شارك الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، «إيسيسكو»، في فعاليات المؤتمر الدولي الـ14، للمنتدى العاملي للوسطية، بالعاصمة الأردنية عمّان، اليوم، الأحد، حول الأزمات التي يواجهها المسلمون في العالم، تحت عنوان: «المسلمون والعالم.. من المأزق إلى المخرج».
وقدم المدير العام لـ«إيسيسكو»، دراسة، حول الوعي الاستراتيجي في بناء الوحدة، وترسيخ العلاقات بين مكونات الأمة.
وأوضح «التويجري»، في دراسته أن الانتكاس الفكري، والتمزق، والتلاعب، بمصائر الشعوب الإسلامية، كانت أحد مصادر التشويش، الذي طال فكرة الوحدة الإسلامية في مدلولاتها العامة، مشيرا إلى أن العالم الإسلامي أصبح أمام 4 نظريات للوحدة، متباعدة في أهدافها، متصادمة في مضامينها، متنافرة في أبعادها، وهي: وحدة مثالية، تجمع الشعوب الإسلامية في إطار نظام سياسي موحد، أو ما يعبر عنه في الأدبيات السياسية الإسلامية بـ«تجديد الخلافة الإسلامية»، ووحدة خيالية، تلتئم فيها الشعوب العربية كافة، ضمن كيان سياسي عربي واحد، وهو ما يعبر عنه بـ«الدولة القومية»، ووحدة واقعية، تجمع شعبا واحدا تتجانس عناصره، وتتوحد مكوّناته، في إطار دولة ذات سيادة كاملة، طبقا لمقتضيات القانون الدولي، وهو ما يصطلح عليه بأنه «الدولة الوطنية»، ووحدة مستحيلة، تنصهر فيها شعوب العالم في بوتقة واحدة، وهي النظرية اليسارية الماركسية، التي أطلقت نداء «يا عمال العالم اتحدوا»، والتي سادت في بعض الدول العربية، وبخاصة خلال النصف الأول من القرن العشرين.
وأكد أن الوحدة التي ينبغي أن تنصرف الهممُ إلى بنائها، هي تلك التي تأخذ بعين الاعتبار، الظروف الحالية، والتحديات القائمة، والوسائل المتاحة، والعوامل المؤثرة، ولا ينفصل التفكير فيها عن المتغيرات التي تحدث في الساحة الدولية.
وشرحت الدراسة، كيف أن الوحدة درجات لا تناقض بينها بالضرورة، وكيف أن العهد الذي كانت تقوم فيه التجارب الوحدوية، على أساس من العاطفة، والانفعال، والارتجال مضى، وأن العالم الإسلامي يعيش اليوم مرحلة يمكن أن نطلق عليها «اليقظة الوحدوية»، وهو في طريقه إلى التخلص من رواسب الأفكار السياسية الخيالية المرتجلة؛ التي تسببت في ضياع فرص كثيرة لتطوير العالم الإسلامي، وتحريره من الضغوط التي تحاصره وتؤثر سلباً في حاضره وفي مستقبله في الآن نفسه.
وذكر أن فكرة الوحدة الإسلامية، أو الجامعة الإسلامية، أو الخلافة، انتهت في عصرنا الحالي، إلى التبلور في صيغة تنظيم إقليمي، أنشئ استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة، وانطلاقا من القانون الدولي، موضحا أن منظمة التعاون الإسلامي، هي اليوم أكبر تجمع دولي بعد الأمم المتحدة.
وقال: «إذا كانت الإنجازات التي حققتها هذه المنظمة، لا تـرقى إلى مستوى تطلعات الشعوب الإسلامية، إذ لم تفلح في فـضّ النزاعات التي تـنشأ في بعض المناطق من العالم الإسلامي بين المسلمين، بعضهم مع بعض، ولم تنجح في ترسيخ العلاقات الإسلامية-الإسلامية، وتقويتها وإنمائها وازدهارها، فإن ذلك لا يجيز بأي حال، إنكار أو تجاهل الدور الكبير الذي تنهض به على الصعيدين الإسلامي والدولي، باعتبارها تمثـل نموذجا رفيع المستوى للوحدة الإسلامية التي تحمي المصالح العليا للعالم الإسلامي، وتدافع عن حقوق الشعوب الإسلامية.