الجمعة 24 مايو 2024

في ذكرى ميلادها.. سعاد حسني غنّت بأمر الطبيب

26-1-2018 | 21:28

تحل اليوم ذكرى ميلاد السندريللا سعاد حسني، وفي ذكراها نبتعد عن الأسلوب التقليدي في مواكبة الذكرى، حيث نطرح لمحبي فنها ما كتبته بنفسها لمجلة الكواكب في 9 أغسطس 1960 حينما اشتد بها المرض وما وصفه لها الطبيب من علاج.

غناء بأمر الطبيب

قالت سعاد حسني: إذا كان الناس يقولون "قاتل الله المرض" فإني أقول "قاتل الله الوهم"، إن الوهم أشد فتكاً بالأجسام والنفوس من المرض، والإنسان يستطيع أن يجد لمرضه علاجاً، ولكنه قد لا يجد علاجاً للوهم،.. فيقضي عليه.

ولقد عانيت من الحالتين ما كاد يذهب بحياتي، ولم ينقذني في الحالتين إلا طبيب شاب، كانت تربط بين أسرتي وبينه روابط صداقة قوية، وكنت دائمة الشكوى من المرض، وكان أفراد أسرتي يتخذون من كثرة شكواي مادة للفكاهة والمداعبة، وكنت أدهش من تصرفهم هذا وأتألم لعدم مشاركتهم إياي في الإيمان بأني مريضة، فكنت إذا شكوت صداعاً أليماً أو مغصاً حاداً قالوا " حاجة بسيطة.. وما يهمش.. استحملي".


لم أجد إنساناً يهتم بآلامي إلا هذا الطبيب، إلى أن شكوت له من صداع عنيف كاد يحطم رأسي، وكم كانت دهشتي عظيمة عندما سمعت منه العلاج .. قال لي " غني وأنت تخفي حالاً "، وأطعته وغنيت إحدى أغنيات أم كلثوم، وهو كان يسمعني ويصيح من الإعجاب بصوتي .. ولم تنتهِ الأغنية إلا وكان الصداع قد تلاشى، وشعرت براحة كبيرة أشاعت في نفسي البهجة. 


وأصبحت كلما أصابني صداع ألجأ إلى الغناء، حتى عرف أفراد أسرتي هذه الحقيقة، فكانوا كلما سمعوني أغني قالوا لي "سلامتك"، وذات مرة شعرت بآلام شديدة ألزمتني الفراش، وظللت أعاني منها وأستجير، ولسوء الحظ لم يكن صديقنا الطبيب في القاهرة، واستدعت أسرتي طبيباً آخر وصف لي علاجاً لم يفِد ولم يفلح، وعرضوني على طبيب ثانٍ لم ينجح في شفائي، وفشل أيضاً طبيب ثالث عرضوني عليه، وخشيت الأسرة على حياتي وأنا أبكي وأتألم، وأخيراً فكروا في إرسال برقية لصديقنا الطبيب، فهو يعرف حالتي عن غيره.


وجاء الطبيب بسرعة بدافع المروءة، وبعد الكشف عليّ ظهرت على وجهه علامات الاهتمام، ثم قال "ياه .. ده مرض خطير جداً"، وانزعج أفراد الأسرة لكنه بادر وقال " لكن الحمد لله، فيه علاج له، هو مش موجود في الأجزاخانات لكن أنا عارف تركيبته"، وردت الروح إلى بدني، وبدأ الطبيب العلاج .. كان يعطيني كل يوم حقنة وأجرى لي بعض التحليلات، ثم يقول "عال.. العلاج ماشي كويس.. فيه نتيجة طيبة".


وأصبحت أترقب زيارات الطبيب لأتلقى منه النتائج الطيبة، وذات يوم جاء وقال لي إنني أستطيع أن أخرج وأمشي على قدمي بعد أن كان قد منعني من الحركة، وقال " أنتي بقيتي عال .. ما عدش عندك حاجة"، وسرت الصحة في بدني واختفت الآلام، وبعد أيام سألت الطبيب عن اسم ذلك المرض الخطير الذي عالجني منه، فضحك وقال " ده مرض ملعون كان ح يقضي عليكي .. والمصيبة إنه مالوش دوا .. عارفة إيه؟ 
قلت "إيه يا ترى؟
قال: "الوهم"


ودهشت لأن المجهود الكبير الذي بذله الطبيب كان يؤكد أنني مصابة بمرض خطير؛ ولكنه أكد لي أنني لم أكن مصابة إلا بنزلة برد خفيفة حولها الوهم إلى آلام ومرض خطير لا وجود له، وتحول جسدي بسبب الوهم إلى هزال وضعف، خلصني من كل هذا الطبيب الحكيم، ومنذ ذلك اليوم أصبحت لا أقول "قاتل الله المرض" .. بل أقول "قاتل الله الوهم".