهاء الأزمة السياسية التي أفرزت هذا الوضع الإنساني المتردي. فالحل السياسي هو بيت الدواء للأزمة الإنسانية، وبدونه ليس أمامنا إلا المسكنات.
والطريق للحل السياسي،ومن ثم العلاج النهائي للأزمة الإنسانية،هو من خلال المرجعيات الواضحة التي حددها قرار مجلس الأمن رقم 2216 ومقررات الحوار الوطني اليمني والمبادرة الخليجية. وكل مراوغة أو محاولة لشراء الوقت أو التنصل من مرجعيات الحل، لن تفضي إلا لإطالة أمد الأزمة ومد أجل الكارثة الإنسانية التي تهدد مقدرات اليمن الشقيق.
الخلاصة، أننا مستمرون في تقديم كل عون لأشقائنا في اليمن، لتخفيف الأزمة الإنسانية، وملتزمون في الوقت نفسه، بدفع جهود الحل السياسي في اليمن، ليتسنى لنا طي هذه الصفحة الحزينة من تاريخ هذا البلد العريق.
وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير أمتنا العربية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.