الأحد 16 يونيو 2024

الانتخابات الرئاسية علامة فارقة في ثقافة الديمقراطية وتحقيق الحلم المصري

فن26-3-2018 | 07:08

يتوجه المصريون اليوم "الاثنين" إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بكل الحرية والشفافية، فإن هناك من الشواهد والمعطيات ما يبشر بأن هذه الانتخابات ستكون لحظة فارقة في الثقافة السياسية المصرية وإسهاماتها في قضايا الديمقراطية بقدر ما تشكل ذروة مجد في تجسيد "الحلم المصري".

وبقدر ما يدوي الهتاف الخالد:"تحيا مصر" في المشهد المصري الراهن بقدر مايحمل رسالة أمل وإيماءة تبشر بحسم "المعركة على روح مصر" لصالح المصريين في مواجهة قوى باغية تستخدم في مخططات الشر جماعات إرهابية ظلامية بغية العدوان على روح مصر وثقافتها وتغيير هويتها ومسخ حقيقتها الحضارية.

وفيما تتردد عبارة "ثقافة الديمقراطية" فى خضم المشهد المصرى الحالي ناهيك عن المتغيرات في المشهد العالمي تبدو الثقافة الوطنية المصرية مدعوة لاسهامات جديدة على هذا المضمار في بلد يقول التاريخ "أنه عرف النظام السياسي لأول دولة في التاريخ ".

والانتخابات الرئاسية التي تنطلق اليوم تكتب تاريخا جديدا يضاف لسجل ثقافة الديمقراطية والتطورات الدستورية والكيانات النيابية بعد ثورة 23 يوليو 1952 واصدار دستور 1971 الذي طور من دعائم النظام النيابي الديمقراطي وصولالثورة 30 يونيو 2013 واقرار دستور جديد في الثامن عشر من يناير عام 2014 رسم قواعد بناء دولة ديمقراطية حديثة واعطى الفرصة للشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة بشكل كبير في الحياة السياسية كما جرت على اساسه انتخابات برلمانية شهد العالم بنزاهتها وشفافيتها وشكلت تطورا مهما في الحياة النيابية. 

ولن يكون من قبيل المبالغة القول بأن ما يعتمل الآن في أعماق مصر و"كتلتها الشعبية التاريخية" مع بدء الانتخابات الرئاسية التي تستمر جولتها الأولى ثلاثة أيام سيرسم صورة مصر ويحدد ملامح مشهدها العام لسنوات طويلة قادمة ليكون عام 2018 كما قيل بحق عاما حاسما في تاريخ ومستقبل هذا الوطن.

ففي هذا العام مصر تلتقي عوامل عدة وتتفاعل معطيات ثقافية وسياسية واجتماعية-اقتصادية لتؤسس صيغة جديدة مغايرة لصيغ الماضي لتصنع مرحلة أو حقبة جديدة بما يعيد للأذهان المصطلح الثقافي "العام الفارق أو الحاسم" في أدبيات الغرب التي تتناول أعواما حاسمة في رحلة المسير والمصير للأمم والشعوب الباحثة عن الغد الأفضل. 

وعلى سبيل المثال فثمة كتاب صدر بالانجليزية بعنوان :"1965: عام مولد بريطانيا الحديثة" يعتبر فيه المؤلف كريستوفر براي ان عام 1965 كان العام الذي ولدت فيه بريطانيا كدولة حداثية معاصرة وهو كتاب يجمع مابين التحليل السياسي والرؤى النقدية الثقافية والفنية في ذاك العام عند منتصف ستينيات القرن العشرين بغرض إثبات صحة فرضيته.

وتلعب "الكتلة الشعبية التاريخية" في أي مجتمع الدور الأكثر أهمية في مثل تلك اللحظات الفارقة والأعوام الحاسمة مثلما حدث في بريطانيا عام 1965 ويحدث في مصر عام 2018 ولا جدال أن ذلك كله يكون وليد تراكم طويل واختمارات ثقافية وحقائق اجتماعية ومعطيات اقتصادية تفضي لما يسمى بالحقبة الجديدة.

