بقلم : إيمان حمزة
يأتى إلينا مارس شهر الربيع والحب لتزدهر الحياة من جديد وتبتهج بكل ألوان الجمال وعبير الورود والزهور وتغريد البلابل والعصافير ومعها صغارها التى خرجت تفرد أجنحتها على الدنيا لتطير لأول مرة, وما أحوجنا لكل مظاهر الفرح ننعش به قلوبنا بعد أن أخذتنا الحياة ودواماتها من انشغالات ومسئوليات الأبناء التى لا تنتهى وليزيدها هذا الغلاء الذى سببه مزاعم التجار من ارتفاع سعر الدولار إلا أنهم لم يرحموا أحدا حتى مع انخفاض قيمته ظلت أسعارهم فى ارتفاع فلا يهمهم إلا أنفسهم وليذهب الجميع بلا رحمة, ما أحوجنا أن نعيد الربيع إلى قلوبنا من جديد قبل أن تشيخه الهموم مع ما حولنا من أخبار دامية تسحق بشرية أبناء عروبتنا فى بلداننا الشقيقة بلا رحمة يغرقونهم فى هذا التطرف والإرهاب مع الأسلحة والمخدرات تدمرهم حروب وصراعات أهلية تضعفهم بلا هوادة بعد أن كانت بلدان قوية بخيراتها وأمانى شعوبها, ولكن طمع أعدائنا فى كنوزنا وثرواتنا وموقعنا الاستراتيجى جعلهم يحكمون الخطة لتقع الفريسة فى المصيدة ويعم الدمار والخراب ويدعون أمام العالم أنهم من كل ذلك براء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
وهنا ما أحوجنا جميعا أن نصبح أكثر وعيا لما يحدث حولنا وبيننا وأن نوعي بكل السبل شبابنا وبناتنا.. لنصبح أقوياء أمام كل ما يحيطنا من تطرف وإرهاب وأيضا من تجار جشعين لا يرحمون أحدا, وهنا علينا المقاطعة أو اللجوء إلى أجهزة حماية المستهلك لفرض الغرامات وتطبيق الضرائب على هذه الأرباح المتزايدة وهو حق المواطنين ليكون الحل الرادع والوحيد الذى يخيفهم ويضع حدا لأطماعهم.
ولتستريح قلوبنا وننقذها من همومها التى تطبق عليها, علينا أن نتحكم فى مشاعرنا وانفعالاتنا لنستعيد ذاتنا من حالات الحزن والاكتئاب وما يترتب عليها من أمراض نفسية وعضوية أمراض العصر نتيجة الاستغراق فيها, فهذا يجمع عليه علماء الاجتماع والطب النفسى وأن الحل يكمن فى أخذ استراحة نروح فيها عن قلوبنا ونستمتع بممارسة الرياضة وأقلها المشى ولو نصف ساعة يوميا فى الهواء الطلق بين الحدائق وجمال الربيع محاولين أن نتناسى مسئوليتنا ومتاعبنا وأن نستمتع بصحبة من نحبهم والحديث إليهم, كما وجد الخبراء أن الحل يكمن أيضا فى محاولة التمسك بالأمل والتفاؤل والشغف بالحياة, وأن نتفكر ونعمل بكل طاقاتنا ونتوكل على الله, فالحكمة تقول: "العبد فى التفكير والرب فى التدبير", لنجعل قلوبنا دائما عامرة بالإيمان وقد قال رب العزة: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب", إذا بذلنا أقصى قدراتنا فى كل ما نواجهه فى الحياة لن يخذلنا مصرف الكون, فرسولنا الكريم يرشدنا إلى ربيع قلوبنا ويقول عليه الصلاة والسلام: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا, من كل ضيق مخرجا, ورزقه من حيث لا يحتسب", هذا هو ديننا السمح الذى يهون على الناس كل الهموم والمتاعب ولكن للأسف بعض البشر من حولنا وإن كانوا ليسوا ببشر فقد انتزعت الرحمة من قلوبهم وأصبحت كالحجارة القاسية يروعون الآمنين ويهددون حياتهم وحياة أبنائهم ويدعون أنهم حماة الدين والدين منهم براء, فالدين لله والوطن للجميع مبدأ أرساه نبى الله محمد عليه الصلاة والسلام, مبدأ المؤاخاة الذى بنيت عليه أمتنا, مبدأ عاش وما زال يعيش عليه المصريون على مر التاريخ شعب واحد لا فرق بين أحد, معا عشنا ومعا تربينا وتعلمنا وعملنا وكبرنا, معا نتشارك اللقمة والضحكة والفرحة, معا قوة فى وجه الشدائد والمحن والأحزان.