السبت 29 يونيو 2024

المفوض الأممي لحقوق الإنسان يشدد ضرورة الاهتمام بحالتي سوريا وميانمار

7-3-2018 | 16:34

طالب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة زيد رعد الحسين بإيلاء اهتمام لحالتي سوريا وميانمار، خاصة الغوطة الشرقية وأقلية الروهينجا، مشيرا إلى استمرار التطهير العرقي ضد أقلية الروهينجا في ولاية راخين، كما أدان كافة العمليات الإرهابية تحت أي مبرر ودون تحفظ، مشددا على أنه لا يمكن أن يكون هناك مبرر لهذا النوع من العنف الأعمى الذي يوجه ضد الأشخاص العاديين.

وقال المفوض الأممي -في تقريره السنوي الشفهي الذي عرضه أمام الدورة السابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الأربعاء- إن الصراع في سوريا دخل مرحلة جديدة من الرعب، فبالإضافة إلى إراقة الدماء في الغوطة الشرقية التي بحثها المجلس في جلسة عاجلة الأسبوع الماضي، تصاعد العنف في محافظة إدلب بما يعرض نحو مليوني شخص للخطر.

وأشار إلى أنه في عفرين بسوريا، يهدد هجوم تركيا أيضا أعدادا كبيرة من المدنيين، في الوقت الذي يعاني فيه السكان في دمشق التي تسيطر عليها الحكومة من تصعيد جديد في عمليات القصف الأرضي الموجه إلى العاصمة، فيما أدى هجوم القوات الحكومية ضد بعض الجماعات المتطرفة إلى خسائر واسعة النطاق في أرواح المدنيين.

وأوضح المفوض الأممي أن ما يصل إلى 400 ألف شخص قتلوا في سوريا، بينما أصيب أكثر من مليوني شخص، في حين يعيش مئات الآلاف تحت الحصار الذي تفرض أغلبيته القوات الحكومية وحلفاؤها.

وتابع أن المستشفيات والمدارس والأسواق في سوريا تعرضت وبشكل كبير للهجمات، وفي بعض الحالات كان هذا متعمدا بما أدى إلى أضرار كبيرة وتدمير البعض، مشيرا إلى أن مكتبه وثق أكثر من ألف غارة جوية وضربات أرضية عام 2017، وأن العديد من انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي لا تطاق اُرتكبت من أطراف النزاع كافة سواء كانت القوات الحكومية ومليشياتها المتحالفة أو الجهات الفاعلة الدولية وجماعات المعارضة المسلحة من بينها تنظيم (داعش).

وأردف إن الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة السورية وحلفاؤها المحليون ابتداء من عام 2011 أوجدت حيزا أوليا ازدهرت فيه الجماعات المسلحة المتطرفة، مؤكدا أن المحاولات الأخيرة لتبرير الهجمات على المدنيين بسبب الحاجة إلى مكافحة بضع مئات من المقاتلين كما في الغوطة الشرقية هي من الناحية القانونية والأخلاقية أمر لا يمكن أن يدوم.

وعن الوضع في ميانمار، قال المفوض السامي إن حالة جماعة الروهينجا في ميانمار وما يقرب من 900 ألف لاجئ في بنجلاديش ما زالت مصدر قلق بالغ، لافتا إلى أن مكتبه يعتقد أن التطهير الإثني ما زال جاريا في ولاية راخين، وأنه في حين أن بلدة ماونجداو قد أفرغت أساسا من مجتمع الروهينجا، إلا أن السكان ما زالوا يهربون إلى بنجلاديش بسبب الاضطهاد المنهجي وإن كان أقل كثافة في المدن والقرى الأخرى.

وألمح إلى أن الضحايا أبلغوا عن أعمال القتل والاغتصاب والتعذيب والاختطاف على أيدي قوات الأمن والمليشيات المحلية فضلا عن محاولات متعمدة على ما يبدو لإرغام الروهينجا على مغادرة المنطقة عن طريق المجاعة مع إعاقة وصولهم إلى المحاصيل والإمدادات الغذائية، وأنه تلقى تقارير عن تخصيص الأراضي التي يسكنها الروهينجا واستبدالها بأفراد من جماعات عرقية أخرى.

وأوضح أن مكتبه لديه شكوك قوية بأن أعمال الإبادة الجماعية تحدث في ولاية راخين منذ أغسطس الماضي، وأنه بسبب ذلك ليس مندهشا إزاء التقارير التي تفيد بأن قرى الروهينجا التي تعرضت للهجوم في السنوات الأخيرة والمقابر الجماعية المزعومة للضحايا يجري جرفها، بما يمثل محاولة متعمدة من جانب السلطات لتدمير الأدلة على الجرائم الدولية المحتملة بما في ذلك الجرائم المحتملة ضد الإنسانية.

وأكد المفوض السامي أن الإعلان مؤخرا عن تقديم سبعة جنود وثلاثة من ضباط الشرطة إلى العدالة بسبب القتل خارج نطاق القضاء لعشرة رجال من الروهينجا غير كاف على الإطلاق، وأنه يجب على الحكومة أن تتخذ خطوات نحو المساءلة الحقيقية عن هذه الانتهاكات ويجب أن تحترم احتراما تاما حقوق الروهينجا بما في ذلك المواطنة.