وجاء الإقبال غير المسبوق لتصويت المصريين في الخارج في الانتخابات الرئاسية ليشكل افتتاحية ماجدة لإرادة شعب عظيم عقد العزم على تجسيد أحلامه في الواقع وكتابة مستقبل جدير بمصر.

وقد تتغير التفاصيل باختلاف السنين على مر الزمن وتبقى "الكتلة الشعبية التاريخية" التي تخرج في أكثر اللحظات خطورة لتصنع تاريخ مصر بإرادتها الغلابة ومرة أخرى تنتظر مصر "كتلتها الشعبية التاريخية" التي خرجت بالملايين في الثلاثين من يونيو عام 2013 وحالت دون مؤامرة تفكيك الدولة الوطنية لتكتب ملحمة جديدة على طريق تحقيق الحلم المصري وتجسيده على أرض الواقع.

ولعل "الحلم الوطني العام بالدولة الديمقراطية الحديثة" يتشكل الآن في ثنايا هذا المشهد المصري الفريد والهتاف الخالد "تحيا مصر" حيث كل أطياف المجتمع المصري في الشوارع والميادين تؤكد أن "الوطن أولا" وتستظل بعلم مصر ولا تلوح سوى بهذا العلم الذي يثير حنق شراذم الخارجين على ثقافة الدولة الوطنية المصرية كأقدم دولة في التاريخ الانساني.

وهذا المشهد دال في الرد الشعبي المصري على أبواق الشر وفضائيات الفتن والتحريض التي تسعى لإجهاض إنجازات المصريين ومكتسباتهم منذ ثورتهم في الثلاثين من يونيو 2013 وحلمهم النبيل بصنع مستقبل مشرق وغد أفضل بالعمل التنموي الجاد والمنتج.

وإذ يتفق المثقفون المصريون على أن "الطريق لتحقيق الحلم المصري في الغد الأفضل مفتاحه التنمية والبناء" تقول الكاتبة والأديبة سكينة فؤاد :"رهاني لم ولن يهتز أبدا على ما يدركه ملايين المصريين من قيمة وأهمية الإدلاء بصوتهم الانتخابي" مضيفة أن الصوت الانتخابي "اختيار لحفظ مصر وسلامتها ونجاتها مما خطط لها باعتبار إسقاطها الجائزة الكبرى كما أطلقوا عليه في المخطط الاستعماري الجديد لتدمير المنطقة".

كما رأت سكينة فؤاد أن الصوت الانتخابي "اختيار لاستكمال ما يتم من مشروعات كبيرة تفوق قدرة الملاحقة والإحصاء لبناء مصر جديدة تمتد في وسع الصحاري وتبث الحياة في مناطق الأطراف" وهو أيضا "اختيار لرشد وأمانة إدارة ما تمتليء به مصر من ثروات بشرية وطبيعية وتحقيق ما طالب به المصريون من عيش آمن وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية" فيما أكدت على أن "الملايين الذين سيؤدون أمام صناديق الانتخابات مسئوليتهم الوطنية يعرفون أنهم يختارون كل هذا وأكثر منه لبلادهم". 

وهذه الانتخابات الرئاسية التي تبدأ اليوم هي لحظة فارقة في تاريخ مصر لأنها في جوهرها ستحسم المعركة التي استعرت حول "روح مصر" ومستقبلها فيما لم يتورع أعداء مصر والمصريين عن استخدام أشنع أساليب الدعاية السوداء " في تلك المعركة التي ستكون نتائجها مؤثرة بقوة في مشهد الاقليم والمنطقة ككل".

نعم هي مواجهة بين رهانات المستقبل وأشباح الظلام التي يرفضها ويحاربها شعب مصر العظيم بقدر ما تشكل هذه الانتخابات برهانا على مدى رغبة رجل الشارع في بناء وطن مستقر وآمن ودولة ديمقراطية حديثة قوية بقدر ماتتجاوب مع متطلباته واحتياجاته اليومية .

ويقول الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة :"حين ينظر الإنسان حوله يشعر أن الخروج إلى صناديق الانتخابات مسئولية وطنية" وأنه "حين نتطلع إلى تلك الإنجازات التي تحققت في كل مرافق الدولة يتأكد لنا أن الإنجاز ممكن وأن النجاح ليس أمرا مستحيلا وأن مصر تستحق مكانة تليق بها".

