الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

«المصري للدراسات الاقتصادية»: النشاط التجاري يستحوذ على 74% من إجمالي القروض الممنوحة.. وخبراء: الاقتصاد السلوكي يعد من التوجهات الجديدة في العالم

  • 21-3-2018 | 11:13

طباعة

أعد المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة لكيفية استفادة "مشروعك" من الاقتصاد السلوكي، وهى المبادرة التي أطلقتها وزارة التنمية المحلية في مارس 2015 لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وقد تم حتى الآن تمويل 86472  مشروعا بإجمالي قروض 5 مليارات جنيه.

وتوصلت الدراسة إلى أن النشاط التجاري يستحوذ على 74% من إجمالي القروض الممنوحة، ويلاحظ الضعف الشديد للتمويل المقدم للأنشطة الإنتاجية وخاصةً المشروعات الزراعية، كما أن أداء المشروع أفضل في محافظات دون الأخرى، مثل قنا ودمياط والشرقية، وحصلت المرأة على 31% من إجمالي القروض الممنوحة، كما استحوذ الشباب على 28 بالمائة منها وهي نسب قابلة للزيادة.

وأوضحت الدراسة أنه يمكن الاستفادة من الاقتصاد السلوكي في تحسين آداء البرنامج وإحداث تغيير جوهري في الآداء الاقتصادي من خلال صياغة السياسات ووضع البرامج والحوافز مع الأخذ في الاعتبار التباين بين الأفراد والمجتمعات، حيث يمكن دراسة الاختلافات السلوكية بين المحافظات وبين مختلف الفئات العمرية وكذلك الاختلافات بين الذكور والإناث، ويمكن تطبيق هذا التحليل الاقتصادي لكافة الأطراف المشاركة في المنظومة، فبالنسبة للعملاء المستهدفين يمكن التسويق لخدمات مشروعك بالتركيز علي العناصر الجاذبة في كل مجتمع ولكل فئة، وتغيير المنظومة الثقافية التي تدفع الأفراد إلى اللجوء للتوظف لدي الغير وعدم تفضيلهم لإقامة مشروع، ومراعاة التقاليد والأعراف الاجتماعية والتقدير المجتمعي.

 

أما بالنسبة للبنوك، فيمكن تقديم برامج تمويلية تخدم مختلف الفئات، وتستجيب لبعض الاعتبارات التي تدفع الأفراد إلى الإحجام عن التمويل المصرفي مثل الاعتبارات الدينية، وارتفاع سعر الفائدة، وكذلك التصدي لبعض الاعتبارات المصرفية التي تؤدي إلى قيام البنوك برفض طلبات التمويل مثل عدم وجود ضمان، والحاجة إلى تحديد المسؤولية، وإجراء اختبار سلوكي لرواد الأعمال مما يعطي بُعدا إضافيا عند تقييم مستوى المخاطر للمشروعات الغير تقليدية.

 

وبالنسبة لموظفي "مشروعك" فيمكن تحديد الأسلوب الأمثل للحوافز (المادية والمهنية) للموظفين بمشروعك بما يدفعهم لتطوير الأداء مع الأخذ في الاعتبار الاختلاف في العناصر الثقافية بين المحافظات، واختيار أفضل العناصر لكل وظيفة داخل المقرات بناء على تقييم سلوكي، والحرص على سرعة إعلام المستفيدين بالنتائج، وتحسين التواصل مع المستفيدين.

 

وانتهت الدراسة إلى أن "مشروعك" يقدم حالياً برنامجا تمويليا موحدا لكل الفئات، ولكن يمكن تحسين كفاءته من خلال الاقتصاد السلوكي بتقديم برامج تمويلية مناسبة لكل فئة حسب مرحلة المشروع ونوعه ومكانه، واقترحت الدراسة أن يقدم البرنامج خدمات إضافية بالتنسيق مع جهاز "مشروعك" وجهات أخرى مثل الخدمات المتعلقة بالإجراءات، وخدمات الدعم الفني، وتقديم الخدمات التسويقية للعملاء، والخدمات التمويلية المصرفية، والخدمات التمويلية غير المصرفية، ووجود شخص بكل مقر لتقديم المشورة الفنية بقدر المستطاع للعملاء.

 

كما اقترحت الدراسة استهداف أنشطة بعينها بالتنسيق مع جهات أخرى مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات الاقتصادية لكل محافظة يتم استهدافها، مثل مشروعات صناعية لإنتاج المكونات الوسيطة للصناعة أو لإحلال الواردات، ومشروعات خدمية ذات طبيعة تكميلية للنشاط الصناعي، ومشروعات حرفية، ومشروعات "وظيفتك جنب بيتك".

