يرى
سعيد الفقي، خبير أسواق المال، أن البورصة المصرية ما زالت جاذبة للاستثمار في الوقت
الراهن، حيث إن أغلب الأسهم خاصة الصغيرة والمتوسطة، لم تحقق قسمها العادلة حتى الوقت
الراهن، مشيرا إلى أن البورصة المصرية في هذا الوقت تكاد تكون من أرخص الأسواق للاستثمار
في الوقت الراهن.
كما
يؤكد خبير أسواق المال، خلال حواره مع «الهلال اليوم»، أن تخارج المستثمرين الأجانب
في الفترات الماضية ما هو إلا مجرد عمليات لجني الأرباح ليس أكثر، مشيراً إلى أن السياسية
الحالية التي تؤديها الإدارة بالبورصة سياسة حكيمة أدت إلى اجتذاب المزيد من المستثمرين،
وأنها ساعدت على ارتفاع أحجام التداول، وإلى نص الحوار...
في
البداية كيف ترى الوضع الحالي للبورصة المصرية.. وما المكاسب التي حققتها من تعويم
الجنيه؟
البورصة
في مستويات تاريخية، فالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية سجل مستويات لم تحدث في تاريخ
السوق، وهذا نتيجة للحدث الأساسي والرئيسي ألا وهو قرار تحرير سعر الصرف، ما أدى إلى
زيادة مشتريات الأجانب في السوق، حيث كانت البورصة عند مستوى 8300 نقطة، وبصدور قرار
التعويم، الأجانب استفادوا من هذا القرار استفادة مزدوجة، حيث أصبح الدولار بدلاً من
أن يشتري سهما أصبح يشتري سهمين؛ وبذلك زادت القوة الشرائية إلى ما يقرب من 100%.
والبورصة
المصرية في هذا الوقت تكاد تكون من أرخص الأسواق للاستثمار بها، فأسعار الأسهم كانت
في مستويات تاريخية من حيث انخفاض قيمتها، فبالتالي الأجانب حققوا فرصة مزدوجة، وهي
زيادة القوة الشرائية 100%، واقتناص فرصة شراء الأسهم المصرية الرخيصة، واستمروا في
الشراء لما يقرب من عام، وحالات التخارج التي حدث ما هي إلا عمليات جني أرباح، الأمر
الذي دعم المؤشر الرئيسي، وكانوا يركزون على الأسهم ذات الملاءة المالية التي تمثل
نسبا عالية في المؤشر.
وما
الأسهم المتحكمة في حركة المؤشر الرئيسي؟
هناك
5 ورقات من الثلاثين في المؤشر الرئيسي بالبورصة المصرية هي المتحكمة في صعود المؤشر
أو هبوطه، وهي أولاً:
«التجاري الدولي» ويمثل ما يقرب من 40% من وزن
المؤشر، أي أكثر من ثلث وزن المؤشر، يليه «هيرميس» ويمثل 7%، ثم «جلوبال تليكوم»، يليه
«طلعت مصطفى» ثم «مدينة نصر»، ويحسب الوزن النسبي للسهم عن طريق القيم السوقية للسوق
مضروبة في أسهم التداول الحرة.
هل
هناك أسهم ما زالت لم تستفِد من التعويم حتى الآن؟
هناك
بعض الأسهم لم تستفِد الاستفادة التي حدثت في أسهم المؤشر الرئيسي، فالمؤشر السبعيني
لم يحقق الارتفاعات المماثلة للرئيسي إلا الأشهر الأخيرة الماضية، خاصة أن الأجانب
لم يشتروا إلا في الثلاثيني، وفي الشهرين الآخرين حدث دوران في السيولة لرأس المالي
للسوق، وحدث تبادل في المراكز، فغالبية أسهم المؤشر السبعيني لم تحقق الأرباح الحقيقية
من التعويم.
