الخميس 26 سبتمبر 2024

«الآثار»: 4 مراحل رئيسية لأعمال ترميم وتطوير الجامع الأزهر

فن6-3-2018 | 16:32

أكد الدكتور محمد عبداللطيف، مساعد وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أن الجامع الأزهر "الأثر رقم 97"، الذي يرجع تاريخ إنشائه لأكثر من 1000 عام، يعد من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي ويكاد أن يكون الجامع الأول في العالم الذي لعب أدوارا دينية وتعليمية وثقافية وسياسية ومعمارية.

وقال عبداللطيف- في تصريح له اليوم عقب افتتاح أعمال ترميم الجامع الأزهر، التي استغرقت أكثر من ثلاث سنوات- إن الجامع الأزهر، خلال تاريخه الطويل شهد العديد من أعمال التوسعات والإضافات على يد الأمراء والسلاطين وحكام مصر، بالإضافة إلى أعمال الصيانة والترميم، ومن أهمها أعمال الصيانة والترميم في عهد الخديو عباس حلمي الثاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأعمال الصيانة والترميم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في سبعينيات القرن العشرين وآخرها الترميم الشامل الذي حدث للجامع في عام ١٩٩٨.

وأضاف أنه بالنسبة لأعمال الترميم الحالية، تقدمت مشيخة الأزهر بخطاب لوزارة الآثار في أكتوبر عام ٢٠١٣ بخصوص المنحة المقدمة من السعودية لترميم وصيانة الجامع الأزهر والمشيخة القديمة وتكليف مجموعة شركات بن لادن للقيام بتلك الأعمال، مشيرا إلى أنه صدر قرار من اللجنة الدائمة للآثار في فبراير ٢٠١٤، بالموافقة على البدء في الأعمال الخاصة بالمشروع، الأمر الذي استلزم أخذ عينات وتحليل بعض المواد وعمل مجسات وحفر استكشافية داخل معامل التحاليل المصرية.

وتابع أنه تم البدء في أعمال تسليم موقع الجامع الأزهر في أبريل ٢٠١٥، وأسندت شركة بن لادن أعمال الترميم الدقيق إلى شركتي "مؤسسة أسوان للإنشاء والتعمير وشركة بكة"، بالإضافة إلى شركة لأعمال الكهرباء وأخرى للأعمال الميكانيكية وتعمل جميعها تحت إشراف وزارة الآثار. 

وكشف تقسيم أعمال الترميم والتوثيق والرفع المعماري والمساحي للجامع الأزهر إلى 4 مراحل رئيسية حافظت على الطبيعة الأثرية للجامع، وشملت المرحلة الأولى، "الظلة العثمانية" وسبيل وكتاب وضريح عبدالرحمن كتخدا، وباب الصعايدة ورواق الشوام والمئذنتين العثمانيتين والمدرسة الجوهرية، وضريح نفيسة البكرية، وباب الشوربة، والحواصل الموجودة خلف الجامع"، فيما تضمنت المرحلة الثانية "الظلة الفاطمية وحجرات الطلبة بالطوابق العلوية".

وأضاف أن المرحلة الثالثة من أعمال الترميم تضمنت "صحن الجامع والظلات الجانبية "الظلة الجنوبية الغربية والظلة الشمالية الشرقية"، وشملت المرحلة الرابعة والأخيرة "المدرسة الاقبغاوية والطيبرسية والرواق العباسي"، حيث تم الكشف عن بعض التعديلات المعمارية بالمدرسة مثل دولاب حائطي تم سده بالحجر في عصور سابقة.

وأكد أنه تم إزالة طبقة الملاط والدهانات التالفة ومعالجة الأملاح والرطوبة بالحوائط بالكمادات وتكحيل العراميس الموجودة بين مداميك الأحجار والترميم الدقيق للزخارف الجصية الموجودة بقبة الظلة العثمانية وسقف الرواق العثماني وإعادة طبقة الملاط وإنشاء شبكة كهرباء جديدة بوسائل إضاءة حديثة وفرش السجاد لتهيئة المسجد للصلاة وترميم المنبر والمحراب والكشف عن الألوان الأصلية تحت طبقة الدهان.

وعن تاريخ الجامع الأزهر، أشار مساعد وزير الآثار إلى أنه إذا كان جامع عمرو بن العاص هو أول جامع بني بمصر الإسلامية، فإن الجامع الأزهر هو رابع الجوامع التي بنيت في مصر، وعرفت قبل الأزهر ثلاثة مساجد جامعة هي: جامع عمرو بن العاص بالفسطاط سنة ٢١ هجريا-٦٤١ م، وجامع العسكر في مدينة العسكر سنة ١٣٣ هجريا٧٥٠م وجامع أحمد بن طولون في مدينة القطائع سنة ٢٦٥ هجريا- ٨٧٩ م.

وقال إن جوهر الصقلي شرع في بناء هذا الجامع مع القصور الفاطمية بمدينة القاهرة ليصلي فيه الخليفة وبدأ البناء به سنة ٣٥٩ هجريا-٩٧٠ م، واستغرق بناء الجامع عامين، وأقيمت أول صلاة جمعة به سنة ٣٦١ هجريا- ٩٧٣ م، وعرف بجامع القاهرة وهو أول مسجد أنشئ بمدينة القاهرة رابع عواصم مصر الإسلامية.

وأضاف أن الأزهر- وقت إنشائه- كان يتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به ٣ ظلات أكبرها الظلة الجنوبية الشرقية، وهي ظلة القبلة، حتى أضاف الخليفة الحافظ لدين الله الفاطمي سنة ٥٤٤ هجرية رواق حول الصحن وقبة حجرية، وفى عام ١٢٦٦ م، جدد وأصلح السلطان المملوكي الظاهر بيبرس الجامع بعد أن أُهمل الإهمال نتيجة إغلاقه وإبطال الصلاة فيه إبان الدولة الأيوبية.

ولفت إلى أنه خلال العصر المملوكي ألحق بالمسجد مدرستان أحدهما المدرسة الطيبرسية التى أمر بإنشائها الأمير علاء الدين طيبرس عام ١٣٠٩م، والثانية المدرسة الاقبغاوية التي أمر بإنشائها الأمير اقبغا عبد الواحد عام ١٣٤٠م، وفى عصر المماليك الشراكسة أمر الأمير جوهر القنقبائي عام ١٤٤٠م، بإضافة مدرسة ثالثة هي المدرسة الجوهرية، وأقام السلطان قايتباي في عهده بابًا ضخمًا يؤدى إلى صحن الجامع ترتفع من فوقه مئذنة، ثم أضاف السلطان الغوري في عام ١٥١٠م، مئذنة أخرى بجوار السابقة.

وأوضح أنه في العصر العثماني أجرى عبدالرحمن كتخدا إصلاحات وتجديدات عدة حيث هدم ظلة حائط القبلة عن يمين ويسار المحراب، وأضاف ظلة جديدة خلف الظلة القديمة، كما أضيفت للمسجد أبواب عدة، لافتا إلى أنه في عهد الخديو عباس حلمي الثاني أضيف رواق جديد عرف بالرواق العباسي.

وأكد أن الأزهر تخرج فيه كثير من القادة العظماء والعلماء الأجلاء ومنهم الشيخ الشرقاوي شيخ الأزهر في الفترة من (1793 إلى 1812م)، الذى كان له دور كبير ضد الاحتلال الفرنسي لمصر من عام 1798م إلى عام 1801م وقد كانت ثورة القاهرة الأولى والثانية بداية تجمعها من الجامع الأزهر، والطالب السوري سليمان الحلبي الذي قتل كليبر القائد الفرنسى الذى تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد نابليون وقد أتم سليمان الحلبى هذه العملية في 14 يونيو سنة 1800م وأعدم بسب هذا الحادث مع أربعة آخرين من شيوخ الأزهر وطلابه.

وتابع أننا لا ننسى دور الشيخ الشرقاوي أيضاً والشيخ عمر مكرم في تأييد محمد على وتنصيبه واليًا على مصر، ولولا تأييد الأزهر وطلابه له ما وصل محمد على إلى الحكم وذلك لأن تأييد الأزهر يتبعه تأييد الشعب كله وذلك لمكانة الأزهر في نفوس الشعب، كما تخرج من الأزهر أيضاً أحمد عرابى قبل دراسته العسكرية وكذلك سعد زغلول قبل دراسته للقانون ما كان له أكبر الأثر في نفسيهما من الناحية الدينية والوطنية.

وأشار إلى أنه تخرج من الأزهر علماء لا ينكر التاريخ فضلهم مثل رفاعة رافع الطهطاوي رائد علم الترجمة واللغات بمصر ومؤسس كلية الألسن، وأيضاً الشيخ محمد عبده قائد الإصلاح الحديث في مصر والشيخ جمال الدين الأفغاني صاحب مقاومة الاحتلال في كل مكان من العالم وبكل أنواعه وجنسياته وصاحب دعوة حرية الشعوب، وللعصر الحديث للأزهر دور بارز ووطني، فمنه تخرج الشيخ محمد مصطفى المراغي الذى كان شيخًا للأزهر في الفترة من 1928م إلى أن استقال سنة 1930م بسبب مواقفه الصلبة ضد رغبات الملك فاروق ملك مصر السابق، إلى أن أعاده مرغماً فتولى مشيخة الأزهر مرة ثانية من عام 1935 حتى توفى عام 1945م.