طاهر: 75% من إنتاج مصر من الأسماك سنويًّا يأتي من المزارع السمكية
عبد اللطيف: أكبر مشكلة تواجه هذه الصناعة في مصر هو عدم وجود معاملات بعد الحصاد وعدم وجود تبريد
تواجه مصر العديد من المعوقات في مجال الاستزراع السمكي، في مقدمتها عدم جود إمكانيات التبريد للحفاظ على إنتاج هذه المزارع وضمان وصولها إلى أبعد مسافات ممكنة.
كان حجم الإنتاج السنوي في فترة التسعينيات يقدر بنحو 200– 300 ألف طن، وقفز هذا الإنتاج إلى 1.2 مليون طن عام 2015، ثم وصل إلى 1.8 مليون طن في العام الحالي، وذلك بمعدل زيادة في الإنتاج يقدر بنحو 8– 10% سنويا، ويعد سمك البلطي هو النوع الأكثر إنتاجا في مصر ويمثل 58% من حجم إنتاج المزارع السمكية، ويليه البوري والكات.
وطبقا لأحدث الإحصائيات العالمية تحتل مصر المركز العاشر عالميًّا في إنتاج الأسماك، لكن من حيث القيمة نجد أن دولة النرويج هي الأفضل، حيث تقوم بتصنيع الأسماك مرتفعة القيمة والمعروفة عالميًّا.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
وأكد صلاح طاهر خبير الاستزراع السمكي ومدير إحدى الشركات الخاصة، أنه طبقا لأحدث الإحصائيات المتوفرة استوردت مصر نحو 300 ألف طن عام 2015، وهو ما يعنى أن مصر لم تحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، وعلى الرغم من وجود فرص واعدة لتطوير استزراع وصناعة الأسماك في مصر، فإن المعوقات التي تواجه هذه الصناعة تجعل القدرة على الاستثمار في حالة انكماش.
وأشار طاهر إلى أن 75% من إنتاج مصر من الأسماك سنويا يأتي من المزارع السمكية، والباقي من المصائد الطبيعية، وهو ما يعني أنه في حالة اعتماد مصر على المصائد الطبيعية ستصل الأسماك إلى أسعار خيالية. ويتركز إنتاج السمك في منطقة الدلتا والمحافظات الساحلية، حيث تنتج محافظة كفر الشيخ 71% من الأسماك، بينما 15% من الإنتاج في محافظة الشرقية، و11% بمحافظة البحيرة. ويوزع هذا الإنتاج في المحافظات القريبة لعدم توفر إمكانيات تبريد الأسماك لنقلها لمسافات أبعد، وضعف إمكانيات التبريد يؤدي إلى بيع الإنتاج في السوق المحلية فقط وبشكل يومي، مما يضغط على الأسعار، حيث يصل عمر السمكة بعد الصيد 18 ساعة فقط قبل تعرضها للتلف، وهو ما يحول دون وصول الأسماك إلى محافظات الصعيد التي لا تمتلك مزارع أو مصائد أسماك.
وأضاف خبير الاستزراع السمكي أنه من أهم المعوقات التي تواجه صناعة الأسماك في مصر توجيه كل الاستثمارات إلى مدخلات الإنتاج من مصانع وأعلاف ومفارخ ومزارع السمك، وبعد إنتاج الأسماك لا يوجد أي عمليات بعد الحصاد، لافتا إلى أن تمويل مزارعي الأسماك يكون من خلال طريقتين، إما شراء مستلزمات الإنتاج والأعلاف بالدفع الآجل، وإما يقوم التجار بتمويل المزارع وأخذ الإنتاج بالكامل لتسويقه، وبالتالي يتحكم التجار في الأسعار، وتتم العملية بالكامل في صالح التاجر الذي يبيع الأسماك في سوق الاستهلاك اليومي، فضلًا عن أن 3% فقط من إنتاج الأسماك في مصر يجرى عليه عمليات تصنيعية، في حين أن 97% من الإنتاج يباع في السوق اليومية.
وأكد طاهر أن 95% من الأسماك المصرية هي أسماك عالية الجودة بعد خروجها من المياه، ولكن بحكم أن التداول غير مبرد تكون عرضه للتلف سريعًا، بينما إذا تم تبريدها لدرجة حرارة صفر تظل صالحة لمدة 21 يوما، وهو ما يبرر عدم توافر الأسماك في صعيد مصر، هذا إلى جانب أن الاستزراع السمكي في مصر موسمي يتم استخرجه من المياه قبل أشهر الشتاء، لأن الأسماك من نوع البلطي المنتشر في مصر لا يتحمل درجة حرارة أقل من 8 درجات مئوية.
مسطحات مائية طبيعية غير مستغلة
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن إنتاج مصر من الأسماك ليس قليلا، ولكنه منخفض في المصائد الطبيعية رغم امتلاكنا لمساحات هائلة من المسطحات المائية الطبيعية غير المستغلة بالشكل الأمثل، مؤكدة أن أكبر مشكلة تواجه هذه الصناعة في مصر هي عدم وجود معاملات بعد الحصاد وعدم وجود التبريد، لافتة إلى إمكانية مشاركة البنوك في تمويل مشروعات الاستزراع السمكي، حتى لا يكون الزارع فريسة للتجار الذين يمولون عملية الإنتاج ويشترونه بالسعر الذي يحددونه.
وانتقدت عدم وصول الأسماك بشكل كاف إلى محافظات الصعيد، مشيرة إلى أنها "أفقر مكان في مصر لا يصل إليه البروتين الرخيص"، مؤكدة أن هذا الموضوع مهم وله جوانب لم تتم مناقشتها بعد، وتحديدا ما يتعلق بصناعة العلف والصيد بأعالي البحار، وبحيرة السد العالي، ومشكلات التسويق والتوزيع، مشيرة إلى تبنى المركز هذا الموضوع من خلال عدد من الندوات التي سوف يقوم بتنظيمها لاحقا.
أبرز مشكلات صناعة الأسماك
وقال علي الحداد رئيس إحدى الشركات الخاصة، إن مزارع الأسماك في مصر حاليا متطورة عن نظيرتها في الصين، مؤكدًا أن مشكلة هذه الصناعة ليست في مرحلة الاستزراع ولكن في المراحل التالية للحصاد، حيث يوجد في مصر شركة وحيدة لتصنيع الأسماك هي شركته، وأخرى تقوم بالتصنيع اليدوي في مدينة دمياط.
وأضاف الحداد أن تسويق الأسماك في العالم يعتمد على الأسماك التي يُجرى عليها عمليات تصنيعية مختلفة تبدأ من إزالة أحشائها وخياشيمها، حيث إن 3% فقط من تسويق الأسماك في العالم يكون سمكة كاملة، ولكن هذا الاتجاه غير متعارف عليه كثيرًا في مصر.