وكيف
ترى الاستثمار في الأسهم بالبورصة المصرية مقارنة بالبورصات العالمية؟
حتى
الوقت الراهن ما زالت الأسهم المصرية أنسب الأسهم للاستثمار في العالم وأقلها مخاطرة،
فنحن كنا في 2006 في القمة التاريخية كان 12 ألف نقطة، حيث إن الأسهم انخفضت ما يقرب
من 10 أضعاف كان «حديد عز» بـ118 جنيها، والأهلي للتنمية والاستثمار كان بـ100 جنيه،
و«العربية لحليج الأقطان» كانت بـ30 جنيهاً، وبالتالي لم نحقق الارتفاع المرجو، فتحقيق
البورصة للأرباح التي تقدر بالمليارات هو كلام نسبي محدود، فالذي حقق المكاسب هو عدد
محدود من الورق وليس جميع الأسهم.
هل
ارتفاع البورصة المصرية توقف مع الثبات الحالي لسعر الصرف، خاصة أن الصعود التاريخي
الذي حدث كان عقب عملية تعويم الجنيه؟
إن
سعر الدولار الأمريكي مقارنة بالجنية المصري، تضاعف بنسبة 100% بعد قرار تحرير سعر
الصرف، وعادة بعد تعويم العملة المحلية في أي دولة يحدث تذبذب في العملة المحلية إلى
أن يبدأ ثبات السعر، وهذا ما حدث لدينا، فعقب تحرير سعر الصرف ارتفع سعر الدولار إلى
ما يقارب 18 جنيهًا، ثم مال إلى الانخفاض إلى 15، 16 جنيهاً، ونحن الآن نتحدث في سعر
17.50 جنيه تقريباً، وأنا أعتقد أن سعر الدولار سيبدأ في الانخفاض تدريجياً.
كما
أن القوة الشرائية متضاعفة إلى الآن وما زالت الأسعار في البورصة المصرية لم تحقق المرجو،
وفي حال مقارنة أسعار الأسهم المصرية بأي استثمارات أخرى في 2006، والآن نجد أن أي
استثمار أياً كان تضاعف قيمته 10 أضعاف، والأسهم
المصرية سعرها انخفض 10 أضعاف، وبالتالي أصبح هناك 20 ضعفا، وهذا الأمر يعلمه
الأجانب جيداً، لذا هي تستثمر على المدى الطويل.
وماذا
ترى في 2018 بالنسبة للبورصة المصرية؟
أعتقد
أن 2018 هو العام الأفضل للبورصة المصرية، كما أنه سيكون المجال الأمثل للاستثمار،
في 2017 كان قطاعي البنوك والخدمات المالية
من أكثر القطاعات، التي استفادت الاستفادة
المثالية، وذلك لاستفادة البنوك بسعر الصرف، وإلغاء القيود على التحويلات البنكية،
وأنها حلت محل شركات الصرافة، فضلاً عن رفع أسعار الفائدة والتي تمت 6 مرات أدي إلى زيادة معدل الودائع لدى البنوك، وأن التعامل كله
كان من خلال البنوك، وبالتالي تواجدت سيولة، ما انعكس على أداء أسهمها، فهناك أسهم
كثيرة به لم تتحرك حتى الآن، إلا أسهم محددة جداً مثل سهم «مصر الجديدة».
ومن
الأسهم التي من الممكن أن تحقق مكاسب العام المقبل «شمس للإسكان والتعمير- المتحدة-
الصعيد للمقاولات- بالم هيلز»، فهي لم تحقق طفرات سعرية، ويتوقع أن تحقق أداء جيدا
العام المقبل.
مع
تراجع معدلات التضخم هناك احتمالات بتراجع أسعار الفائدة بالبنوك كيف ترى تأثير ذلك
على أداء البورصة؟
ما
حدث سابقاً أن أسعار الفائدة ارتفعت لـ6 مرات متتالية، وآخر اجتماعين في المركزي قام
بالتثبيت، وما يحدث في المعتاد أن يحدث الارتفاع ثم التثبيت وتدريجيا يأتي الانخفاض،
وانخفاض سعر الفائدة شيء طبيعي وصحي حاليًا، ولم يؤثر الأداء المالي على أداء الأسهم
بشكل قوى.
في
خلال الشهر الحالي يكون قد قارب مرور 6 أشهر على تعيين محمد فريد رئيس البورصة المصرية..