 

 وأكدت الدراسة على ضرورة توفير Ecosystem متكامل في جميع محافظات مصر يحترم خصوصية المحافظات والفئات المجتمعية المختلفة يمكن من خلاله تعزيز ريادة الأعمال وتوليد فرص عمل مستدامة بشكل يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

 

وأشارت الدكتورة عبلة الدكتورة عبلة عبد اللطيف مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن الاقتصاد السلوكي يعد من التوجهات الجديدة في العالم، وظهر له العديد من التطبيقات التي استخدمتها جهات مختلفة منها البنوك، وهو مزيج من علم الاقتصاد وعلم النفس حيث يدرس العوامل النفسية التي تؤدى إلى اتخاذ الشخص قراراته، وهو ما يمكن استخدامه بصورة كبيرة في عملية التنمية المجتمعية من خلال صياغة برامج تنموية تخاطب الفرد بناء على احتياجاته وثقافته المجتمعية والعديد من الاعتبارات النفسية التي تؤثر على قيامه بسلوك معين.

يذكر أن الفائز بجائز نوبل للاقتصاد العام الماضي هو الاقتصادي الأمريكي ريتشارد ثالر عن إسهاماته في علم الاقتصاد السلوكي، وهو العلم الذي حظي باهتمام دولي كبير خلال السنوات القليلة الماضية.


واستعرض الدكتور محمد الكومي أهم ملامح وأساسيات علم الاقتصاد السلوكي، وكيف يمكن استخدام منهج التحليل الاقتصادي السلوكي في السياسات العامة وصياغة قرارات تحقق التنمية والأهداف المجتمعية من خلال دراسة سلوكيات الأفراد، وهو ما يشترط فيه أن تكون القرارات جاذبة واجتماعية.

وضرب الكومي العديد من الأمثلة لاستخدام هذا المنهج في حل مشكلات مجتمعية، مثل كسر إشارات المرور، أو الاستهلاك المرتفع للكهرباء في مناطق معينة، أو إهدار المياه، حيث يتم في مثل هذه الحالات تحديد النوازع السلوكية التي تؤثر على موقف الفرد وصياغة سياسات لحل هذه المشكلات بناء على الاعتبارات السلوكية للمواطنين.

وشرح الكومي أحد التجارب المطبقة في بريطانيا للحد من قيادة السيارات على الطرق العامة بسرعات مرتفعة، من خلال استخدام منهج التحليل السلوكي، حيث يظهر للسائق الملتزم بالسرعات المقررة "ايموشن" الوجه الضاحك أو ما يطلق عليه smile face، وإذا تخطى السائق السرعات المقررة يظهر له على الفور "ايموشن" آخر هو الوجه الغاضب أو sad face، وهنا يحصل المواطن على رد فعل فوري للسلوك الذي ارتكبه دون أن يكون هناك حاجة إلى انتظار تلقي المخالفات التي ارتكبها، وهنا يتم توجيه رسائل محددة للمواطنين تدفعهم إلى السلوك الجيد والبعد عن السلوك الخاطئ.

وأضاف أن مدينة كيب تاون عاصمة جنوب أفريقيا لجأت إلى نفس الأسلوب في تحسين سلوكيات المواطنين في استهلاك المياه، حيث تعاني جنوب أفريقيا من مشكلة مياه، وقد أدى ذلك إلى توفير 4 لتر من الاستهلاك اليومي لكل منزل، وهو أمر جيد جدا.

وقال الكومي إن ولاية كاليفورنيا الأمريكية طبقت هذا المنهج لتقليل استهلاك الكهرباء في المناطق ذات الاستهلاك المرتفع، حيث توضح للمنطقة معدلات الاستهلاك، ومن يتعدى هذه المعدلات يجد الوجه الغاضب على فاتورته، وهو دافع لتعديل سلوكه، وقد تم تطبيق ذلك على 290 منزل في الولاية، وكان له تأثير جيد على المديين القصير والطويل.

 

وأشار الدكتور الكومي إلى تجربة نفذتها وزارة التنمية المحلية في إحدى قرى الفيوم لتطبيق الشمول المالي، من خلال منظومة يطلق عليها "الاتحاد الائتماني"، وهى غير مطبقة بالشرق الأوسط وأفريقيا، وتعتمد على نظام يشبه "الجمعية" ولكنها لقرية بأكملها، يشترك فيها سكان القرية في وضع مبلغ مالي بهذا الاتحاد بشكل دوري وكل من يحتاج يأخذ من هذه الأموال ويردها، وهذه التجربة نابعة من دراسة سلوكيات المسلمين الذين يرفض الكثير منهم فكرة القرض البنكي، كما أن الفقراء يعفون كثيرا عن قبول الصدقات مهما ساءت ظروفهم، وتم إجراء هذه التجربة خلال الفترة من 2014 وحتى 2016 ونجحت بصورة كبيرة في تحسين حياة الفقراء الذين يبحثون عن مصدر تمويل لمشاريعهم دون اللجوء للاقتراض بالفوائد، خاصة وان فائدة المشروعات متناهية الصغير في مصر مرتفعة جدا تصل إلى 200%.

 

وأوضح أن العديد من الدول أنشأت إدارات ومراكز متخصصة للاقتصاد السلوكي، منها الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، واستراليا، ويجرى حاليا إنشاء إدارات وهيئات مماثلة في كل من لبنان، والسعودية، والهند، وقطر، مؤكدا أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك وحدة للتوجيه السلوكي في كل دول الخليج.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة