الجمعة 17 مايو 2024

وطن لا ينتقم

4-3-2018 | 20:50

بقلم: أحمد أيوب


إن لم تستحى فافعل ما تشاء.. والجماعة الإرهابية لم ولن تستحيى، لأنها لم تُبن على قيم ولم تقُم على أخلاق، وإنما أساسها الخيانة والطعن فى الظهر، يطعنون الوطن فى ظهره كل يوم وهو لم يكن يوماً قاسياً عليهم رغم جرائمهم ولو أنصف هؤلاء المجرمون، لاعترفوا بفضل البلد عليهم وفضحوا حقيقة جماعتهم التى ما تعلموا منها إلا نكران الجميل.



ولو أردنا أن نعرف كيف ينكر هؤلاء جميل البلد عليهم فيكفى أن نوجه عدة أسئلة.. هل مارس الوطن التمييز ضد واحد منهم؟


هل فتش أحد رجال الأجهزة الأمنية ذات يوم فى الماضى أو الحاضر السياسى لأى من الحاصلين على شقق فى مشروع «الأسمرات» السكانى الضخم؟ ليتأكد ان كان اخوانياً أو غير ذلك


هل فتشت الأجهزة الأمنية فى هوية من يمرون بسياراتهم على شبكة الطرق هائلة الطول التى تؤسسها الدولة المصرية الآن؟


هل يعرف موزعو المواد التموينية المدعومة الهوية السياسية لكافة الأسر التى تستفيد من هذه المقررات المطروحة للشعب الطيب؟


هل اشترطوا على أى مواطن قبل أن يتسلم بطاقته أن يكتب إقراراً أنه مساند للرئيس أو حتى ضد الجماعة الإرهابية أو لا ينتمى لها؟


هل يستوقف القاضى المسئول عن أى صندوق انتخابى المواطن- أى مواطن- ليسأله عن انتمائه السياسى؟


هل رفضت الجمعية الاستهلاكية طلبا للمواطن لأنه إخوانى؟


هل سأل أحد من الأجهزة الأمنية أياً من الحاصلين على الأراضى فى مشروع «المليون ونصف المليون فدان» عن علاقته بهذه الجماعة؟


مثل هذه الأسئلة التى تبدأ جميعاً بـ«هل» ويمكن نسج عشرات من الأسئلة المشابهة لها بسهولة، والجواب القاطع والنهائى والمؤكد عليها هو: لا ..وألف لا لم يحدث ولن يحدث!


هذا هو الواقع.. أو جزء من الواقع، جزء يقول إن الجماعة الإرهابية المحظورة ومن يؤمنون بأفكارها المسمومة والمندسين بين الناس منهم- وهى حقيقة تعلمها الأجهزة الأمنية قبل أن يعرفها الصحفيون- يحصلون على خدمات الدولة المصرية، دون أى تمييز لهم عن الآخرين.. وفقاً للدستور- الذى لا يؤمنون به- ووفقاً لقواعد الدولة المصرية الحديثة- التى يريدون استبدالها بدولة دينية متطرفة- ووفقاً للقاعدة الراسخة التى تقول إن الرئيس السيسى يتعامل بأنه رئيس لكل المصريين.. وأن مصر دولة كل المصريين وليس لبعض أفراد الشعب فقط مثلما كان رئيس مصر الإرهابى المعزول الذى حكمها لمدة سنة حالكة السواد..!


جيشنا وشرطتنا يحاربون الإرهاب الذى تمثله وتموله وتدعمه الجماعة ويتصدون بقوة لكل من يحمل السلاح، لكن هل مست يد الجيش مسالما لأنه إخوانى، رغم إدراكنا جميعاً لخطورة هذه الجماعة وأعضائها المنتمين لها ورغم ما نسمعه يومياً بشكل واضح من دعوات يطلقونها لقتلنا وتفجير مؤسساتنا، ورغم شائعاتهم التى لا تتوقف ضد مصر من أجل إثارة الفوضى وفرض الخراب، لكن أخلاقنا لا تسمح لنا بأن نعاملهم بنفس الأسلوب الحقير.


على العكس تماماً يعيش الإخوان فى بيوتهم آمنين مثل بقية المصريين الذين تريد جماعتهم أن تقتلهم يحصلون على كل خدمات الدولة دون تمييز، بل يأخذون حقهم وزيادة.


هذه هى مصر التى لا تعرف التمييز ولا التفرقة، وكان أسهل ما يمكن فعله تجاه كل من ينتمى لتلك الجماعة القاتلة أن يطبق عليه «الحرمان» من خيرات مصر فمن يقبل أن تقتلنا جماعته لا يستحق أن يشاركنا لقمتنا ويشرب من نيلنا لكنمصر لم تفعل ذلك ولن تفعل، ورئيسها الذى لا يطيقه هؤلاء لم يفكر لحظة فى التعامل معهم بمنطق الانتقامية، لو طبقها لطارت رؤوس كثيرين، وهو ما يرفضه الرئيس، حتى الإخوانفى مؤسسات الدولة لم تقطع الدولة رزقهم مثلما يفعل خليفتهم المزعوم أردوغان، فى معارضيه بتركيا، لكن تعاملنا معهم بمعادلة لا ضرر ولا ضرار، الإبعاد من أماكن التأثير اتقاء شرهم، دونأن يقطع عيشهم، هل تحدث أحد فى هذا؟، هل اعترفوا بهذا الفضل الذى تتعامل به الدولة المصرية معهم؟ - بالطبع لا.. لأنهم كاذبون ناقمون مسخرون بأمر جماعتهم.


بكل حق مصر الأن هى دولة المواطنة للجميع، هذه الدولة التى لا تعاقب على الانتماء السياسى مهما يكن طالما أنه سلمى.. هذه الدولة التى تمنح الحق لجميع المصريين فى الحصول على خدمات من مشروعاتها القومية.. الدولة التى تعلم- علم اليقين- بأن بعض المستفيدين من هذه المشروعات لايحبون الخير لبلدهم، لكنها لا تقوم بالفرز بين المواطنين لتمنع الخدمة من البعض وتمنحها للآخرين، ولا تعوق استفادتهم من هذه المشروعات، لأنها تحترم الدستور وتحترم حقوق الإنسان وتحترم مبدأ «المواطنة»!


نعم.. مصر- السيسى تحترم مبدأ «المواطنة» إلى أقصى درجة، ولو لم تكن كذلك، لما استمر هؤلاء الذين يؤيدون الجماعة الإرهابية أحياء بيننا، جيراناً لنا أو زملاء لنا.. نسمعهم ليل نهار وهم يسبون الدولة ويلعنون مصر ونصمت عنهم، ونراهم وهم يحملون السلع التموينية ويستفيدون بنقاط الخبز ويحصلون على نصيب وافر من هذا المشروع أو ذاك.. وفى نفس اللحظة، يدعون على الدولة وعلى القائمين عليها..!


هذا هو قدر مصر.. فمصر دولة عظيمة، يمنعها تاريخها، وتمنعها قيمها ويمنعها دستورها، ويمنعها رئيسها، من أن تنحدر إلى مستوى الإرهابيين وأنصارهم فى التفكير الأعمى الذى يتمنى الخراب لبلد يعيشون على أرضها ويأكلون من خيرها.