كيف تقيِّم أداءه؟
المجلس
في العموم أداؤه جيد وعملي، فهو مارس العمل مثلنا ويدرك جيداً المطلوب ومتطلبات المرحلة
المقبلة، وهناك نتائج ومبشرات رأيناها بأعيننا خاصة مع قرار تخفيض فترة إيقاف الورقة
المالية لربع ساعة، ما أعطى لنا مساحة في التعامل بالبورصة لوقت أكبر، وأيضاً ساعد
على زيادة أحجام التداول، وبالنسبة لتفعيل آلية «الشورت سيلينج»، فهذا أمر آخر محمود
سيؤدي إلى نتائج إيجابية، ويزيد من أحجام التداول وارتفاع أداء المؤشرات، كما أنه جارٍ
مناقشة تفعيل بورصة السلع والعقود، تلك القرارات والأمور التي تناقش تمت في وقت قصير
جداً، وهذا المجلس أرسى العمل الفعلي، ومن خلال ممارسته له، استشفّ متطلبات الشركات
والسوق.
وما
رأيك في التعديلات التي تمت في قوانين سوق المال الأخيرة.. وماذا عن قانون الاستثمار
وتأثيره على البورصة؟
كلها
جيدة، وتصب في صالح المستثمرين وتشمل تيسير إجراءات قيد تداول الشركات بالبورصة وتنفيذها
على الشاشة، وما تم بها إيجابي جداً وفي صالح المستثمر بصفة عامة، وقانون الاستثمار
من أهم القرارات التي صدرت في الفترة السابقة، ونحن نتحدث عن ثورة اقتصادية قامت بداية
من قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، التي سبقت قرار تحرير سعر الصرف، كما أن قانون
الاستثمار فحواه يلغي البيروقراطية الموجودة في الدولة من قبل، وأعطى تيسيرات للمستثمرين
الأجانب، وبالتالي أصبح من المحفزات الكبيرة التي تشجع الاستثمار في مصر، كما أنه أدى
بذلك أن تصبح مصر الدولة الأولى أفريقياً، ومن العشر الأوائل على مستوى العالم في جذب
الاستثمار.
وبالنسبة
لآلية «الشورت سيلينج».. هل ترى أن المستثمر المصري يستطيع استيعابها؟
هذه
الآلية معمول بها في معظم البورصات العالمية، وهي تعد الوجه الآخر لآلية الـشراء والبيع
في ذات الجلسة، وبالتالي تعمل على إحداث توازن في السوق، حيث إن آلية الشراء والبيع
في ذات الجلسة يتم فيها البيع في آخر الجلسة لذا السوق يتراجع، أما الشورت سيلنج فإن
المستثمر يضطر إلى الشراء في آخر الجلسة، ما يؤدي إلى رفع أحجام التداول.
ما
الآليات الأخرى تحتاجها البورصة المصرية؟
نحتاج
لتيسير إجراءات قيد الشركات، ونبدأ في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، حيث إن هذا
يفيد السوق، وهذا البرنامج تم الحديث عنه كثيراً، وأعتقد أن الوقت الراهن هو الأنسب
لتنفيذه، كما أن الطرح يوفر السيولة للشركات، ما يساهم في تطويرها دون اللجوء إلى الاقتراض،
لكن الطرح تأخر كثيراً، ويجب سرعة وتنشيط برنامج الطروحات الحكومية، كما أن هذا الطرح
يزيد من قاعدة العملاء للبورصة بجذب دماء جديدة، وهناك ثلاثة شروط لنجاح هذا الطرح،
وهي اختيار التوقيت المناسب، وأن يكون السوق وأحجام التداول مرتفعين، فضلاً عن التسويق
الجيد، واختيار قيمة عادلة للسهم.
وأخيراً..
هل قاربنا من الوصول إلى البورصات العالمية، أم ما زال أمامنا الكثير حتى نلحق بها؟
البورصة
المصرية عقب عملية التعويم باتت أعلى بورصات العالم صعوداً، وما حدث خلال الفترة الأخيرة
بعد الأزمة العالمية والهبوط الرهيب أصبحت البورصة مصدر قلق للمستثمر، لكن ما يحدث
الآن هو العكس، فبات هناك اهتمام حكومي بالمجال، وبدأ المستثمر يشعر بمكسب في الفترة
الأخيرة، ومن هنا يتم الوصول إلى مستويات أعلى، فالمجلس الحالي يكاد يكون احترافيا
عمليا، وأنا أرى أن البورصة تسير في تقدم.