تعد إذاعة القرآن الكريم أقدم إذاعة
متخصصة في العالم بين إذاعات القرآن الكريم ، وهي رسالة ذات أبعاد ودلالات أقدمت
عليها مصر ، ومن أبسط دلالاتها إظهار الدور الحضاري والثقافي لمصر في محيطها العربي،
وقد انطلقت إذاعة القرآن الكريم في مثل هذا اليوم من عام 1964 .
أسباب إنشائها
في لفتة خبيثة مفادها التضليل والتحريف ظهرت في أوائل السيتينيات من القرن الماضي
نسخة مذهبة من المصحف الشريف ، طبعت على ورق فاخر وغلاف أنيق بها تحريفات مقصودة
لبعض الآيات، منها الآية 85 من سورة آل عمران حيث قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ
غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ" ، وتمت الطباعة مع حذف كلمة "غير" وهو ما يعطي
الآية عكس معناها تماماً ، وكانت هناك عدة تحريفات أخرى خفية ، لذلك طرحت هذه
الطبعة المحرفة رغم فخامتها بثمن رخيص .
علماء الأزهر ينتفضون
هب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووزارة الأوقاف وعلماء الأزهر الشريف للوقوف
على حل لمواجهة تلك الهجمة الخبيثة واستقر الرأي تسجيل أسطوانة برواية حفص عن عاصم
للقرآن الكريم كاملاً بصوت الشيخ محمود خليل الحصري وتوزيعها على كل المسلمين في
أنحاء العالم الإسلامي وكافة المراكز الإسلامية ، وكانت تلك الوسيلة هي الأفضل
التي استقر عليها الآراء مجتمعة ، وكانت تلك الإسطوانة بمثابة أول جمع صوتي للقرآن
بعد أول جمع كتابي له في عهد خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبي بكر
الصديق.
فكرة إنشاء إذاعة للقرآن الكريم
تبين بعد فترة من الوقت أن وسيلة طرح أسطوانة القرآن غير فعالة ولا تخدم الهدف
المنشود ، بسبب عدم الإمكانات المادية في بعض الدول الإسلامية في ذلك الوقت وعدم
توافر الطاقة الكهربية ببعض البلدان وعدم توافر أجهزة تشغيل الأسطوانة على نطاق
شعبي ببلدان أخرى ، وهذا ما دعا إلى البحث عن وسيلة مصرية لبث القرآن الكريم
يومياً لكل الشعوب الإسلامية ، حتى ظهرت فكرة إنشاء إذاعة متخصصة لذلك الغرض من
قبل وزارة الثقافة والإرشاد القومي وكان وزيرها الدكتور عبد القادر حاتم ، وقد طرح
الفكرة على الرئيس جمال عبد الناصر الذي أشاد بها وأعطى تعليماته بسرعة إنشائها ،
وفي الساعات الأولة من صباح الأربعاء 25 مارس 1964 بدأ إرسال الإذاعة لمدة 14 ساعة
يومياً .
حرصت إذاعة القرآن الكريم على أن يقدم القرآن الكريم كاملاً بتسلسل السور والآيات
كما هو مدون بالمصحف الشريف ، وكانت تلك أنجح وسيلة للحفاظ على القرآن من محاولات
تحريفه ، كما أضيفت فيما بعد الإبتهالات الدينية وبرامج عن السيرة النبوية كفواصل
بين التلاوات ، ومن أشهر قرائها الشيخ محمد رفعت وعبد الباسط عبد الصمد ومحمود
خليل الحصري ومصطفى إسماعيل ومحمد صديق المنشاوي وطه الفشني ومحمد عمران
والنقشبندي وغيرهم من مشايخ دولة التلاوة.