ولفت إلى أنه وفي انتظار التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق، يوصى بأن يطلب المجلس من الجمعية العامة إنشاء آلية مستقلة ونزيهة جديدة لإعداد الإجراءات الجنائية والتعجيل بها في المحاكم ضد المسئولين عنها، مشددا على أنه ينبغي لأي اتفاق للإعادة إلى الوطن أن يحدد طريقا واضحا للمواطنة وأن يضع حدا للتمييز والعنف اللذين يتعرض لهما الروهينجا، وأنه من الواضح أن تلك الشروط ليست قائمة اليوم.

وحول اليمن، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن الصراع يتصاعد هناك، ما يخلق كارثة إنسانية ذات أبعاد جديدة، حيث يعاني المدنيون من القصف العشوائي وهجمات القناصة التي يقوم بها الحوثيون والقوات التابعة لهم، وهذا هو السبب الرئيسي في إصابات المدنيين بما في ذلك الخسائر في صفوف الأطفال، معربا عن القلق بشكل خاص إزاء مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين في مدينة تعز.

وعن ليبيا، أشار المفوض الأممي إلى أنه حين قام بزيارته في أكتوبر الماضي، شعر بالجزع إزاء انعدام القانون شبه الكامل في جميع أنحاء البلاد مع إفلات شبه كامل من العقاب على أشد الجرائم خطورة، وحث جميع الدول على دعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية المرتكبة في ليبيا.

ومن ناحية أخرى، شجب المفوض السامي- في تقريره أمام مجلس حقوق الإنسان- ممارسة إيران التي وصفها بـ"الشنيعة" المتمثلة في إعدام الأشخاص لارتكابهم جرائم عندما كانوا أطفالا، معربا عن قلقه أيضا إزاء الاستخدام المفرط للقوة خلال المظاهرات التي جرت في ديسمبر ويناير من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن مقتل عدد من المتظاهرين المحتجزين في وقت لاحق.

وطالب بمعالجة الاستياء واسع النطاق في إيران من بطالة الشباب وعدم المساواة وعدم مساءلة مؤسسات الدولة وزيادة الطلب على الحقوق من خلال الحوار والإصلاحات، منوها بأن التدابير القمعية مثل الاعتقالات والملاحقات القضائية للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والناشطين على المستوى الدولي لا يمكن إلا أن تزيد من استياء الشعب الإيراني.

وفي تناوله للوضع في العراق، أعرب المفوض السامي عن قلق خاص بشأن تطبيق قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005 فيما يتعلق باحترام الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، مشددا على ضرورة أن تتخذ الحكومة تدابير عاجلة لضمان تنفيذ الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة تنفيذا كاملا في القانون المحلي بما فيه قانون مكافحة الإرهاب ومراعاتها عمليا.

وتناول المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قائلا إنه سيتم تقديم ستة تقارير إلى المجلس بشان الحالة هناك، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بطلب المجلس إعداد قاعدة بيانات لمؤسسات الأعمال التجارية التي تضطلع بأنشطة محددة تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية، فقد بلغ مجموع الشركات التي تم فحصها 206 شركات من بين 321 شركة تمت مراجعتها، كما أن مكتب المفوض سيصدر في الأيام المقبلة تقريرا عن التوسع الكبير في المستوطنات غير القانونية في العام الماضي إضافة إلى تقرير عن التدهور للوضع في غزة.

وفي تناوله لوضع حقوق الإنسان في روسيا، أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء ما أشار إلى أنه يبدو كحملة منسقة من العنف والتهديدات الموجهة ضد أعضاء من إحدى المجموعات الرئيسية المعنية بحقوق الإنسان، داعيا السلطات إلى إجراء تحقيقات فورية ونزيهة وكفالة محاسبة مرتكبيها، كما حث السلطات على التمسك الكامل بالحق في المشاركة السياسية في سياق التصويت الرئاسي لهذا الشهر والقيام بأعمال الشرطة في التجمعات العامة بما يتفق مع المعايير الدولية وضمان حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبير.

وحول تركيا، قال المفوض الأممي إن احترام الحقوق الأساسية مستمر في التدهور، مشيرا إلى أن مكتبه تلقى تقارير موثوقة عن حالات الفصل الجماعي التعسفي والإغلاق التعسفي لمنظمات المجتمع المدني والاحتجاز التعسفي للأشخاص الذين اعتقلوا بسبب مزاعم واسعة تتعلق بصلات بمنظمات إرهابية وكذلك التعذيب في الاحتجاز والقيود المفروضة على حرية التعبير وحرية التنقل والاستيلاء التعسفي على الممتلكات الخاصة والعقاب الجماعي الذي يستهدف أفراد أسر الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم.

وأضاف أنه بالنظر إلى هذه المخاوف المتعمقة في تركيا، فإنه سيصدر تقريرا مفصلا في الأيام المقبلة عن حالة حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ بما في ذلك معلومات مستكملة عن الحالة في الجنوب الشرقي من تركيا.