وكالات
لم تكن “بارك غيون هى” رئيسة كوريا الجنوبية التى أقالها القضاء، اليوم الجمعة، بعيدة يومًا عن دهاليز السلطة فى بلدها، حيث انتقلت من ابنة رئيس إلى دور السيدة الأولى إلى الرئيسة.
وأطاحت بـ “بارك غيون” - 65 عامًا، فضيحة فساد هائلة جعلتها أول رئيسة دولة تتم إقالتها فى تاريخ البلاد.
بارك الابنة الكبرى للديكتاتور العسكرى بارك شونغ، عاشت طفولتها فى “البيت الأزرق” القصر الرئاسى فى كوريا الجنوبية.
وعلى الرغم من اتهامات بانتهاك حقوق الانسان شابت عهد والدها (1961-1979)، يطلق البعض صفات ملكية على العائلة ويصفون بارك "بالأميرة"، وفى عهد والدها شهدت كوريا الجنوبية تسارعا فى النمو الاقتصادى.
واغتيل والداها بفارق خمس سنوات بينهما، مما أكسبها تعاطف الرأى العام.
وأثارت بارك اعجاب الكوريين الجنوبيين المحافظين المسنين، الذين يذكرون والدتها بحنين ويشيدون بوالدها، لأنه اخرج من الفقر أمة دمرتها الحرب.
ولم تكن بارك تتردد فى توظيف تاريخها الشخصي فى خطبها التي تكرر فيها "بعد الخسارة المفجعة لوالدى اللذين سقطا برصاص قتلة”، وتسلقت بارك سلم السلطة بسرعة ووصفت بأنها "ملكة الانتخابات".
لم تتزوج “بارك غيون” يوما كما أنها لا تقيم اي علاقات مع شقيقتها وشقيقها وهذا ما ساهم في تعزيز صورتها في بلد اعتاد على فضائح الفساد المرتبطة بالمحسوبيات.
وكانت تقول: "أنا متزوجة من الجمهورية الكورية.. لا أبناء لى"، اما مصدر الوحي لها فى عملها فكان ملكة انكلترا وايرلندا اليزابيث الأولى، التى توصف بـ "الملكة العذراء"، بسبب اصرارها على العزوبية.
وفى 2012، فازت فى الانتخابات الرئاسية، وحصلت على أكبر عدد من الأصوات، لكن عائلة شخص دينى مشبوه اختارته ليكون مرشدها، هى التى أدت إلى سقوطها.
بدأت علاقتها بشوي تاي-مين الغامض الذي اسس حركة اقرب الى طائفة سرية، في سبعينات القرن الماضي عندما بعثت له رسالة تقول فيها انها رأت والدتها الراحلة فى حلم.
وقد تمكن من التأثير عليها الى درجة ان مذكرة دبلوماسية اميركية سربها موقع ويكيليكس تحدث عن شائعات تفيد بانه "يسيطر عليها جسدا وروحا".
وبعد وفاته فى 1994، حلت ابنته “شوى سون” سيل محله وكانت صديقة لبارك، تهتم بحياتها اليومية وحتى بملابسها.
وبارك متهمة بالتواطؤ مع شوى التي تحاكم بدورها لحصولها على ملايين الدولارات من المجموعات الصناعية الكبرى. واوقف وريث سامسونغ لي جاي-يونغ قيد التحقيق في اطار هذه الفضيحة الواسعة والمتشعبة.
قدمت بارك اعتذاراتها وفي بعض الاحيان باكية، الى الشعب الكوري الجنوبي ووصفت نفسها بانها وحيدة وخطأها الوحيدة انها افرطت في ثقتها بصديقة.
وقالت الرئيسة المقالة: "منذ أن توليت مهامى الرئاسية عشت وحيدة". واضافت أن شوى "وقفت إلى جانبي فى أحلك الأوقات ووثقت بها".
لكن هذه الفضيحة كشفت العلاقات بين السلطتين الاقتصادية والسياسة ودفعت الملايين الى التظاهر في الشوارع قبل ان تقر المحكمة الدستورية اقالتها الجمعة.
وكتب شون يو اوك النائب والحليف السابق لبارك في مذكرات نشرت مؤخرا "بدلا من ذكاء والدها وفاعليته وتصميمه على تطوير الاقتصاد، ورثت اسوأ صفاته، هاجس السلطة (...) وعدم قبول الانتقادات".
واضاف ان "سقوطها يذكر كل الكوريين الجنوبيين بانه حان الوقت لنودع ماضينا".