وأضاف :"نحن أمام مجتمع يعيد صياغة حياته من جديد ويرسم مستقبلا للأجيال المقبلة تتحقق فيها أحلامنا كشعب في الحرية والكرامة والرخاء" ، وتابع قائلا " إن المصريين سيخرجون إلى صناديق الانتخابات حتى يكملوا مسيرتهم في بناء مصر الجديدة..إن هذا الشعب الذي كان دائما أرضا خصبة للعطاء والرخاء والتقدم سوف يخرج حاملا أحلامه أمام العالم كله في أن يقدم صورة للإنجاز والإرادة".

والتفريط في الحلم الجامع لشعب ما يلحق أيضا أضررا فادحة بفكرة الديمقراطية ذاتها ويكرس انقسامات داخل المجتمع الواحد بحيث يكون لكل جماعة أو فئة حلمها الخاص والمتصادم مع الحلم العام تحت علم واحد في بلد واحد.

وفي كتابه:"الأرض المتصدعة" يتناول الكاتب باتريك فلانري معنى الحلم الواحد لمجتمع ما مثل المجتمع الأمريكي الذي توحد على حلم "الحرية والعدالة للجميع" وخطورة تفريط النخب في هذا الحلم لأن التكلفة المجتمعية تكون في هذه الحالة مريعة وتدفع برجل الشارع لليأس.

والحلم المصري الذى عبر عنه أحد الآباء الثقافيين المصريين وهو الغائب الحاضر جمال حمدان تجسد في قوله:"مشروعنا القومى ليس إلا بناء مصر القوية العزيزة الكريمة فى الداخل والخارج..مصر القوة والجمال أما الجمال فهو عزة الإنسان المصرى فى دولته القوية".

وهناك العديد من الكتب والكتابات التي تتحدث عن لحظات مفصلية في تاريخ الأوطان وأهمية اتخاذ قرارات حاسمة في لحظات بعينها بينما الواقع يكشف عن أن الثقافة السياسية المصرية مدعوة لمزيد من البحث والإسهام في سبل تحقيق الحلم الوطني المصري للتقدم وصياغة آليات لتجسيد هذا الحلم في الواقع اليومي برؤية مستقبلية قابلة للتحقيق ومجاوزة للواقع ذاته مع الدراسة العميقة لمحمولات وعمق الخطابات" في عصر الثورة الرقمية وتحدياتها واستحقاقات ومتطلبات اقتصاد المعرفة في القرن الواحد والعشرين .

ومن المنظور الثقافي التاريخي فإن العقل المصري المتمسك بثوابته الدينية كان دوما منفتحا على متغيرات الزمان ويأبى الانغلاق مدركا أن عنصر المكان أو المعطيات الجغرافية لموقع مصر ذاتها لا تسمح بمثل هذا الانغلاق أو الإقامة المستديمة في الماضي، كما أن مصر لا يمكن أن تقف عاجزة عن الإجابة عن قضايا العصر والمشاركة الفاعلة في ثورة العلوم والتكنولوجيا.

وبقدر ما حمل الهتاف الخالد :"تحيا مصر" رسالة أمل في الثقافة السياسية المصرية ورفض الشعب المصري للفاشية المتسترة بشعارات دينية والاستسلام لقوى الهيمنة ومخططات تزييف الوعي والتاريخ فإن الانتخابات الرئاسية اليوم تعيد للأذهان أهمية "الاصطفاف الوطني".

في قلب قصة وطن وفي فاتحة الانتخابات الرئاسية يبقى حلمنا المصري متوهجا وتبقى مصر وطنا يتعلم منها العالم صنع الأحلام النبيلة كما تعلم منها عبر التاريخ الحب والحكمة..فتحيا مصر..تحيا مصر الخالدة وقد عقدت العزم على تحقيق حلمها في بناء الغد الأفضل والإجابة على أسئلة حاضرها ومستقبلها وتحديات زمنها تحت علمها.