"معايا الكحل اللي مبيسيحش.. معايا شرابات حريمي وكريمات تنعم تعطر تهدي المزاج..معايا نعناع يعطر الفم ويروق الدم.. جربي البضاعة يا أختي قبل ما تشتري".
بصوت مجهد مشروخ لكثرة الصياح تنادي الفتيات اللواتي لا تزيد أعمارهن على العشرين عاماً، بالمترو كل صباح.
تعدن الزبائن من راكبات المترو بجودة عالية، وتقسمن بأغلظ الأيمان على كون المنتجات تحمل على عبوتها تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية.
يملأن عربات مترو الأنفاق في القاهرة، لا يتوقفن عن الصياح على بضائعهن الرخيصة.
من بين هؤلاء البائعات كانت "س"، التي وقفت وسط حشد من السيدات تصيح منادية على بضاعتها التي تحملها في حقيبة ظهر مهترئة.
ظهر حارس الأمن التابع للمحطة على باب العربة لدى توقف المترو عند إحدى المحطات، فدست الفتاة بضاعتها على الفور خلف ظهر إحدى الشابات الواقفات وسألت هامسة: "هو ده بتاع الأمن؟ فردت الشابة بصوت خفيض: شششش... آه هو... اسكتي وخليكي ورا ضهري لحد المترو ما يتحرك".
تتذمر البائعة من رجال الأمن على محطات المترو، فهم لا يكفون عن اصطيادها هي وزميلاتها، والوقوع في أيديهم، يعني انتظار ساعات في غرفة الأمن والإدارة التابعة للمحطة. "ويا ياخدوا مننا البضاعة يا ياخدوا مننا فلوس... أهو مرار".
بائعات المترو، راكبات المترو، ورجال الأمن: ثلاثة مكونات ثابتة لمشهد متغير
في هذا المشهد تواطأت السيدة الشابة المتأنقة مع البائعة ضد مطاردات الأمن التي يبدو أنها جزء مألوف من حياة بائعات المترو اليومية، لكننا نجد لقطات أخرى تقف فيها بعض النساء ضد البائعات متهمات إياهن بمزاولة نشاط تجاري غير مرخص وفي غير المكان الملائم له.
" بائعة منتقبة، ترتدي السواد ولا يظهر منها إلا العينان صعدت إلى عربة السيدات في محطة "السيدة زينب" الشعبية حاملةً بعض الإكسسوارات البلاستيكية الرديئة الصنع التي تبيعها بأثمان بخسة جداً، والتي لا تجد رواجاً كبيراً على الغالب في عربات المترو، إلا بين المراهقات من طالبات المدارس الثانوية والمعاهد المتوسطة.
ما إن بدأت "ر" تنادي على بضاعتها حتى امتعضت إحدى الراكبات من "مزاحمتها" وانحشارها وسطهن ببضاعة رديئة وبصياح مؤذ للآذان، إذ كان الأولى بها أن تعرض بضاعتها في "بوتيك" بدلاً من التطفل على نساء أنهكهن يومهن الطويل في العمل ومواصلات القاهرة الساحقة.